دولة اللاقانون أنطقت الحجر والمدر! حتى ورقة إقتراع الناخبين إنتفضت عليهم، فمن بين (277) كتلة مرشحة حصلت دولة القانون على الرقم (277)! وأحتلت ذيل القائمة، ولو كان لورقة الإقتراع لسان؛ لنطقت ولصاحت بأعلى صوتها: (لا نريدهم، فليرحلوا)!..
نعم فليرحلوا ..
يا ترى ماذا نأمل فيهم، وقد إقترن ذكرهم بكل شائن ومسيس؛ إنعدام الأمن، تفجيرات يومية، دماء تسيل، منازل تهدم على رؤوس ساكنيها، ومحال تحترق، أرزاق تقطع، أرامل وأمهات ثكلى، وأطفال تيتم، قوافل الشهداء من الجيش والشرطة ضجت منها مقبرة المقابر، حصة تموينية بلا عنوان؛ تفتقر الى أبسط عناصرها، الكهرباء لم تحل معضلتها رغم مليارات الدولارات التي صرفت على قطاعاتها طوال عقد من الزمن، الخدمات التي تقدمها الوزارات الخدمية والهيئات الحكومية سيئة جداً، المشاريع تعاني التلكؤ، المصانع والمعامل معطلة، حتى أصبحت صناعتنا الوطنية من الماضي ولربما تتحدث عنها الأجيال القادمة على إنها حضارة!.
التجارة أصبحت قبلتها الصين، وعملتها البضائع السيئة الصنع!.. أما الزراعة فأمست تأريخاً تسرده الحكايات، وبتنا نستورد كل صغيرة وكبيرة من الخارج! وكأن السماء أمسكت قطرها، والأرض بركاتها؛ فما عادت الأرض تغدق علينا بفومها وعدسها وبصلها، ولا السماء من منها وسلواها!..
يقال : ببركة وجود أولياء الله يُستنزل الرزق والبركات، وبفعل وجود الظالمين والمفسدين تمنع الخيرات. وقد ورد في الموروث الروائي عن أئمة أهل البيت عليهم السلام : من أراد إستنزال الرزق فليقل ( اللهم إلعن معاوية والعن مرحب الخيبري).
ما يجري في بلادنا من تردي للواقع الزراعي والصناعي والتجاري، وظاهرة نزول الأمطار في غير أوانها، وكما شاهدنا من نزول المطر بغزارة العام الماضي في شهر أيار، رغم شحته في أشهر الشتاء السابقه له، وكذلك هطوله بغزارة في شهر تشرين الثاني الماضي، وحتى اليوم لم نرى أمطاراً كتلك الأمطار!..
كل تلك الأمور تدل على وجود خلل في السلطة الحاكمة، يتحدث عنها واقع الفساد الإداري والمالي، وغضب المرجعيات الدينية على السياسيين، وثراء المسؤولين على حساب مقدارات شعبنا المظلوم، وما يمر به المجتمع العراقي بشتى مكوناته من فقر وبؤس، في فترة تعد أغنى الفترات التي مرت على العراق، حيث وصل إنتاج النفط الى أوجه منذ تأميمه عام 1972 وحتى يومنا هذا، كذلك وصل سعر برميل النفط قرابة ستة أضعاف ما كان عليه في زمان السلطة الصدامية الديكتاتورية، حتى جاوز عتبة الـ (100) دولار. ورغم ذلك لم يحدث سوى تغير طفيف في الواقع المعيشي للفرد العراقي، مع خلق طبقات إجتماعية متباينة، ما بين الفقر المدقع، والثراء الفاحش!..
بالرغم من كل تلك الويلات التي مرت علينا؛ فالتغيير بأيدينا، والإنتخابات أمامنا.
حتى ورقة الإقتراع، أبدت رأيها، ولفظت الحزب الحاكم في ذيل القائمة، ولسان حالها يقول : لا نريدهم فليرحلوا !..
أيها الشعب المظلوم المضطهد المضيع حقه، ورقة الإقتراع أدت ما عليها، وبقي دوركم في التغيير.