أقاليم سنية .. شيعية .. كردية .. ناقوس خطر تفتيت العراق !!

أقاليم سنية .. شيعية .. كردية .. ناقوس خطر تفتيت العراق !!

لا صوت يعلو الان في العراق على صوت الاقاليم في بلد تعصف به خلافات سياسية ادخلت الساحة السياسية في نفق مظلم وسط تراشق الاتهامات بين الفرقاء السياسيين والمخاوف ألامنية مع اقتراب موعد اكتمال الانسحاب الاميركي من هذا البلد بنهاية العام الحالي وحيث المخاوف سادئدة من التوجه نحو أنشاء أقاليم طائفية وقومية أججت مخاوف وانتقلت بها من الهمس والشكوك الى العلن والواقع.
فمنذ أيام وحديث العراقيين كلهم مواطنون وسياسيون ومسؤولون لا حديث لهم وبينهم غير الدعوات التي اطلقتها مجالس محافظات سنية العرب قبل ايام لانشاء اقليم في محافظة صلاح الدين تبعتها دعوات اخرى من محافظات سنية ايضا مثل الانبار ونينوى وديالى الامر الذي اجج مخاوف من عودة الاصطفاف المذهبي والاحتقان الطائفي في العراق بين الشيعة والسنة في وقت تستعد فيه القوات الامريكية للانسحاب الكامل من البلاد .
والمثير في الامر ان اعلان مجلس محافظة صلاح الدين قد حظي بتأييد عشائري واسع سواء في المحافظة او في محافظات اخرى ذات اغلبية سنية. وجاء الاعلان بعد ايام قليلة من حملة شنتها قوات امنية عراقية تم خلالها اعتقال المئات من الاشخاص في انحاء متفرقة من البلاد من ضمنها محافظة صلاح الدين مسقط رأس الرئيس العراقي السابق صدام حسين . وتقول الحكومة المركزية ان الحملة استهدفت بعثيين وضباطا في الجيش العراقي السابق كانوا يخططون للانقلاب على العملية السياسية في العراق واسقاط نظام الحكم القائم بعد رحيل القوات الامريكية.
وتزامنت حملة الاعتقالات مع اجراءات قامت بها وزارة التعليم العالي طالت العشرات من اساتذة جامعيين من جامعة صلاح الدين قالت الوزارة انهم بعثيون سابقون وانهم مشمولون باجراءات هيئة المساءلة والعدالة التي حلت محل هيئة اجتثاث البعث وهي هيئة تم انشاؤها بعد الغزو الامريكي للعراق هدفها ضمان عدم مشاركة كبار البعثيين في المناصب الحكومية.
وتسببت الحملتان في غضب شعبي كبير ليس في محافظة صلاح الدين بل ومحافظات اخرى ذات اغلبية سنية.
والدعوات الجديدة للاقاليم تسير على خطى اخرى سبقتها في الشمال الكردي الذي اعلنت ثلاث محافظات منه هي اربيل والسليمانية ودهوك اقليم كردستان العراق في عام 1991 الذي استطاع من خلال تمتعه بنوع من الاستقلالية ان يقدم نموذجا من الاستقرار والازدهار لبقية المناطق العراقية يشجعها على السير على ذات النهج. 
فبعد ان اعلن مجلس محافظة صلاح الدين (175 كم شمال غرب بغداد) الخميس تحويلها الى اقليم مستقل اداريا واقتصاديا فقد هدد محافظا نينوى ( 375 كم شمال بغداد  ) والانبار (110 كم غرب بغداد) وهي محافظات تسكنها غالبية سنية بأتخاذ اجراء مماثل لما يقولان انها ممارسات تعسفية تمارسها الحكومة المركزية في تهميش محافظاتهما وحرمانها من المخصصات المالية الضرورية لتنميتهما وتشغيل العاطلين فيهما اضافة الى احتجاجهما على حملة الاعتقالات التي تشهدهما منذ ايام والتي تنفذها قوات تابعة للحكومة وبدون التنسيق مع مسؤولي المحافظتين ضد ضباط في الجيش العراقي السابق وقياديين في حزب البعث يتم نقلهم الى العاصمة بتهمة الاعداد لانقلاب عسكري بعد انسحاب القوات الاميركية من البلاد بنهاية العام الحالي والذين وصل عددهم الى 615 بحسب تأكيدات لرئيس الوزراء نوري المالكي. 
ثم تطور الحال الى دعوات لتشكيل اقليم موسع يضم محافظات نينوى والانبار وصلاح الدين يضاف اليه محاظتي كركوك (255 كم شمال شرق بغداد) وديالى (65 كم شمال شرق بغداد) .. 
وفي المقابل واثر هذه التهديدات فأن استعدادات تجري حاليا لعقد اجتماع لمجالس المحافظات الجنوبية البصرة (  550 كم جنوب بغداد) وميسان (365 كم جنوب بغداد) وذي قار (375 كم جنوب بغداد) والمثنى (160 كم جنوب بغداد)وهي محافظات تقطنها اغلبية شيعية ساحقة وذلك ويمكن ان يضاف اليها في وقت لاحق محافظتا النجف (160 كم جنوب بغداد) وكربلاء (110 كم جنوب بغداد) لبحث انشائها “اقليم الجنوب” ليضم هذه المحافظات الست . وكانت محافظة البصرة قد طالبت فعلا خلال الاعوام الثلاثة الماضية بتحويلها الى اقليم واجرت استفتاء شعبيا حول ذلك لكنه لم يفز بالاغلبية المطلوبة . 
يذكر ان العراق يضم 18 محافظة منها ثلاث كردية في شمال البلاد هي اربيل والسليمانية ودهوك شكلت فيما بينها اقليم كردستان العراق الذي يحكمه الاكراد منذ عام 1991. ومعلوم ان هناك نزاعات بين محافظات عدة حول اراض اقتطعها منها النظام السابق وضمها الى محافظات مجاورة حيث تطالب تلك المحافظات بأعادتها اليها بأعتبارها جزءا منها تاريخيا واداريا.
وقد واجه رئيس الوزراء نوري المالكي اعلان محافظة صلاح الدين اقليما برفض عبر عنه في تصريحات تبثها حاليا قناة العراقية الحكومية حيث انتقد مجلس محافظتها لاتخاذه القرار وقال ان أعضاء سابقين في حزب البعث المحظور الان الذي كان يتزعمه صدام حسين يريدون استخدام المحافظة ملاذا آمنا. وأضاف ان الفدرالية قضية دستورية ومجلس محافظة صلاح الدين ليس له الحق في ان يتخذ قرارا في هذه القضية وسترفض الحكومة بالتأكيد قرار مجلس المحافظة الذي اعلنه الخميس الماضي . واشار الى ان البعثيين يريدون دعم الاستقرار في المحافظة حتى يمكنهم استخدامها نقطة انطلاق لعملياتهم في محافظات ديالى وكركوك والموصل وبغداد.
لكن رئيس مجلس محافظة صلاح الدين سبهان ملا جياد عبر عن استغرابه لرفض المالكي طلب إقامة الإقليم وقال أن المحافظة كانت تتمنى على الحكومة المركزية أن لا تعارض نصوص الدستور وأن تحمي حقوق الناس كي لا يطالبوا بالأقاليم . ورفض اتهام المالكي لمحافظة صلاح الدين بانها حاضنة للإرهاب وأن إقليمها طائفي” معتبرا هذه التصريحات “غير دستورية وليس لها مبرر”.
لكن الدعوات الاخيرة للاقاليم تمت مواجهتها بمعارضة شديدة من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وهو شيعي الذي وصفها بانها محاولة لانشاء منطقة تحمي البعثيين وحزب البعث المحظور في العراق بموجب الدستور العراقي .. وحذر مشددا على “ان هذا الاقليم لن يرى النور.” لكن رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي وقف ضد معارضة المالكي مؤكدا خلال
 مؤتمر عقد في مبنى البرلمان وحضره العشرات من شيوخ عشائر محافظات ذات اغلبية سنية بانه ليس من حق اي جهة حكومية كانت او برلمانية “الاعتراض او اعاقة” تحويل اي محافظة الى فيدرالية. ومن جهتهم اشار شيوخ العشائر الى ان سياسات الحكومة المركزية في التهميش والاقصاء هي السبب الذي يدفعهم للتفكير واللجوء الى خيار اقامة الاقليم.
وكان العراق قد مر بمرحلة شديدة القسوة من الاقتتال الطائفي الدموي حيث تسببت تلك المرحلة التي هدأت جذوتها كثيرا الان بمقتل عشرات الاف من العراقيين وخاصة عامي 2006 و2007 لكنه يخشى الان ان تؤدي هذه الدعوات الى احياء جذوة الطائفية في العراق في وقت بات فيه الانسحاب الامريكي من البلاد وشيكا فيما لازالت البلاد تشهد عمليات مسلحة بين الحين والاخر يذهب ضحيتها الكثير من الابرياء. 
وينتظر الان ان يقوم مجلس الوزراء بارسال طلب محافظة صلاح الدين الذي بعث به اليه بداية الشهر الحالي الى مفوضية الانتخابات خلال 15 يوما من تاريخ استلام الطلب بحسب القانون.
وكانت مفوضية الانتخابات العراقية اعتبرت ان اعلان اقليم صلاح الدين لا يعني أن المحافظة قد شكلت إقليما وإنما بدأت بالخطوة الأولى لتشكيله مؤكدة أن طلب المحافظة يحال إلى مجلس الوزراء خلال 15 يوما ومن ثم إلى المفوضية لتنفيذه موضحة أن التصويت على تشكيل الإقليم يكون بمشاركة نصف الناخبين وبالأغلبية البسيطة. وتنص المادة 116 من الدستور العراقي على حق كل محافظة أو أكثر تكوين إقليم بناء على طلب بالاستفتاء عليه يقدم أما بطلب من ثلث الأعضاء في كل مجلس من مجالس المحافظات التي تروم تكوين الإقليم أو بطلب من عُشر الناخبين في المحافظة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة