23 ديسمبر، 2024 5:36 م

يبدو من اتجاهات الأزمة العراقية الحالية أنها في الظاهر سياسية وفي الباطن شخصية جدا، لها علاقة مباشرة باسرار اتصالات وتوافقات حزبية لم تصل الى مدياتها الحقيقية بسبب تدخلات جانبية ونصائح ملغومة، بدأت من محاولة رئيس الوزراء نوري المالكي تشكيل حكومة موسعة بالاتفاق مع زعيم القائمة العراقية اياد علاوي بوصفهما حصدا الغالبية المطلقة من الأصوات البرلمانية، لكن انتظار الأخير نصائح من جهات معينة أفشل هذا المشروع، الذي لو كان قد ولد لانطوت صفحة المحاصصات والتوافقات.
ويرى المراقبون بأن اجهاض مشروع المالكي في مهده له تأثير مباشر على موقفه من القائمة العراقية بشكل عام وعلاوي على وجه الخصوص، على خلفية انعدام الثقة وغياب فرص التوافق وتقاسم الأدوار أيضا، لذلك لا توجد حلول سياسية لآزمة بابعاد شخصية، فكل طرف يحمل على الأخر ضغينة باشكال متعددة، اضافة الى أن واشنطن،  التي لعبت دائما دور ” الناصح غير الأمين”، تركت الأمور تأكل بعضها لتزداد تعقيدا وانفجارا، منذ أن سربت معلومات مخابراتية تقول فيها انها ليست من المدافعين عن منح علاوي رئاسة الوزراء.
وظلت النار تحت الرماد منذ ذلك الحين، مع محاولات للتهدئة ليست جميعها خالصة النية للاصلاح وتنقية الأجواء، فمثلما هناك خصوم غير معلنين لاياد علاوي يوجد ايضا غرماء للمالكي مقربين وايضا غير محسومي الولاء، لذلك تنوعت سيناريوهات ما بعد عودة المالكي من واشنطن، والتي وصلت حد التفكير بأن الأخيرة قد اعطته الضوء الأخضر لتصفية خصومه السياسيين، على اعتبار أنه لا يوجد شركاء في العملية السياسية ، بل قوى متصارعة فيما بينها، علما أن واشنطن حذرت المالكي من ذلك، لكن سوء النية الذي يتحكم بعقلية أغلب السياسيين يزيد دائما من تقليب المواجع، مثلما يجري مع انقرة حاليا ، حيث كل ما يعارض مزاجيات بعضهم يشكل تدخلا في شؤون العراق، وكأن الأخير دولة مستقلة بسيادة تامة، يوظفها البعض للضحك على الذقون لا أكثر، حيث لا يزال العراق محكوما بارادة الأمم المتحدة وبندها السابع.
يقولون أن الأمور مرشحة للحل بسبب الحرص على المصلحة الوطنية، وكأنهم يريد المزيد من استغفال شعبهم، فلو كانت هناك رغبة حقيقية لانقاذ العراق، فلماذا تتم شخصنة المواقف بمزاجية متعكرة دائما، ومع ذلك يتحدثون بشغف عن فردية قرار الأمس، مع أن العقلاء يعرفون جيدا بأننا في نفس الطاس والحمام، المسؤول يتخذ قراره بنفسه والمستشار يقرأ مزاجية المسؤول فيقول ما يناسب مسامعه، أما مستقبل العراق فهي قضية غير ملحة على الأطرق لأن سياسيي الصدفة لم يحلوا مشاكلهم بعد، هزلت ورب الكعبة.
وبين كل هذه الالغام المتفجرة في كل منعطف سياسي، فان عدم تشخيص المرض القاتل يلغي الحاجة الى مسكنات منتهية الصلاحية أصلا، لأن كل طرف يريد تمرير ما يراه مفيدا لمصالحه الحزبية والطائفية والعرقية ، بعيدا عن الرغبة الحقيقية في انقاذ العراق وأهله من محن اضافية وقودها الناس والمستقبل، وهي أم الداء في العراق، ما يعني ان المؤتمر المنتظر لن يكون أهم من دائرة اربيل المستديرة، التي ما زالت مربط الفرس في كل التجاذبات السياسية وستبقى لامد غير معلوم، لأن أحدا لن يقول الحقيقة كاملة
وفي واقع لا وجود فيه للنقاهة السياسية ولا البحث عن حلول صادقة ومقبولة تترفع عن النرجسيات الذاتية، فانه من الظلم ان تقولب مشاكل العراق وأهله بخلافات شخصية وحزبية، فيها من الانانية الذاتية ما يقضي على أي أمل في النجاح، وهو أمر متراكم قضى على أي أمل في التقدم مع نفس الوجوه، ما  يستدعي مؤتمرا شعبيا عراقيا  يقول كلمته الفصل في هذه الأزمة بوصفه  المتضرر الأول منها، بعد سنوات عجاف لم يحصد فيها الا الخوف والقلق وتخريب الممكن من أخوة العراقيين، لأن العراق ابتلي بسياسيين ينظرون الى مصلحة البلاد والعباد من ثقب باب نزواتهم الشخصية والايغال في أكل السحت، بعيدا عن اي اهتمام باستمرارنزف دم العراقيين الطاهر، الذي سيقض عليهم المضاجع أجلا ام عاجلا، لأن  غالبيتهم تعدت حدود الله في العراقيين ، يالسوء الطالع.
رئيس تحرير ” الفرات اليوم
[email protected]