كتبت – نشوى الحفني :
في خطوة جديدة من جانب تركيا لمحاربة “حزب العمال الكردستاني”، أعلن مسؤول تركي رفيع المستوى، الاثنين 8 آيار/مايو، عزم بلاده بناء جدار خرساني على الحدود مع إيران “لمنع هجماته”.
صحيفة “حرييت ديلي نيوز” التركية نقلت على موقعها الإلكتروني عن المسؤول قوله إن حزب العمال لديه عدد يتراوح من 800 إلى ألف مسلح “في مخيمات ماكو ودامبات ونافور وكوتر وكاناراش وشاهيدان داخل الأراضي الإيرانية”.
وأضاف المسؤول، الذي لم تكشف الصحيفة عن هويته، أن مسلحي الحزب يشنون هجمات في تركيا ومن ثم الهروب إلى تلك المخيمات أثناء العمليات الأمنية التركية في مدينة “آغري” ومنطقة “جبل تندوريك” شرقي البلاد.
موضحاً أن تركيا ستقوم ببناء جدار خرساني كإجراء احترازي على طول الحدود المتاخمة لمدينتي “آغري” و”أغدير” مع إيران بطول 70 كيلو متراً مزود بأبراج وكاميرات للمراقبة وأسلاك شائكة إلى جانب نصب إنارة على طول الحدود.
موضحاً إنهم قاموا في السابق بتفجير قنبلة في طريق مزدحم بالقرب من طريق كان سيقام فيه موكب عسكري على الطريق السريع “ايلازيغ – تونسيلي”. وتم العثور على القنبلة وتم تفكيكها. “سنراقب هذا الطريق السريع بالكاميرات على مدار 24 ساعة في اليوم”.
مشيراً إلى أن قوات الأمن التي تقوم بعمليات ضد حزب العمال الكردستاني وتنظيم داعش يحتاجون إلى رفع المعنويات.
إيران ترحب بشرط الإعلام..
علي الجانب الإيراني، صرح مسؤول في الخارجية الإيرانية الثلاثاء 9 آيار/مايو، بأن بلاده لا تعارض بناء جدار على الحدود المشتركة بين إيران و تركيا، ولكن ينبغي إعلام إيران في حال اتخذت أنقرة قراراً بذلك، مؤكداً على أنه “من حيث الأساس فنحن لا نواجه أي مشكلة بأن تتخذ تركيا إجراءات جديدة لأسباب أمنية على الحدود المشتركة”.
موضحاً أن: “سيؤدي بناء الجدار إلى الحول دون تهريب ما تعادل قيمته ملياري دولار من المنسوجات والألبسة إلى إيران”، مؤكداً على أن “الجمهورية الإسلامية تشجع أيضاً تنفيذ هذا الإجراء سريعاً لمنع دخول البضائع المهربة إلى إيران”.
التخوف من التهديدات هو السبب..
الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإسترتيجية والمتخصص في الشأن التركي دكتور “محمد عبد القادر” يوضح، لـ(كتابات)، أن تركيا لديها تهديدات واضحة من جانب “حزب العمال الكردستاني”، وتنظر إلي الحدود بنظرة جدية منذ أن بدأ الحزب منذ عام 1984 باستخدامها هي والمناطق الجبلية، خصوصاً المناطق المشتركة بين تركيا وإيران وتركيا وسوريا وتركيا والعراق، لشن هجماته بين الحين والآخر علي تركيا، ودائماً ما كانت تركيا تلقي باللوم علي القوات الإيرانية، فقامت بالربط بين قيام هذا الحزب والقيام بالعمليات الإرهابية.
مضيفاً “عبد القادر” أن الهدف من إنشاء هذا الجدار هو الحد من عمليات التسلل سواء من عناصر إرهابية أو أي عمليات تهريبية أخري تتم من خلال الحدود المشتركة بين البلدين.
العلاقات الوثيقة مصدر الترحاب..
موضحاً أن مصدر الترحيب من الجانب الإيراني يأتي نتيجة العلاقات الوثيقة بين البلدين وما هو متعارف بينهما بعيداً عن النزاعات السياسية، فتعتبر تركيا بوابة إيران للشمال الأوروبي، وبالمثل تعتبر إيران بوابة تركيا للجنوب الآسيوي.
رفض استقطاع أجزاء من أراضيهم..
مدير مركز طيبة للدراسات والأبحاث “د. خالد رفعت”، يلفت، في حديثه لـ(كتابات)، إلى أنه توجد حروب وأزمات مشتركة بين الأكراد وكل من تركيا وسوريا والعراق وإيران، وهم جميعاً يرفضون استقطاع اجزاء من أراضيهم بعد المحاولة الأخيرة التي قام بها الأكراد الشهر الماضي برفع العلم الكوردستانى على المنشأت الحكومية بالعراق، خطوة منهم لإعلان استقلال الإقليم.
مشيراً إلي أن موافقة إيران ترجع بالأساس إلى العلاقات الإقتصادية بين البلدين حيث تعتبر تركيا هي ثالث أكبر وجهة للصادرات الإيرانية بنسبة تصل إلى 8.4 في المئة، في حين أن تركيا هي رابع أكبر مستورد للواردات الإيرانية بنسبة تصل إلى 4.6 في المئة من الواردات الإيرانية. وبحسب المفوضية الأوروبية فإن إيران هي خامس أكبر شريك تجاري لتركيا.
وكانت تركيا قد أنهت في شباط/فبراير الماضي عملية بناء النصف الأول من جدار خرساني مع سوريا يهدف إلى “تعزيز الأمن في الجانب التركي” ومنع تسلل الأفراد المنتمين لتنظيم “داعش” إلى الأراضي التركية.
نشأة العمال الكردستاني..
يذكر أنه قد تأسس حزب العمال الكردستاني “بي. كاي. كاي” (PKK) في 27 تشرين ثان/نوفمبر 1978 بطريقة سرية على يد مجموعة من الطلاب الماركسيين غير المؤثرين في الساحة السياسية الكردية، بينهم “عبد الله أوجلان” الذي اختير رئيساً للحزب، لكنّ عدد عناصر الحزب تجاوز في التسعينيات عشرة آلاف مقاتل.
ومن أهدافه الجوهرية التي أعلن عنها في البداية “إنشاء دولة كردستان الكبرى المستقلة”.
ورغم توجهه اليساري فإنه لم يحصل – بحسب مصادره الخاصة – على تمويل من المنظومة الاشتراكية، بل اعتمد في تمويل عملياته وإعداد مقاتليه على مصادره الخاصة. وتتهمه الأوساط التركية بأن تمويله مشبوه وغير شرعي.
وهو مدرج على قائمة المنظمات “الإرهابية” في الولايات المتحدة وتركيا والاتحاد الأوروبي، فيما يعتقد زعيم الحزب أن السبب الوحيد لوضع اسم المنظمة على قائمة المنظمات “الإرهابية” هو المصالح الاقتصادية والسياسية لتركيا مع الدول الغربية.
حمل الحزب السلاح ضد السلطة التركية في العام 1984، وشهد عقدا الثمانينيات والتسعينيات أكثر فترات الصراع الدموي بين الأكراد والجيش التركي الذي قام بتعقّب المسلحين، واتُّهم بتدمير آلاف القرى الكردية وتهجير العديد من الأسر إلى تركيا. وتذهب بعض الإحصاءات إلى أن مجموع من قتلهم المسلحون الكرد يبلغ أكثر من 45 ألف شخص شخص.
ولم تقتصر عمليات مسلحي حزب العمال العسكرية على الجيش التركي بل شملت مدنيين أتراكاً وكرداً، خصوصاً من المتعاونين مع الحكومة التركية، كما شملت بعض السائحين الأجانب. وقد وجهوا ضرباتهم لبعض المصالح التركية في البلدان الغربية.
ويتبع الحزب كل من “حزب الحياة الحرة الكردستاني” في كردستان إيران و”حزب الاتحاد الديمقراطي” في كردستان السورية و”حزب الحل الديمقراطي الكردستاني” في كردستان العراق. وهي جماعة مسلحة رغم اسمها، ويمثلها حزب سياسي في تركيا منذ 2008 يسمى “حزب السلام والديمقراطية”.