“لمظفر النواب… وهو يودع الريل وحمد ”
أعزّي الموتَ فيك على الفراقِ
وأمسح خدَّ تربِكَ في العناقِ
وحسبك ان تكون به عراقاً
يودِّعُه، وانت بلا عراقِ
وحسبك لو توزّعُكَ المنافي
وتبعدُ عنكَ أزمنةً بواقِ
وتدفعك الرياحُ وأنت أدرى
بأن ثيابَ وجهك في المآقي
يعود بك الترابُ إليهِ حتى
كأنك والرحيلَ على اتفاقِ
*****
أعزّي الموتَ إنَّ صداك صوتٌ
إذا التفّتْ بساقِكَ ألفُ ساقِ
وما موتٌ طواكَ سوى رحيلٍ
يطولُ به التغرُّبُ في لحاقِ
وإنَّكَ ما مشيت خطاكَ فيهِ
لتسبقَه، وتوسعُ في السباقِ
ولكنَّ الضميرَ بها نبيٌّ
وحسبُكَ في النبوّةِ أن تلاقي
وأنت بهنَّ أبقى، إذْ ضميرٌ
رهانُكَ بين أكؤوسِهِ الدهاقِ
وإنَّ فما تعطَّرَ في صلاةٍ
توضَّأ بالحروفِ على مذاقِ
*****
ويا وجعَ البلاد على بلادٍ
مُطلَّقَةٍ تحنُّ إلى طلاقِ
وكفّاً قد طوتك على حنينٍ
وإن يكُ فقرُها مهرَ الصداقِ
تشدُّ بها العظامَ وأنت إدرى
بما يجد الأسيرُ من الوثاقِ
ويا دمعَ البلادِ على غريبٍ
توسَّدَ دون مقلتها السواقي
وياوجع العراق على بنيهِ
تبارك من دمٍ حرٍّ مُراقِ
أ توجعُك الديونُ وهنَّ أوفى
من الراياتِ تخفقُ بالشِقاقِ؟
وحسبك منَّةً ان عدت فيها
بجلدك وهو يبحث عن رواقِ
*****
ويا وطناً ينامُ على رصيفٍ
ضننتُ به على سبعٍ طباقِ
وياشيب العراق وقد تجلى
كما اشتعل المشيبُ على حُراق ِ
ويا كفناً تضمَّنَ الفَ كونٍ
تراءى بين خطوك والنطاقِ
ويا كأساً تفيضُ لشاربيها
وتظمأُ بين صدرك والتراقي
*****
أعزّي الموتَ فيك على حياةٍ
ملأتَ بها الكؤوسَ من العِتاقِ
وكأسُكَ ذي بلادُك في بلادٍ
ظمئتَ بها، فكانت خيرَ ساقي
أدرْ وطناً بخمرك إنَّ عمراً
بكى بيديك يشفعُ في التلاقي
ويا خشب الصليب على سفينٍ
تعالى بالمسيح على وثاقِ
كأنَّ الموتَ يدفعُهُ غريقاً
فيسكب دمعتين على اشتياقِ
ويا وجع المرايا لستَ تدري
أَظلُّكَ كان فيهِ من البواقي
وهل قبضتْ يداك بها تراباً
يضمُّكَ بين رفضِكَ والوفاقِ؟
أَ من عينين مطفأتين فيهِ؟
ومن جسدٍ تأذَّنَ بانعتاقِ
على دنيا سواكَ أُبيعَ دِينٌ
فهلّا غيرُ دينِكَ من رفاق ِ؟
وهلّا تستعيرُ بها وجوهاً
لتبصرَ قاتليك بلا فواقِ؟
أَ من وجع الثمانين استفاقت
ثمانيةٌ لتولغ في الخناقِ
سأنبيك اليقينَ على يقينٍ
لأني لا أقرُّ على نفاقِ
وإنّي حيث كنتَ فلا مراءٌ
وإني حيث كنتَ بلا افتراقِ
شكوتُ لك البلادَ بما إباحتْ
وما حملتْ هناك على نياقِ
وما أسرى بها الحادون نهباً
مخافة أنْ تَداركَ في اللحاقِ
كأن يد الزمان مشت عليها
فمنقسمٌ تراثُكَ غير باقِ
فنصفُكَ للطغاةِ ومن تولّوا
ونصفُك ليس نصفَكَ في السياقِ
واخماس واسداس وربعٌ
تناهبها الغريب مع الرفاقِ
بكى وطنٌ فقيل هنا مُعاقٌ
وما ظنُّ اليتامى بالمُعاقِ؟
أ يدفعُ عنهُ قاتلَهُ بكفٍّ
أرقِّ من الثياب على احتراقِ
وما بعناهُ، لكنّا جميعاً
تقاسمنا دماهُ بلا خِلاقِ
*****
سأوقدُ بعضَ ليلِكَ في احتراقي
وأحملُ في أزقَّتِها رُقاقي
وأقترحُ البياضَ على سوادٍ
بك استعصت يداهُ على اعتناقي
لصوتِكَ والمعادُ إلى جنوبٍ
وبعضُ صدى جنوبِك في اشتياقي
وحزنُك أن صوتك لي جنونٌ
ولكن يستطيل على مَراقِ
وقبَّعةٌ لظلِّكَ وهو يسعى
ولكن يستدير إلى انغلاقِ
سل القصبَ الذي يأتيك طيراً
كمثل “الريل” يعثرُ باصطفاقِ
أَ منْ “حَمَدٍ” يسافرُ فيك ليلاً
و” أمْ شامات” يوجعها فراقي
ويا ” مرّت” رحالُك وهي تنعى
رحيلَكَ وهو يعثر بالبُراقِ