18 ديسمبر، 2024 2:23 م

ولنا في الانتفاضة الشعبانية شجون وعبر

ولنا في الانتفاضة الشعبانية شجون وعبر

لم تكن ليلة الثالث من اذار من عام ١٩٩١ ليلة عادية بل كانت استثنائية بكل المقاييس حيث كانت كل مقومات الحياة معدومة بسبب سياسات النظام البعثي القمعي وقراراته الرعناء وتبعات احتلال الجيش الصدامي لدولة الكويت وما اسفر عنه من تدمير شامل للبنى التحتية في اغلب مدن العراق ففي تلك الليلة صدحت اصوات المؤمنين المجاهدين والخيرين من ابناء هذا البلد والرافضين للطغيان البعثي العفلقي العميل بنداء الجهاد والثورة وكلا حسب منطقته ومحل سكناه حيث كنت شاهد حي على نداءات وشعارات الانتفاضة الشعبانية المباركة والتي نعيش ذكراها الحادية والثلاثون في اذار عام ١٩٩١ فدوت مسامعي صيحاتهم وهم ينادون في الازقه والشوارع قسما منهم حامل السلاح والذي استطاع الحصول عليه من الوحدات العسكرية الصدامية او الفرق الحزبية او مديريات الامن والمخابرات بنداء ( صدام اشرد جوك السادة ) فكان لتلك الصيحات وقع وتاثير عميق في نفوس عامة الناس واشعلت في نفوسهم الحماس والامل في التحرر من اعتى نظام ديكاتوري .

اعطينا حالنا حال عدد كبير من العوائل العراقية الشهداء الابرار فلبى اخي نداء العز والجهاد والتضحية والتحق بقافلة الشهداء في سبيل الوطن وخلاصه من القمع الدموي الذي جثم على صدره طيلة اربعون عام فاستشهد في صبيحة ذلك اليوم الخالد الثالث من اذار على يد ازلام الامن الصدامي والذين شكلوا مجاميع منفرده لاغتيال المتظاهرين ورسم بدمه الطاهر لوحه خالدة وصفحة عطرة من صفحات الخلود والبسالة .

الانتفاضة الشعبانية كانت ولازالت اعظم انتفاضة سجلها تاريخ العراق القديم والحديث من حيث سمو الاهداف وترجمتها على ارض الواقع ونبل الافعال والاقوال ومن حيث رجالاتها الشجعان اصحاب المبدأ والبصيرة الحقه نعم هي ثورة عظيمة لشعب الجنوب والشمال الاعزل وسط غدر وخذلان وتأمر دول الخليج وفي مقدمتهم السعودية فكان الدور الاكبر لاجهاضها هو للسياسي السعودي الخبيث بندر بن سلطان والذي استطاع ان يقنع أمريكا في حينها بدعم صدام من جديد والحيلوله دون سقوط نظامه القمعي الطائفي ودفعه لقمع الانتفاضة الشعبانية وقتل ابطالها فقتل اللاف ودفنوا احياء في مقابر جماعية والبقيه زجوا في سجون ومطامير ودهاليز النظام البعثي الكافر وغيبوا عن ذويهم في احواض التيزاب ولم يجدوا لهم اي ذكر كل ذلك بسبب طائفية دول الخليج ونفاق امريكا والمجتمع الدولي فلم تر النور انتفاضة العراق الخالدة .

ان انطلاق الانتفاضة الشعبانية المباركة عام ١٩٩١ م لم تاتي من فراغ بل هي ترجمة عملية لمى عاناه الشعب العراقي من ظلم واضطهاد طويلاً أبان فترة حكم الطاغية (صدام) فتمخض عن تلك السنوات العجاف ولادة انتفاضة كانت باكورة انطلاقتها من جنوب العراق في الثاني من آذار عام 1991 حتى وصلت المدن المقدسة كربلاء والنجف الاشرف في الخامس من الشهر ذاته وامتدت الى محافظات الشمال .

عندما تمر علينا ذكرى هذه الثورة المباركة والتي اقترن اسمها بالمقاومة نستذكر كل معاني الجهاد والتضحية والفداء في سبيل التحرر من الانظمة الظالمة والدموية ابلى الشعب العراقي في تلك الانتفاضة ضد الاجرام الصدامي بلاء حسن فاستعمل جميع الطرق و الامكانات المتاحة للوقوف بوجه طاغية العراق وزمرته البعثيه القذره لتحرير الأرض فكانت ولا زالت من أهم الانتفاضات الشعبية في المنطقة بل ربما العالم .

كل جراحات واهات واحزان تلك الايام الخوالي لن تنتهي لكنها في ذات الوقت تشعل فينا العبر وتعلمنا الدروس العملية للهدف الخير والصالح لتكون مشعل ينير لنا طريق الحرية والذي رسمناه بدماء شهداءنا الابرار فالانتفاضة الشعبانية عام ١٩٩١م ضد حكم الطاغية صدام مثلت منعطف خالد ومصيري في حياة شعب نادى بالحرية وسط قمع قل نظيره وصمت دولي خليجي وعربي طائفي مقصود فهي تستحق وبكل جدارة ان توصف بالثورة لانها مثلت كل مكونات الشعب وشارك فيها علماء النجف الاشرف وكبار شخصياتها والمفكرين والطامحين وكل شرائح المجتمع فرسمت لوحة الخلود الابدي واسست لكل عمل جهادي تضحوي اتى بعدها فكانت ولا زالت هي الاساس للمقاومة وهي خطوة البدء العملي للجهاد والتضحية الاسلامية الخيرة .

كل ما عايشناه من صور البطولة والانتصار على المحتل الامريكي واذلال قواته في العراق من قبل المقاومة الاسلامية وفصائلها المجاهدة وما تبع ذلك من انبثاق لاغظم قوة وهو الحشد الشعبي وانتصارات ابطاله على داعش الارهابي ما هو الا نور سطع من تلك الثورة والانتفاضة وهو امتداد عملي خالد لها وهو ذراعها الذي لا يلين ولا يكل في الدفاع عن المذهب الحق واهدافه السامية والارض والمقدسات ضد كل قوى الاستكبار الصهيوامريكي البعثي الجوكري .