أصواتهم تلعلع فوق المنابر , وما هم إلا يراؤون , يمنعون ألف ماعون وماعون , فدينهم جيوبهم , وربهم الكرسي المنان الكريم.
يرفلون بالعمائم الغالية , واللحى المسبلة المدهونة والمرتبة , ووجناتهم متوردة وكروشهم متقدمة , وأكفهم محلاة بأغلى المحابس والحلي الباهض الأثمان.
وما أروع كلامهم وهم يدعون المساكين إلى تحمل الضيم والقهر والحرمان من أبسط الحاجات , ففي ذلك عبادة وتقرب إلى جنات النعيم التي سيدخلونها أفواجا أفواجا , ما داموا في مرابع الخنوع يراتعون , وللأدعياء ينصتون , والسمع والطاعة ديدنهم الرحيم.
وعندما تسـلهم كيف يعيشون , سيغضبون وسيقولون أنه من فضل ربهم الذي يعبدون , فهو يرزق عبده دون حساب.
وتنتظرهم سيارات من صنع الكفرة مكيفة وغالية الأثمان , ولهم سائق ومرافقون وحُراس , ويذهبون إلى قصورهم الفارهة , التي إستحوذوا عليها بموجب فتاوى مشرعنة ذات أبواق مؤدينة.
وحينما تسألهم عن أحوال المساكين من أبناء الشعب المقهورين , يكون جوابهم هذا جزاء رب العالمين , يعذبهم في الدنيا لينالوا نعمة الآخرة.
وتلك أعاجيب سلوكية , يتنافى فيها القول مع الفعل , ويكون الدين حمالة أوجه , أمّارات السوء الفاعلة فيهم , وهم أقل شأنا من حمّالة الحطب , وفي جيدهم حبل من ذهب.
عقولهم غافية , قلوبهم ساهية , نفوسهم لاهية , وأفواههم عاوية , يدّعون الدين وهم من أعوان الشيطان الرجيم.
لو إقتربت من عروشهم الدنيوية , لزندقوك وكفروك , وسلطوا عليك أزلامهم المجندة التابعة المقلدة الخاوية الضاوية حول مناسفهم الباذخة.
أباحوا لأنفسهم كل شيئ وحرموا على الناس كل شيئ , فهذا هو الدين القويم , ومَن لم يتبع ويقبع , فهو عدو لئيم , ستصدر فتوى بضرورة سفك دمه ليستقيم بدونه الدين.
هكذا تتوالى تداعيات الأدينة , والمتاجرة المربحة بالضلال والبهتان والقول المهين!!
وقل إنما نحن المسلمون!!