19 ديسمبر، 2024 6:12 ص

مرت 9 سنوات على مخاض ما تسمى بالعملية السياسية في العراق ولم تتغير قناعات المتصارعين فيها قيد أنملة،  لا بل تزداد الأمور سوءا مع توقيتات انسحاب ” ابو” هذه العملية، التي ولدت من رحم لا ينقصه من الأمراض شيئاا، لذلك أزهقت الارواح البريئة وتوترت العلاقات الاجتماعية والانسانية ، وتهددت وحدة البلاد من اجل سواد عيون سياسيين لا يعرفون طريقة غير الغدر وسيلة لتنفيذ مآربهم.
لا نعرف هل هم شركاء في عملية سياسية أم أعداء بسبب مصالح أو عقد نفسية، مثلما لا نعرف من هو القائد وكيف وصل والى أين يمضي، بدليل ان البلاد تحترق امنيا وسياسيا ورئيس الجمهورية” يشتي ويحتفل ” باعياد الميلاد ورأس السنة في السليمانية.
اما رئيس الوزراء نوري المالكي فقد فتح الأبواب امام مفاجات لن تكون سارة له أولغيره،طالما ان فكرة التفضل على هذا أو ذاك في المنصب والامتياز تعيش في عقول كثيرين، ما كانوا ليبقوا في ” عروشهم” لولا مفهوم الشراكة، التي هي أقرب الى النفاق من اي شيء أخر، والتي حددث   شكل وقيادة الحكومة، وسيبقى الحال من بعضه طالما لم تنضح بعد في اذهان الجميع فكرة التداول السلمي للسلطة ، و ان الكرسي لم يعد حقا شرعيا لأحد، رغم ان زعيم الحزب بات ديكتاتوريا ورئيس الكتلة يجد نفسه الأكثر نرجسية وذكاءا ومناورة.
لا توجد عملية سياسية في العراق ، بل مخادعات ومماحكات لتمشية الأمور،  والبقاء أطول فترة ممكنة في السلطة لجمع المال لا أكثر، لأن أحدا من سياسيي ” الصدفة ” في العراق لا يعير اهتماما للشعب ومواجعه الكثيرة، بدليل ان المشاغبات السياسية دائما ترمي حملها على ظهر العراقيين، وما حدث الخميس لن يكون خاتمة السوء، لأن ذات السياسيين وبمختلف مشاربهم يفضلون العيش في الأزمات لأنها تغطي على فشل كبير يعيشونه في دواخلهم.
واذا كانت العملية السياسية بمفهومها الضيق قد أنجبها الاحتلال الأمريكي وجملها ورشقها في سنوات طويلة كان هو الراعي لها ، فانه قد حان وقت التخلص من هذا العبء الثقيل برحيل الاحتلال،  فالذي يولد خطأ يبقى اعوجا،  وهو ما يمثله الواقع السياسي في العراق ، الذي ظل يعاني من الصحة” المعلولة”، حيث تبين للعقلاء  ان الانفراج لم يكن الا وهما كما هو الحمل بالاساس، وأنه من العبث استمرار المراهنة على الأوهام، خاصة وان قيادة بلد مثل العراق لا تتم عن طريق مجاملات أو ” وغمز ولمز” بل عبر قيادة تعرف حجمها،  وتمتلك كاريزميا التأثير والاقناع ، بعيدا عن التخويف أو الوعيد وحمل الوردة بيد والخنجر بالاخرى.
اذا كان الشعور السائد لدى أغلب السياسيين العراقيين بانهم خدعوا أو غرتهم الامتيازات،  فدخلوا عملية سياسية غير واضحة المعالم، مثلما اشار اليه ضمنا رئيس الوزراء وغيره، فلماذا يبقى الانتظار على التل هو أقصر الطرق، ولماذا يبقى الهاجس الأمريكي الأقرب الى الذات، ولماذا لا تكون عملية سياسية روحها وهدفها حماية العراق وأهله، لا مجاملة هذا أو ذاك، بحيث تكون حكومة ومعارضة على نفس القدر من التحدي، لأن التوافقات كسرت ظهر العراق وحولته الى وسيلة ايضاح يتم بها تخويف الآخرين، وان استمار تحالفات ” الحاجة” لن تزيد الأمور الا تعقيدا، كما أن نصب المكائد وتلفيق التهم وجدل التخوين والفشل،  هي عناوين مخجلة عندما يكون المستهدف منها مزاج الشارع العراقي ودفعه باتجاه العنف الطائفي من جديد، وبما يسر كل أعداء العراق، الذي مع الأسف يعتقد بعض سياسيي العراق ان فيهم أصدقاء، بحكم نمو مصالحهم وأهدافهم في ذات  الرحم المريض.
شاكر الجبوري
رئيس تحرير ” الفرات اليوم”
[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات