22 نوفمبر، 2024 7:40 م
Search
Close this search box.

هل يصحى حكام بغداد….على فوضى الحكم….قبل الأنهيار ؟

هل يصحى حكام بغداد….على فوضى الحكم….قبل الأنهيار ؟

لا يمكن ان يتقدم العراق اليوم قيد أنملة ما دام الحاكم والشعب منقسمين على انفسهم حول مفهوم الفكر الديني الوهمي والفكر السياسي المستبد مخترقين الدستور والقانون .ومن يقرأ ما يدور في العراق اليوم يشعر بمرارة وكأن هذا الشعب وحكامه الجدد لا علاقة لهم بتاريخهم الحضاري والوطني ابد . يعملون ويحكمون دون انتماء بالمطلق لمفاهيم التغييروبدون تفكير..فهل يعلمون ان ليس في الدنيا اخطر من العيش بدون تفكير…
ان الحكم الديني انتهى زمنيا ولم يعد نافعا حتى في ادغال المتوحشين..فكيف اذا رافقته المذهبية المتعارضة مع نفسها ومع الدين وحقوق الجماهير…فالتصور الديني للأصلاح وبناء مجتمع الحقوق انتهى واصبح من الماضي قياساً لما يعتقدون..لذا علينا ان ننتمي لأنفسنا كبشر لهم “حقوق” . اما اذا أفترضنا ذلك فهل ممكن التخلص من كهنة الأديان وأشكالياتها اليوم ؟ نعم ممكن حين ننتخب اعضاء البرلمان من المثقفين الوطنين وليس ممن لا علاقة لهم بالعلم والوطن والقانون ….فالوطن ليس ملكا لهم فهوملك الجميع الذي لا يُنازع ..؟
واذا أخطأت الولايات المتحدة الامريكية التي اسقطت الوطن بالقوة وبدون وجه حق وسلمته لهؤلاء الرعاع ..لا يعني ان نسكت عليهم خوفا من سياط المتسلطين …وعليها هي ايضا ان تتحمل مسئؤليتها القانونية والاخلاقية لتكون مع الشعب المظلوم في المطالبة بالحقوق..ولا تنظر الى المسألة من حيث الربح والخسارة في عالم السياسة والمال.
كل شعوب الارض اختلفت في العِرق و اللسان والدين..لكنها خضعت للكهنوت الديني والسياسي معاً كتقليد…فحين استمد الكهنوت السياسي قوته من الحروب والقوة والسلطان ..استمد الكهنوت الديني سلطته من المرجعيات الدينية التي تحكمت بعقول الجهلة من الناس حين غلفت كل باطل بغلاف الدين ..فهي بنظرهم أصبحت مقدسة لا تخرق (قدس سرهم).لذا فالتوجه الديني كان هو الاقوى وهو الذي منه استمد التوجه السياسي سلطة الاستبداد والاعتداء على حقوق المواطنين في الحرية والاخاء والمساواة…في ظل هذا التوجه الديني القوي نسي الشعب قومياته وحقوقه بعد ان سيطر المعبد على العقول حين حاربوا الاجتهاد العقلي والابتكار العلمي..وحولوا اماني الشعوب الى غيبيات أخروية باهتة فيها الراحة والجنة والحقوق والقوارير…هنا بقي المستنيرون يعانون من محنة الأضطهاد المستمر..فقالوا لابد من التغيير..؟ فكيف كانت البداية للتغيير..؟
لنأخذ اوربا مثالا حياً لما نرغب ونريد ..حين انبرى الجيل الجديد من المثقفين وخاصة الفرنسيين الذين آمنوا بالفكر والحرية والتقدم ،فهاجموا القديم بعنف دون توقير لشيء من الموروث الديني والتراثي فكتبوا الموسوعات العلمية بشيء جديد في كل فرع من فروع العلوم من امثال ديدرو وديلامير حتى انبتوا بذرة الفكر المعاصرفي فكر الجيل الجديد .. الذي غير المفاهيم المتوارثة في ميدان المعرفة فأستطاعوا ان يصنعوا رؤية جديدة لمستقبل الانسان الاوربي قائم على العقل والعلم والحرية. ، حتى كسبوا المعركة بعد ان ادركت الدكتاتورية والكهنوتية ان لاطريق امامها الا الاستسلام والاعتراف بالحقوق.
ان الاصرار على التوجه الجديد عند الاوربيين مثلاً ادى الى ازدياد القبول للقيَم في نفوس الجماهير..هذه القيم التي تعمل السلطة – أي سلطة غاشمة- على تدميرها مثل الامانة والعدل ومحبة الوطن..فتشيع بدلا منها الرشوة والسرقة والطائفية والعنصرية وكراهية الوطن لتقتل الحمية عند الانسان كما يفعل المسئول في العراق الجديد..هنا تشجعت الجماعة المستنيرة على الالتزام بما طرحته من قيم ومُثل ومواصلة السيربها لقهر السلطة وكهنوت الدين .. فظهرت فلسفة جديدة عندهم واضحة.. هي فلسفة نظرية الحقوق والتقدم .من هنا نشأت النظرية واضحة المعالم ساقتهم الى الانتصار حتى اصبحت اساسا جديدا للنظر الى التاريخ واحوال البشر..فأين نحن منها اليوم؟ هذا ما أريد ان اقوله في هذه العُجالة.. ؟.
نحن ندعو مثقفينا وكتابنا الى الالتفات لمثل هذا التطور الخطير فيتوجهوا الى كتابة كل جديد صادر من العقل ليكون ايمانهم بالمخلوق سبيلا لأيمانهم بالخالق أي صادر من العقل وليس مما يقوله رجل الدين ..وهذا تغير في الفكر له قدره واهميته.
هنا تحركت عجلة التاريخ في الطريق السليم بعد طول تعثروركود..فكانت مطالبهم في تحديد سلطات الدولة وحقوق الناس لقطع الطريق على الحاكم واعوانه من الاستهتار بحقوق الواطنين.. هذه الحالة مع الاسف لا زالت مستمرة لدينا اليوم بعد ان ركزت السلطة على حقوقها دون الناس ..فبالتوعية المستمرة والكتابات النافذة ينهض الاقتصاد ويظهر الوعي اقوى من سلطة الدولة فيتغير الامر لصالح الناس رغما عن سلطة المتسلطين..وحين يكسب الناس حرية الحركة وحرية العمل وحرية القول التي بهرت عقول رجال الفكرسيكون المزيد من المساهمة والتغيير.
ونتيجة لذلك يبدأ الفرد يتمتع بالحرية الحقيقية لا المنغلفة التي تتحكم فيها مليشيات الحاكم الظالمة على المواطنين .. فيبدأ الشعور بالامان يظهر رويدا رويدا وينحسر سلطان الحاكم والمرجعية الدينية الموالية له وينتقل لسلطة الجماهير التي بدأت تفكر في بناء الدستور والقانون وفق مفاهيم الحرية والحقوق..من هنا سيحترم الدستور والقانون طواعية فيسود الامن والمال لكل الناس دون تحديد..وهكذا تنتهي مرحلة التخدير الديني ومناسبات التجهيل كما هي اليوم المتمثلة بالاكثار من العطل الدينية ومسيرات الاحزان ونشر الوعي الوهمي وتدمير حقوق المرأة في التغيير كما في نظرية المهدي المنتظر وولاية الفقيه والموقف السلبي من المرأة والتعليم.
نعم..وبمرور الوقت والضغط الجماهيري المتزايد عليهم.. ستصبح السلطة الدينية في خدمة المواطن ظاهريا وتتبعتها سلطة السياسة خوفا من الجماهير. وهكذا يبدأ ضعف الكهنوت الديني بعد بروز نظرية النقد الديني عند المواطنين .. والنقد الديني اساس كل نقد ..فيظهر الوعي الجماهيري في ميدان السياسة والدين..حتى يتحول الوعي الى قانون فعلي يخدم الجماهير.. فيتحول المجتمع الى مجتمع جديد لم تعد السلطتين السابقتين لهما من تأثيرفيه .فتكون بداية التغيير..
أما اذا بقينا ننتظر المهدي المنتظر الوهمي الحدوث ليملأ الأرض عدلا وولاية الفقيه ،والحاكمية الآلهية المبهمة ، والشريعة الغامضة ، والبيعة الكاذبة، والطائفية المقيتة والاجبار على التعامل مع الموجود لاستنباط الحقيقة والرضى بها كيفما تكون…لن نصل الى فكرة الوطن والتفريق بين الحر والعبد..ساعتها سيكون احتلال الوطن يبدأ من أحتلال العقل كما هو اليوم فتتغير لغة المعقول ..بعد ان غلفوا كل باطل بغلاف الدين. نعم أنهم لغزُ مُحير ملفوف بالغموض..لابد من مقاومته والتوجه نحو علمانية الوجود.
اعتقد ان هذه الحركة الواعية لم تكن كافية للخروج من ازمة الاستبداد الديني والسياسي بشكل تام عندنا..الاعندما تدرك جماهيرنا المظلومة ان هذه القيادات السياسية والدينية ليست هي الاصلح لقيادة الأمة..فيتحول هذا الشعور الى غضب يؤدى الى الخلاص النهائي من فرقة غاصبة لحقوقهم وحياتهم والرغبة الجامحة للخلاص منهم بالرفض والأعتصامات بالثورات التي تزعزع اركان البيت القديم حتى وان لم تهدمه. لذا لابد من ان نُشعرمن يحكموننا اليوم..من الظلمة والمستهترين بالحقوق ليفوقوا من غفلتهم قبل الموت الأخير..
هنا يأتي دور المثقف الرئيسي في دراسة التاريخ واستخراج الاحكام والنظريات من تجارب الامم والتي بمرور الزمن سترغم القيادات السياسية والدينية على التواري والهروب كما في هروب بعض القيادات العراقية الخائنة اليوم الى خارج الوطن خوفا من المستقبل “المجهول “.
نعم .. لم يعد الانتظار من هذا وذاك كافياً ليُغير لنا القانون فذاك امل مفقود بعد ان اصبح البرلمان ورئيسه عاجزا عن التغيير.. لا بل مساهماً بكتلهِ السارقة لاموال الناس في التدمير..وقيادات سلطة المجتمع النرجسية التي تملك الامتيازات والقوة والقانون والتي ترفض التنازل عنها كما قال رئيس الوزراء السابق حيدرالعبادي “أنهم تعلموا على حياة يصعب التنازل عنها”..لذا لابد ان يكون للمجتمع من القوة والعزيمة بحيث يستطيع ان يوقف الظلم ويرد السلطة عن هواها .
…هنا بالاعتماد على النفس والاصرار على الاصلاح يكسب الفرد احترام نفسه وتقديره لها..لذا عليه ان يبدأ بالترفع عن الكذب والخوف وطرق الخيانة الذي علمته السلطة له قصداً لتفسد اخلاقيته المجتمعية ..ويتعالى على الدنية وينشأ عنده وعي خلقي وأنساني قائم على العمل والتجويد ونشاط الحركة..لتعم السعادة غالبية المجتمع والناس.
على هذا الاساس من الوعي الخلقي ينشأ قانون جديد عملي للمعاملات المالية ثم الانسانية فتختفي الرشوة والتزويروالسرقة تبعاً لذلك بين المواطنين اولا.. ثم محاصرة السلطويين الذين اصبحوامن المعطلين للحدود بالشفاعة والقرابة والجحد بالاحكام المنصوصة والشرائع المشهورة والسنن المنصوبة ثانيا..وهنا يلعب المنهج المدرسي القويم والمعلم واستاذ الجامعة والكاتب والاصرار الجماهيري ومن يقف معهم في السلطة من المخلصين ولو قلة منهم ..دورا في الايضاح في عقيدة الأنسان والقانون.. وبمرور الزمن ينشأ مجتمع جديد يعتمد على النفس والرخاء ويسير فيه كل شيء وفق قانون عملي مطبق..حتى يصبح التفكيرفي التحسن والتقدم في المجتمع عقيدة.
هنا يصبح الفكر الصادق الدءوب هو الفاتح لأبواب عصر جديد ..لنتخلص مما رسمه لنا الحاكم ورجل الدين..والغريب المستفيد..

أحدث المقالات