22 ديسمبر، 2024 8:23 م

14 تموز : ذاكرة لا تنام..

14 تموز : ذاكرة لا تنام..

في كتابه (العراق في عهد قاسم) يقول الكاتب أوريل دان (كان حكم نوري السعيد أستبداديا،فيه قضي على كل نشاط سياسي،وهو يعتمد على دعم الجيش وعلى كفاءة اجراءات الامن، مقللا من شأن السخط المدني) وعن الوضع الاقتصادي العراقي، يقول أوريل دان (تلك الفترة كانت فترة نشاط أقتصادي متعاظم والفضل فيه يعود إلى تدفق عائدات النفط بغزارة،لكن لم يحصل تقدم كثير في مجال الاصلاح الاجتماعي.واتخذت السياسة الخارجية منحى بريطانياً /20)
(*)
(أن ثورة 14 تموز 1958 قامت بها مجموعة من الضباط الأحرار،وساندتهم فيها الأحزاب الوطنية،وأولها الحزب الشيوعي العراقي،وكانوا يخططون بقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم لمساعدة أبناء الشعب… فعمت الفرحة كل الجماهير وخرجوا للشوارع مبهورين، ولم يصدقوا أنفسهم أن الشعب والجيش يشترك لأول مرة بثورة وليس بإنقلاب عسكري، كما كان يحدث في السابق،أي ثورة وكان قائدها زعيما في الجيش، وطنيا ونزيها،فأحبه الشعب بصدق وكانوا يتسابقون لرفع صوره على واجهات المخازن/ من رسالة بعثتها: زوجة وصفي طاهر: السيدة بلقيس عبد الرحمن: إلى الرئيس المصري محمد حسني مبارك في 1998)
(*)
لم تكن ثورة 14 تموز إنقلابا مدفوع الثمن من ما وراء المحيطات أومن دول الجوار، وجريمة قتل العائلة تبقى جريمة لكنها حسب الشواهد التاريخية وجواب الشهيد الزعيم الركن بعد فترة وجيزة من الثورة مع وكالة إنباء عالمية: أستنكر ذلك .. كما أن القاتل وهو من الضباط الذين اقتحموا القصر بإمرة عبد السلام عارف سينتحر بعد سنوات، من جراء تأنيب الضمير.. تقول بلقيس عبد الرحمن: زوجة وصفي طاهر وهو من قادة 14 تموز..تقول بلقيس في مذكراتها(عند الثالثة عصرا من يوم 14 تموز،عاد وصفي للبيت لكي يغيّر قميصه الملطخ بالدماء..ورحنا نسأل وصفي عن الدم الذي على قميصه، وما إذا كان مجروحا فقال : لا،لا تخافوا أنه دم أحد رجال السفارة البريطانية،فقد هجمت الجماهير عليها، وعليه،في ثورة غضب،إذ كان يرمي الناس بالرصاص من فوق السطوح، مما أثارهم، فاقتحموا السفارة وكادوا يفتكون به لولا وصولي بالوقت المناسب، ومنعي لهم،فاحتمى ذلك الرجل بظهري وكان جريحا. ولولا تدخلي لقُتل، وحينذاك نعطي حجة لبريطانيا بالدخول إلى أراضينا/ 64- 65/ وصفي طاهر : رجل من العراق/ كتابة وتوثيق : رواء الجصاني ونضال وصفي طاهر/ دار بابليون للنشر/ط1/ 2015) ..هكذا كان قياديو الثورة يحرصون على سمعة الثورة ..إذن من المعيب أن نتعامل مع ثورة الفقراء والمحرومين المضطهدين فقط من بؤرة هذا التبئير!! اعني جريمة قتل العائلة المالكة : فالعائلة المالكة لاتستحق هذا المصير، لكن أن لا نحجّم الثورة بهذا المشهد
(*)
أن التباكي في هذه الأيام على الملكية مضحك جدا، لأنه يصدر من جيل لاعاصر الملكية ولا ثورة تموز، بل من مواليد ما بعدها .أنها محاولة فاشلة في تزييف الذاكرة العراقية المعاصرة، لكن لله الحمد الكتب والوثائق مازالت بخير منها، مذكرات المناضلين الشيوعيين العراقيين لتلك الفترة وكذلك ثلاثية حنا بطابطو، وهناك (موسوعة سرية خاصة بالحزب الشيوعي العراقي) أصدرتها الشرطة العامة شعبة مديرية التحقيقات الجنائية/ بغداد/ 1949) وقد صدرت طبعة جديدة من مجلدين قبل خمس سنوات ..
(*)

بدأ التزييف في الثمانينات، حيد أصدرت مجلة( آفاق عربية ) وهي مجلة عراقية رصينة بموضوعاتها وملفها الثقافي الشهري الجميل، لكنها صدمتنا بملفات خاصة، أسهمت في انجازها أسماء عراقية أكاديمية وعسكرية، تحصي مناقب الحقبة الملكية !! واستوقفنا يومها ما قاله الأستاذ عزيز الحاج في هذا السياق، اتذكر مامعناه الآن،(قال عزيز الحاج :إذا كانت الحقبة الملكية كما يصفها الاساتذة المشاركون فلماذا قامت ثورة 14 تموز ؟! ) ..
(*)
نحاول التوقف عند بعض((مناقب الملكية في العراق )):
في 28 حزيران 1946 مظاهرة سلمية ضخمة في شوارع بغداد يقودها الحزب الشيوعي العراقي وأحلافه،(المظاهرة سلمية تحمل شعارها الرئيس : تطالب الحكومة بعرض قضية فلسطين على مجلس الأمن فورا/ 187- سالم عبيد النعمان/ الحزب الشيوعي العراقي بقيادة فهد/ دار المدى/ط1/ 2007) وحين وصلت التظاهرة إلى مقربة من السفارة البريطانية، تقدم ثلاثة من قادتها لتقديم احتجاج على الحكومة البريطانية لضلوعها في تقسيم فلسطين .. فإذا بشرطة الحكم الملكي تخاطب المتظاهرين بالذخيرة الحية وبكثافة جدا، بشهادة سالم النعمان :(سقط صريع واحد وربما أكثر،أما عدد الجرحى فلم يعرف بالدقة كما ألقت الشرطة المهاجمة القبض على عدد كبير من المتظاهرين)..
*وثبة كانون 1948 أستقبلتها الحكومة الملكية بالذخيرة الحية وتساقط الشهداء في الشوارع منهم : قيس الالوسى وجعفر الجواهري وبهيجة وعلوان شمران وعشرات غيرهم، يذكرهم سالم النعمان المحامي في مذكراته..(كان يوم 27/1/ 1948 يوما داميا مشهودا.. سقط فيها حسب الإحصاء الرسمي 77 قتيلا وعدة مئات من الجرحى كما ابتلع النهر عددا من الغرقى مما صعب معه تعداد الضحايا بدقة/ 255) هذه إحصائية يوم واحد من أيام إنتفاضة وثبة كانون 1948
(*)
أي ديمقراطية ملكية، أن يعدم قادة الحزب الشيوعي العراقي فهد وحازم وصارم؟!
(*)
أي ديمقراطية أن يطلق النار على السجناء في سجن بغداد في 1953؟ (كان عبد الجبار أيوب، المسؤول الأول عن مجزرة سجن بغداد في حزيران 1953 والتي راح ضحيتها ثمانية سجناء وثمانون جريحا/ 35/ الحلوائي)..
*في السنة نفسها جرت مجزرة سجن الكوت، نتوقف ونختصر ما جرى، نقلا عن كتاب (الحزب الشيوعي العراقي من إعدام فهد حتى ثورة 14 تموز) تأليف : سيف عدنان أرحيم القيسي، كان السجناء يعانون من قلة الطعام وأساليب التعذيب الجسدي الذي تعرض لها بهاء الدين نوري وغيره من السجناء، ثم قطعت إدارة السجن الماء والكهرباء، فأضطر السجناء إلى حفر بئر في السجن، واشتد عداء إدارة السجن واعتلت الشرطة سطح السجن وراحت ترجم السجناء بالحجارة، وهنا صدرت إرادة ملكية بإطلاق سراح عدد من السجناء الشيوعيين شرط التبرئة من الحزب، فرفض الشيوعيون .وفي 18من شهر آب استخدمت إدارة السجن الذخيرة الحية ضد السجناء مما أدى إلى مقتل صبيح مير وأستمر الحال من آب إلى الثاني من أيلول، حيث هجمت الشرطة على السجناء بالهراوات والمسدسات، وبعشوائية، وبقصدية تم قطع التيار الكهربائي، فأستشهد ثمانية من السجناء الشيوعيين وجرح أربعة وتسعين شيوعيا من مئة وثلاثة وعشرين سجين شيوعي ..عن الجريمة نفسها يخبرنا المناضل سليم البصري، في المرحلة (استشهد الرفيقان وحيد منصور وصبيح مير.. واستمرت الاوضاع متوترة جدا، ودخلت الشرطة قاعات السجن، وفتشت كل شيء من الثالثة عصرا حتى الخامسة فجرا، ثم طلبوا منا تسليم الرفاق الشيوعيين اليهود وهم (15) سجينا فرفضنا.. من جراء الهراوات والخناجر، تعرضتُ إلى ضربة قوية في رأسي، ثم سحلوني من قدمي ورأسي يضرب بحجر الأرض وأنا فاقد الوعي واستمرت المجزرة طوال يوم 3/9/ 1953 وفرسانها طاهر الزبيدي ونوري السعيد.. وكنا أكثر من (15) سجينا نعاني من نزف الدماء/119- 120/ سليم إسماعيل البصري/ الصراع/ مذكرات شيوعي عراقي/ دار المدى/ 2006 )..
(*)
نلاحظ أن الشيوعيين العراقيين يتعاملون مع المواطن العراقي كقيمة عليا لايفرطون بها وهم من هذا الوعي المتقدم لم يخذلوا اليهود العراقيين المناضلين من أجل العراق، وهم لاينسون الشهيد الشيوعي اليهودي العراقي الذي أعدمه الحكم الملكي بتهمة الشيوعية : ساسون دلال .
(*)
من أنتزع القاص عبد الرزاق الشيخ علي من بيته ولم يعد؟
(*)
بشهادة المناضل جاسم الحلوائي في كتابه (الحقيقة كما عشتها) :(أعتقد أن عام 1955 كان أصعب وأقسى عام على العراق والحركة الوطنية فيه ، بكل أحزابها السياسية.في صيف 1954 أصبح نوري رئيسا للوزراء من جديد، وقد أصدر من 22 آب إلى 12 تشرين جملة من المراسيم التعسفية التي اشتهرت بإسم المراسيم السعيدية : حلَ المجلس النيابي الذي لم يعقد سوى جلسة .ألغى أمتيازات جميع الصحف، وأجاز فقط ثلاث صحف موالية للحكومة،ألزم الشيوعيين الذين ينهون محكومياتهم بإعطاء براءة من الشيوعية والتعهد بخدمة الملك وإلاّ فتسقط عنهم الجنسية العراقية. وقامت حكومة نوري السعيد فعلا بإسقاط الجنسية عن عدد من الشيوعيين والديمقراطيين. وقد أسقطت الجنسية العراقية عن المحاميين المشهورين : توفيق منير نائب رئيس نقابة المحامين وكامل القزانجي وتم تسفيرهما إلى تركيا .كما أسقطت الجنسية العراقية عن عدد من الوطنيين ممن كانوا خارج البلاد، وهم : عزيز شريف،وصفاء الحافظ، وكاظم السماوي، وعدنان الراوي /ص33)..
(*)
تضامناً مع مصر العروبة أثناء العدوان الثلاثي على مصر، نشطت تنسيقية الحزب الشيوعي مع الاحزاب العراقية كافة والمنظمات، وقامت الشرطة بضرب المتظاهرين بقسوة (وأستشهد أول شهيد للتضامن مع الشعب المصري وهو الشهيد الشيوعي عواد الصفار/ 171/ ثابت حبيب العاني/ صفحات من السيرة الذاتية/ دار الرواد المزدهرة/ ط1/ 2014)
(*)
من ينسى نقرة السلمان التي ابتلعت في العهد الملكي: أجمل السنوات من أخوالنا واعمامنا؟..
(*)
ما ذنب قرية سميل في 1933، حتى يبيدها الفريق الركن بكر صدقي؟ وتستباح النساء الآثوريات ؟
(*)
كم من جرائم ارتكبها الأقطاع بجنوب العراق، وكيف كان السراكيل يعاملون الفلاحين الفقراء، وبأي ملهى كانت أثمان الحصاد تهدر،وهنا برز دور الجمعيات الفلاحية السرية التي نشط بها الحزب الشيوعي العراقي في بث الوعي لدى الفلاحين (وقد ركز بوجه خاص على العمل من أجل تحقيق (المناصفة) في الحاصل، وقد استجاب الفلاحون لنداء الحزب / عزيز سباهي).. مع المناضل صالح مهدي دكلة في كتابة (أوراق من الذاكرة) أتوقف عند انتفاضة آل أزيرج في تشرين 1952 وهو شاهد عدل تم تعينه معلما في مدرسة المثنى ضمن منطقة آل أزيرج وكلّفه الحزب حزبيا المنظمة الحزبية هناك : (تفاقم التوتر بين الفلاحين ومعهم بعض السراكيل من جهة، والإقطاعيين من جهة أخرى، إذا كان الفلاحون يطالبون بزيادة حصتهم من المنتوج الوحيد الذي يزرع في تلك المنطقة وهو الرز،على حساب حصة الإقطاعي… ودامت الحركة الفلاحية التمردية ثلاثة أشهر تقريباً وبعد تفاقم الصراع بين الفلاحين والإقطاعيين، أرسل الحكم الملكي سرية ً من الشرطة السيّارة ولعلع الرصاص في منطقة أم نعيجة ومناطق أخرى وقتلت الشرطة سبعة من الفلاحين بينهم امرأة واحدة..وأعتقلت عدد من الفلاحين / 33- 35/ صالح مهدي دكلة )
(*)

مَن قتل في 1959 المناضل الفلاحي صاحب ملا خصاف غير فلول الإقطاعيين ؟ وقد رثاه رفيقه مظفر النوّاب بقصيدة شعبية توجز المرحلة العصيبة كلها بقوله (توالم عرس واوية وأكطاعي)
(*)
بخصوص ديمقراطية النظام الملكي، نتساءل : من كان يسجن السياب ؟ ومن جعله السيّاب أول الشعراء العراقيين المنفيين ؟ وهل كان يكذب السيّاب حين قال: (ما مر عامٌ والعراق ليس فيه جوع) ..
(*)
في 25 آيار 1941 ماذا كانت تفعل الطائرات البريطانية في سماء بغداد؟ هل كانت تلقي الجكليت والشكرلمة أم كانت تقصف بغداد، وتؤمن سلامة هروب العائلة المالكة إلى أربيل ؟ وليمكث أهالي بغداد تحت رحمة قصف الطائرات البريطانية ؟
(*)
بعد فشل حركة مايس1941 ضغطت الملكة عالية على مركز القرار وأقنعتهم بتشديد العقوبة على قادة حركة مايس وهم الضباط الاربعة : يونس السبعاوي، كامل شبيب،صلاح الدين الصباخ،فهمي سعيد
فضلا عن ذلك كان موقف شقيقها عبد الأله الذي يسعى لصب الزيت على النار/ 84/ د. محمد حمدي الجعفري/ ملكات هاشميات) ومع اعدام القادة الاربعة ومطاردة المؤيدين ونصب المشانق واعتقال المؤيدين للحركة ومطاردتهم في المنفى وبشهادة الدكتور محمد حمدي الجعفري في كتابه الآنف الذكر(كان تصرف الملكة عالية بعيد كل البعد عن الحكمة والعقلانية والتروي،رغم أن الشعب أحب الاسرة المالكة طيلة العشرين سنة الماضية ومنحها الثقة،فتصاعدت النقمة الشعبية ضد الوصي،وخسر ثقة الجيش وضباطه لأنهم أعتبروا أن ماقام به الوصي إهانة كبيرة ألحقها بهم فأضمروا العداء له حتى حانت أمامهم الفرصة صبيحة 14 تموز 1958) وعن وثبة كانون 1948 وقد استمرت التظاهرات لعدة أيام ومع استشهاد المتظاهرين كان تتسع مساحة التظاهرات في عموم العراق ولم تتوقف الحكومة الملكية عن استعمال الذخيرة الحية ضد شباب العراق!! وهكذا حققت الحكومة الملكية الديمقراطية المنشودة بطريقة لامثيل لها، حتى في هزليات الممثل الثوري شارلي شابلن !! ما الغرض الذي يدفع دالس وزير خارجية الولايات المتحدة :في 1956إلى تأسيس مثلث عمالة من أنقرة وكراجي وبغداد ويطلق عليه اسم (حلف بغداد)؟ لأن دالس فشل مع مصر العروبة وسورية ولبنان . فتصدى الشعب العراقي لذلك وقامت انتفاضة عارمة في السنة نفسها..وقد قام النظام الملكي (بدور مشرّف) بتهجير اليهود العراقيين وهم من المكونات الاساسية في عراق التسامح وقد كان لليهود يدا بيضاء من غير سوء في كل مجالات الحياة العراقية ..لماذا انتفض فلاحو الشامية في شباط 1954؟ .. ومن ارتكب الجرائم في مجزرة الحي في 1956 ولماذا تفرج النظام الملكي على ذلك ؟ وعمال الموانىء والنفط في البصرة لماذا كانت تنتفض وتتظاهر وترد الحكومة على عمال البصرة بكل شراسة ؟ ومن كان يحرق صرائف الفقراء في بصرة الملكية ؟ ولماذا تحرق بيوت الصرائف ؟!
(*)
لهذا الأسباب ولغيرها كان الشعب العراقي ينتفض وكل قيادة الانتفاضات وضابط ثورة 14تموز كانوا مثال الشرف والنزاهة يعيشون من رواتبهم ليس مقاولين أو مرتشين أو خونة والكوادر المناضلة كانت تعيش
من الراتب الضئيل الذي يخصص لها من أحزابها الوطنية الغيورة .
(*)
السؤال الأخير
: مَن دفع شباب وشابات مدن العراق
بعد سقوط طاغية العراق في ربيع 2003
: على شراء صور الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم ؟