مع تصاعد العنف في العراق منذ انسحاب القوات الأمريكية، يتزايد القلق حول مبيعات الأسلحة الأمريكية لحكومة العراق وعما إذا كان تراكم الأسلحة يمكن أن يستخدم في تأجج التوتر الطائفي في البلاد. وهناك 150 عسكريا أمريكيا لا يزالون في العراق لتسهيل مبيعات الأسلحة الأميركية وتدريب القوات العراقية على استخدامها. ويتأتى القلق والمخاوف لدى بعض محللي الدفاع الاميركان من المسعى الواضح لرئيس الوزراء نوري المالكي لتعزيز سلطته منذ انسحاب القوات الأمريكية. ويرى اؤلئك المحللون أن من الممكن تصور استخدام الأسلحة التي تم شراؤها من الولايات المتحدة ضد خصوم المالكي السياسيين وشعب العراق.
وتقول ماريسا كوشران سوليفان، نائب مدير معهد دراسة الحرب في واشنطن: “إذا سارت الأمور بشكل سيء حقا في اتجاه واحد، فهناك احتمال أن الولايات المتحدة قد تقرر” عدم تسليح وتدريب حكومة تفعل أشياء معينة”.
وأضافت سوليفان أن “الأكراد في العراق، مثلا، والذين يسيطرون على منطقة الشمال الغنية بالنفط، “يشعرون بقلق بالغ إزاء مبيعات الأسلحة الذاهبة إلى قوات الأمن العراقية، إذ يراودهم قلق بالغ إزاء احتمال أن توجه تلك الأسلحة ضدهم.”
وقلل مسؤول عسكري أميركي كبير لا يزال في العراق، تحت رعاية وزارة الخارجية، من مثل تلك المخاوف قائلا إن ضمانات وضعت لمنع نتيجة كهذه، إذ أن جميع المبيعات العسكرية تشمل عمليات مراقبة “للتأكد من أن الحكومة العراقية ليست في حالة انتهاك لحقوق الإنسان”.
واضاف اللفتنانت كولونيل جيفري كلاين، النائب العسكري لمكتب التعاون الأمني في السفارة الأمريكية بالعراق إن الجيش الأمريكي يعي جيدا الاعتبارات الإنسانية التي تصاحب مبيعات الأسلحة الأميركية إلى العراق، مؤكدا “من الواضح أننا لن نفعل أشياء أو نبيع أشياء ستكون مناقضة لمصالح الولايات المتحدة أو تخلق مشاكل جيوسياسية في المنطقة”.
ويقول المسؤولون الأمريكان إن الضمانات التي وضعت جاءت لتحقيق هذه الغاية. فأي مبيعات تفوق قيمتها الخمسين مليون دولار أمريكي تتطلب إخطار الكونغرس وعمليات مراقبة لما بعد البيع من قبل الـ 150 عسكريا أميركيا الذين مازالوا في العراق. وقال كلاين: “نحن لا نلقي بالأسلحة هناك لاستخدامها في أي مكان”.
وتبدو مهمة الـ150 عسكري أميركي الذين لا يزالون في العراق اقرب لمهمة الباعة، لمساعدة المسؤولين العراقيين على شراء أسلحة أمريكية الصنع ودبابات لقوات الأمن العراقية. ولكن مهمتهم ستتغير، إذا كانت أعمال العنف ستزج العراق في أزمة.
من جهته يقول اللفتنانت كولونيل توماس هانسون، المتحدث باسم مكتب التعاون الأمني في السفارة الأمريكية في العراق والذي ما زال في بغداد أيضا ان “عمليات المراقبة لما بعد البيع تجري للتأكد من أن الحكومة ليست في حالة انتهاك لحقوق الإنسان، وكل ذلك تم اتخاذه مع حكومة العراق، وسيتم اتخاذه في كل مرة نقوم بعملية بيع.”
وأضاف هانسون ان مكتب التعاون الأمني يقوم أيضا بعمليات تفتيش مفاجئة للتأكد من ان المعدات الحساسة، بما فيها نظارات للرؤية الليلية، لا يساء استخدامها ولا يجري تحويلها لأغراض شريرة”، وأشار إلى انه بالنسبة للامتثال التقني من قبل الحكومة العراقية “ليس لدينا أي مشاكل حتى الآن”، بحسب تعبيره.
ويوظف مكتب التعاون الأمني في السفارة الأمريكية في بغداد 760 متعاقدا يعلمون على المعدات ويساعدون في التدريب.
هناك أيضا الحجة القائلة بأن الولايات المتحدة يمكن ان تستخدم المبيعات العسكرية كورقة مساومة مع وسطاء سياسيين عراقيين، وذلك بعد أن انحسر نفوذ الولايات المتحدة في العراق بعد انسحاب قواتها.
وتولي الحكومة العراقية اهتماما خاصا بالحصول على طائرات مقاتلة من طراز F – 16. وخلال زيارة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى واشنطن في وقت سابق من الشهر الماضي، أعلن الرئيس أوباما عن بيع 18 من تلك الطائرات إلى الحكومة العراقية في أعقاب عملية البيع السابقة، ما يجعل المجموع يبلغ 36 طائرة مقاتلة. من المقرر أن الشحنات الأولى من الطائرات ستصل في العام 2014.
وقالت سوليفان ان مبيعات الأسلحة “يمكن أن تكون أحد السبل لكسب بعض النفوذ من قبل رئيس الوزراء”. ويمكن أيضا أن تشجع مبيعات الأسلحة الأكراد- الذين يعتمد دعمهم للمالكي حاليا على الحفاظ على أغلبيته البرلمانية- على القيام بدور نشط في عملية تقويض التوترات الطائفية.
ويتعلق السؤال الان بما سيفعله المالكي، وقوات الأمن العراقية، بالأسلحة التي لديهم سلفا. ومنذ مذكرة الاعتقال ضد نائب الرئيس، ومطالبة المالكي بسحب الثقة عن نائبه صالح المطلك تدهورت حالة الأمن. وقالت سوليفان “أنا لا أعتقد أن أحدا توقع أن ينهار الوضع بهذه السرعة، وسنرى إلى أين تسير الأمور.”
عن صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية. ترجمة وإعداد كتابات