22 نوفمبر، 2024 11:48 م
Search
Close this search box.

5200 زوجين تطلقوا 

5200 زوجين تطلقوا 

تخبىء الأزمات الجسام خلفها مشاكل لا تقل عنها خطورة ، إلا أن جسامة هذه الأزمات هي من تملء العين و تحجب عنها ما دونها ،  ففي العراق و بسبب محنة الجماعات التكفيرية و انشغال الجميع بها و بالأزمات السياسية ، غٌضْ النظر كثيرا عن مشاكل مختلفة كفيلة بوضع الشعب العراقي على حافة الهاوية ، ليس تشاؤما هذا بالمرة بل هي الحقيقة بكل مرارة ، فقد نجح و بمستوى ما ، إذاعة إعلام السلطة القضائية الاتحادية لإعداد حالات الطلاق في المحاكم العراقية ، بلفت الأنظار إلى هذه المصيبة ، فقد تطلق بالعراق 5200 زوجين في الشهر الماضي فقط ، و كان عدد من تطلقوا في العاصمة بغداد في هذا الشهر 2495 ، هذا الخبر لا عنوان له إلا الكارثة ، فهذا لا يحصل حتى في مجتمعات ألا دولة ، هذا العدد ما سجل في المحاكم العراقية ؛ من غير حالات الطلاق التي تحصل خارج المحكمة لأنها لزواج أصلا خارج المحكمة
و من يريد أن يدرس أسباب هذا عليه أن يجيب على أسئلة شجاعة ، و لماذا أنضم الالاف من الشباب العراقي إلى التنظيمات التكفيرية ؟ و لماذا تضرب المشاكل المرعبة بأغلب الأسر العراقية ؟ و لماذا ترتفع مستويات تعاطي المخدرات ؟ و لماذا يتضخم حجم تعاطي الرشوة و الفساد ؟ ليس ارتفاع مستويات الطلاق إلا عينة لأزمة كبيرة يعاني منها الشعب العراقي و ما الطلاق إلا أحد نتائجها 
هذه المشاكل و غيرها ترتبط بمشكلة الإدارة ، فهذا الشعب يخضع لسلطة تدير شؤونه ، و السياسة هي علم إدارة السلطة ؛ دعكم من تعريف فن الممكن فهو يرمى في سياق الخدعة ، الدولة و السلطة علم ؛ فلسفة و نظريات في المعرفة ، و ليس فن و لا تحقيق مكاسب كما تريد كلمة ممكن ، هذا الشعب الذي يتطلق فيه 5200 زوجين في شهر واحد و ينضم الالاف من شبابه للجماعات التكفيرية و آخرين يتعاطون المخدرات ووووو، يحصل فيه كل هذا لان من يدير سلطته في الواقع هو لا يقوم بعملية إدارة ، و لهذا فنحن و لفداحة ما يحل بنا كأننا بلا أمير بر و لا فاجر ، فللساعين عن البحث في أجوبة لماذا ارتفعت مستويات الطلاق في العراق بهذا الشكل المهول ، سيجد أن وزير و وزارة التربية تتحمل هذا و وزارة الشئون العمل الاجتماعي تتحمل هذا و الصحة و التعليم و السياحة و النفط و الكهرباء و الامانة و الخ ، جميعهم يتحملون هذا ؛ نعم قد تكون هنالك أسباب مباشرة ترتبط بالوعي و هذا ما ينبغي أن يهتم به بشكل كبير ، ففي العراق يقبل على الزواج الكثير ممن لا يدركون أي شيء عن العلاقة الزوجية و الأسرة ، و لا أعرف لماذا لا يشترط بمن يتقدم لعقد الزواج أن يخضع لامتحان في كتب يضعها علماء النفس و الاجتماع و الأسرة كأحد شروط الزواج قانونيا ، و قد يجد البعض أن حرية الاتصالات و الإعلام هي سبب حديث و مهم في تفسير هذه الظاهرة إلا أن ذلك تتحمله مؤسسات صناعة الوعي و المعرفة ، لا يعني حديثي هذا أنني أدعوا إلى عدم دراسة أسباب ارتفاع نسبة الطلاق و لا دراسة أي ظاهرة سلبية أخرى ، لكن جل ما أريد أن أقوله أن الأسباب أيا كانت ترتبط بسوء الإدارة ، و لذلك لا نجد أن الطلاق يرتفع فقط بين الفقراء و لا بين غير المتعلمين و لا بين أبناء الريف فقط ، بل هي ظاهرة بنسبة عالية كليا ، و هذا يعني أن الجميع يخضع لأسباب مختلفة و هي تشكل الأسباب الدافعة .   

أحدث المقالات