ما أن زال غبار ما جرى في حرب الأيام الستة قبل نصف قرنٍ وثلاثة أعوام , حتى طغت على الأسماع كلمة ” نكسة” , وصار المفكرون والمثقفون والإعلاميون والكتاب والشعراء , وأصحاب الثقافة والقلم يتحدثون عن “النكسة”!!
وكأن الأمم لم تخسر معارك ولم تنهزم في حروب إلا العرب , فهل قالت ألمانيا أنها أصيبت بنكسة بعد الحرب العالمية الثانية وهل ذكرت ذلك فرنسا أو بريطانيا؟
لا توجد مثل هذه المسميات في مجتمعات الدنيا , لكنها منتشرة في مجتمعاتنا ويهلل لها الكتاب والمثقفون والمفكرون ويأنسون بها , ولا تزال عقولنا وإبداعاتنا تتحدث عن ” النكسة” , بل أن العديد من المفكرين قد صاغوا نظريات وجاؤوا بتحليلات وهذيانات من رحم “فقه النكسة” , وهم لا يخجلون ولا ينظرون بعين العقل ويقارنون ما أصاب العرب بما يجري في الدنيا.
ولهذا يمكن القول وبحزم أن ذوي الأقلام بأنواعهم ومشاربهم قد أسهموا في تدمير الأمة , وإيصالها إلى ما هي عليه من واقع حال مرير , فهم الذين أمْعنوا بإبداعات إنتكاسية إنكسارية ذات نتائج خطيرة على الأجيال.
أقلام إنتكاسية , إنكسارية , تدويخية تدفع بالعرب إلى الدونية والتبعية والقنوط والعجز الحضاري المروع!!
فهل أنها أقلام مرتزقة وممولة , أم أن أصحابها بلا عقل يرى بوضوح؟!!
ترعرعنا على إبداع الهزائم والإنتكاسات , شعرا وأدبا وفي خطابات الإعلام والمنابر , ولا نزال غاطسين في مستنقعات الذل والهوان , ويقول المثقفون والمفكرون بأنهم لا ناقة لهم ولا جمل فيما حصل ويحصل , وكأنهم من نزلاء التلال والصوامع!!
فتبا للأقلام السلبية الجاهلة المغفلة التي أغرقتنا في ما أطلقت علية ” نكسة” , وجعلتنا نتوهم بأنها نهاية الدنيا وختام وجودنا , وبأننا أمة عليلة لا يرجى لها الشفاء , وهذه إتهامات باطلة وتوصيفات عدوانية باهتة غايتها منع الأمة من النهوض والإنطلاق بطاقات أبنائها الواعدين.
فهل من خروج من ظلمات النكسة , والعمل على التوثب والمسير في طريق حضاري جدير بنا أجمعين؟!!
وتبا لأقلامٍ تهادن وتستكين!!