تعرض التعليم العالي في العراق بعد العام “2003 ” حاله حال مفاصل حياة العراقيين الحالمين بالحرية ودولة الحقوق والمواطنة وتكافؤ الفرص،بما فيها حق التعليم،إلى أخطاء أدارة السلطة التي رافقت مسيرة بناء تلك الدولة “الحلم”.
فزادت من طين بلته….التي أصابها البلل والرخاوة،بسبب طرائق التدريس المتبعة،والتي تختلف عن كثير من طراىق التدريس في العالم وفي بعض دول الجوار.
لن آتي بجديد …عندما أتحدث عن عدم تراكمية المناهج الدراسية،ففي مناهج التدريس الابتدائية لم تأخذ أجيال كثيرة مادة “اللغة الانكليزية ” كمادة أساسية،ومع تقدم الطالب الى مراحل متقدمة تشكل مادة الانكليزي عقبة كؤود لطالما طوحت بمصير طلبة كثيرين.
بعض الطلبة ابتعدوا عن جادة الانكليزي واختاروا عدم الاصطدام،ففضلوا دراسة بعض التخصصات الإنسانية لتحقيق حلمهم في نيل شهادة جامعية أولية لتحقيق الذات،وهو حق مشروع وواجب شرعي،وكما يقول أمير المؤمنين عليه السلام (اطلبوا العلم وان لن تنالوا به حظاً،فلئن يلام الزمن لكم خيراً من ان يلام بكم).
فضلا عن ارتدادات الشهادة العلمية اجتماعياً،وفي مقدمتها ضمان وجود “الطبقة الوسطى” في المجتمع.
البعض من هؤلاء سنحت له الفرصة في أكمال مسيرته العلمية لنيل “شهادة الماجستير”،بيد ان “فخ الانكليزي” عرقل مسيرته العلمية،على الرغم من حصوله في مواد الاختصاص درجات (امتياز ـ جيد جدا ـ جيد)!،لكن لعنة الانكليزي الأبدية تصر على قتل حلم الكثيرين،فيسقط سنويا من ضحايا مادة الانكليزي العشرات من طلبة الماجستير او يتبعوا طرقاً شتى لتجاوز لعنته!.وقد يشكل في بعض الكليات مساحة لتصفية الحسابات.
تجربة شخصية كطالب ماجستير في “كلية الإعلام / جامعة بغداد” تم ترقين قيدي سنة (2017 ) بسبب اللعنة،كان أستاذ المادة وهو خريج مكتبات من إحدى جامعات “لندن”،وليس خريج لغات! يعطينا قواعد اللغة الانكليزية،التي لا تدرس في الجامعات البريطانية نفسها!!!.
بعد قرار الوزير السابق،بعودة الطلبة المرقنة قيودهم البالغ (5000 ) طالب!!!وهو جيل دراسي مقتول معظمه بسبب الانكليزي،كنت استعد طيلة مدة ما قبل العودة في قراءة قواعد اللغة الانكليزية،وعند عودتي لمقاعد الدراسة وجدت أستاذة المادة الجديدة تدرس بطريقة أفضل من السابق،لكن المشكلة أنها لا تدرس القواعد الانكليزية،بل تدرس “تطوير المهارات” وهي الطريقة الصحيحة،لكن ضيق الوقت وحمل المواد الدراسية جعلني لم أوفق في الاختبار الأول ومهدد بترقين القيد مرة أخرى بسبب الانكليزي!!!.
اليوم رغم قرارات الوزير السابق ومعالي الوزير اللاحق،بعبور الطلبة المرقنة قيودهم العائدين للدراسة بمادة او مادتين الى مرحلة كتابة البحث ….وبمنح الجامعات والكليات صلاحيات واسعة …وإضافة درجات ،يعني صلاحيات ودرجات بعض الكليات لازالت تناور وترمي الكرة في ساحة الوزارة، وتتقيد بتنفيذ منح الدرجات التي حددتها الوزارة فيما لا تنفذ مفردة الصلاحيات الواسعة !!!،وكنت اليوم في حديث مع عميد الإعلام وكالة،واحتج عليه بأنه قد تطاله مسائلة قانونية،فيما أنني اعرف أن مجلس الكلية يتمتع بصلاحيات واسعة لاتخاذ أي قرار يخدم مسيرة الطالب العلمية،أذا توفرت الإرادة،فليس عدلا أن تنتهي مسيرة طالب لرسوبه في مادة غير اختصاص!، فضلا عن ان “جامعة تكريت”،وهي من الجامعات الرصينة اتخذت قرار شجاعاً برفع مادة الانكليزي من الكورس الثاني لطلبة الماجستير،ونحن نشد على أيديهم لهذا القرار الذي يصب في مسيرة الطالب العلمية، ونتساءل هل رب جامعة تكريت يختلف عن ربنا أم ماذا؟ أليس هذا يشكل غبن طالب على حساب طالب آخر؟!.وهل جامعة تكريت ترتبط بوزارة أخرى؟ لكن قوة قرار مجلس الجامعة نافذ،وهو اعرف بمصلحة المسيرة العلمية.
تبقى حاجت الطالب لتطوير مهارات الانكليزي شي شخصي للطالب ممكن ان يدخل دورات لتحقيق هذا الغرض،سيما وان مهمة بعض الكليات تخريج طلبة اختصاص بمواد دراستهم ،وليس مترجمين،فتلك مهمة كليات اللغات الأم، إضافة أن العالم بدء عصر الترجمة الفورية عبر أجهزة بحجم “الموبايل” تترجم الكلام المنطوق،وهناك نظام “مايكرو فلم” يترجم أي نص مجرد التقاط صورة !!!.
كلنا أمل ان تصدر الوزارة بشخص معالي الوزير قرار برفع مادة الانكليزي لطلبة الماجستير غير الاختصاص ،وعدها مادة مستوفية،سيما وان الطالب العراقي يمر بظروف استثنائية،ويجب ان يشكر ويكرم على إصراره على مواصلة الدراسة رغم كل ما يحيطه من منغصات.