برفسور الترجمة الاعلامية \جامعة عجمان\عجمان \الامارات
وجدتها بعد العشاء فوق سطح المنزل قبل ان تنام كمااعتاد الناس في تلك الربوع في اواخر سويعات نهار يوم صيفي والدموع تنهمر من عينيها فضاقت بي الدنيا وتحول سواد تلك الليلة الفضية الباكر الى ظلام حالك لايشع فيه الا نور امي. فسارعت بسؤالها عما حدث في غيابي ودون علمي فتمنعت ان تخبر ولدها الاكبر وبعد الحاح ردت بالقول اللعنة على بنات هذا الزمان. قلت ماذا؟ فقالت بعد اصرار . لقد حاولت طلب يد سارة لاخيك الاصغر سامي فجاء الرد العنيف الرادع الصاعق . نهرتني “المضروبة” كما كانت تسميها وطردتني من البيت دون تدخل الاسره كما هو العرف.اما انا فكنت اغلي في داخلي فهدءت من روعها وقللت من شأن تلك الملعونة وجمالها وكماللها . ويقينا حاولت جهدي تجنب ردود الفعل العنيفة وضبطت نفسي نعم انها فعلا هنيهة مؤلمة الى حد كبير لا تدل على تعامل حضاري.
هكذا كانت ولا زالت الاعراف والتقاليد وهكذا كانت ولا زالت التفاعلات البشرية. بعضها مؤلم حتى انفلات الدموع من سيطرة الية العيون وانفجار براكين الغضب وبعضها مفرح الى حد اندلاع اصوات الفرح المجنونة وهكذا كانت الام ولازالت اغلى من كل شيء وتفدى بالروح والدم حقا وليس كما اعتادت الاجيال الشابة على امتداح الحكام الدكتاتورين بشعار الروح والدم. وحقا لو قيل هذا الشعار بحق الام لهو شعار صادق.
فنهضت ولعنت ضوابط العلاقات بين الناس وانحبس الحزن في صدري تأسفا على اغلى مخلوق في حياتي وكاني تجرعت سما ووعدتها ان انفس العسر من صدرها بماتريد واحقق لها احلامها ببذل ما املك لترى احفادها.
وسرعان ما دارت الايام ونضجت الاثمار ووانفضحت الاسراروانتشرت الاخبار واصبح سامي من ابرع اطباء القلب في البلاد وفي المقابل تعنست الفتاة وجل اعتقادي ندمت على فعلتها تلك اذا كان عندها ذرة من الحياء وغمرت السعادة امي واروت جفاف الفرح عندها وبانت ثمار عناءها مثلها مثل مزارع كادح فقير جنى ثمرات معانته وسدد ديونه واقتنع بما رزقه الخالق.
وشاءت الاقدار وافترق سامي عن امه بعد نشوب حرب قذرة بعدما قويت جناحاه وطارالى وكر جديد بعيد عن طاحونة الخراب وكله امل في ان يسعد امه اكثر في ان يلتقيا في ربيع اخضر.
ولكن اه منك يادنيا اه يا مفرقة الاحباب لم يتحقق الحلم ودام الفراق ولم ولم يلتقا ولم ولم …يا لها من كلمة هذه ” لم” موجعة لاتكاد تخرج الا وتفجر الآهات و تعصف في سلك الوصال فتقطعه وتجز عروق القلب وتدميه وهنا حدثت الكارثة فقد لفظت صانعة الامل انفاسها الاخيرة وهي في حسرة لم تر ابنها منذ ان حلق في اجواء الفراق وحط في دنيا غير دنياها. يقينا كان جسدا في دنياه الجديدة لكنه روحا هائجة تنشد الخلاص والنهاية ولكن اية نهاية هذه… فقدان الاعز الاغلى التي لم تسعدها الحياة رغم قوة الكفاح المضاد لشوائب الحياة .
لله درك يا امي لقد اوجعني فراقك وسلب كل ادوات راحتي وحرق كل امنياتي ولم استقم منذئذ في حياتي لاالوم احد في ذلك الا تلك الشياطين البشرية والذئاب المفترسة والمخلوقات العديمة الضمير التي ترتع في سهول الانانية وتتغذى على تعاسة البشر وتطلق خناجر الكراهية والاحتقار وتقلب عسل الحياة الى سم جهنمي يكتوي به الابرياء والابرار وتحول موسيقا الامل الى ضجيج وتجعل الوان الحياة فاقعة وتخرب سلاسة العيش . نعم هكذا كانت ولا زالت انفجارات الحزن ودوي اطلاقات الكراهية المرعبة بوعي او دون وعي ودون معرفة الاستهداء بما هو جميل ومفرح على الاقل. وهكذا كان ولا زال الطيبون يقتلوهم السكوت والصمت المخيف على سلوك الحمقى من ابناء جلدتهم.