18 ديسمبر، 2024 8:41 م

هل هناك اوجه شبه بين النظم الديمقراطية غير الليبرالية والشعبوية والديكتاتوريات ؟

هل هناك اوجه شبه بين النظم الديمقراطية غير الليبرالية والشعبوية والديكتاتوريات ؟

دراسة حالة تفكك وتفتت كبريات الامبراطوريات تاريخيا وعلاقتها بنوع نظام الحكم
القاسم المشترك لانواع انظمة الحكم هذه هو اختلاف درجة كبت الحريات المدنية للمواطنين ومدى امتلاك السلطة من قبل من يكونوا على راسها سواء فردا او مجموعة. ففي النظم الشعبوية ( Populism)هناك نوع من المرونة في العلاقة بين الحاكم والمحكوم. وتتناقص قليلا هذه المرونة في النظم الديمقراطية غير الليبرالية
( Illiberal Democracy) فيما تنعدم هذه المرونة تماما في النظم الديكتاتورية (Dictatorship )حييث يمتلك من يكونوا في السلطة افرادا او احزابا يمتلكون سلطة مطلقة في ادارة البلاد.
من البديهيات ان الامبراطوريات تاريخيا هي دول عظمى تحكمها ديكتاتوريات او سلالات يصاحب انهيار كل واحدة منها الاضطرابات والحروب كما انها كيانات متعددة الجنسيات مكونة من شعوب لها ثقافات وعادات وتقاليد متقاربة جدا. ولكن عندما تتفتت هذه الامبراطوريات الى دول قومية ذات شعوب لها سيادة واضحة نادرا ما يحدث ذلك دون صعوبات جمة وتصادمات بينها.
في سنة 1880 قال احد كبار المستشارين القانونيين الروس في وزارة الخارجية الروسية اذا طبق المبدأ القومي وهو اعطاء لكل شعب دولته الخاصة به في اية منطقة شاسعة من المناطق التي يحكمها القياصرة او العثمانيون او الهابسبورغون (حكم العائلة الملكية الالمانية ) اذا طبق هذا المبدأ ستحدث فوضى وكوارث واضطرابات. ووصدقت نبوءة هذا المستشار القانوني . فلم يتشكل عالمنا الحالي بحدوده الحالية الا بعد حربين عالميتين والعديد من الصراعات الاقل حدة والمذابح الجماعية والتطهير العرقي بدرجات عالية وتحولت خريطة دول هذا الكوكب باكمله ألى خريطة ما بعد الحرب العالمية الثانية اي بعد عام 1945. حيث لايزال جزء كبير من الشرق الاوسط يعيش عواقب انهيار الامبراطورية العثمانية حيث ملئت الامبراطوريتين البريطانية والفرنسية لفترة ليست قصيرة اجزاء من الفراغ الذي تركته الامبراطورية العثمانية. وقد لاقت العديد من الدول القومية الديمقراطية ذات الخصوصيات الاثنية واللغوية لاقت صعوبات جمة وعويصة في تجذير نفسها في عالم يحدد فيه الولاء تقليديا عن طريق الجماعة المحلية و الديانة والسلالة والمنطقة.
اضافة الى ما سبق في العقود الاخيرة من القرن الماضي -القرن العشرين وضحت اسباب الانهيار حيث بدأ الاتحاد السوفياتي السابق بالتململ والتفكك والتفتت لجملة من الاسباب المنطقية في راي كاتب هذه السطور اولها: عدم القدرة على الاستمرار في دعم الحركات مكونات ذلك العملاق الكبير على البقاء اقتصاديا بالاضافة الى عجز الدولة الثورية في العالم وخاصة في اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية. وثانيها:العجز في ضخ دماء جديدة خاصة في قمة القيادة السياسية بالاضاقة الى ضعف وشيخوخة كبار القادة نتيجة لسياسة الحزب الواحدة وثالثها التقدم التكنولوجي وخاصة الاعلامي حيث تجاوزت قدرة الاعلام الحدود المكانية والزمنية وعدم قدرة الدولة على معالجة ذلك. وكشفت تلك القدرة الاعلامية الهائلة عورات الانظمة وبينت الحاجة الى التغير ومنح حريات اوسع لشعوب هذا العملاق الكبير اي الاتحاد السوفياتي السابق وخامسها رغم ادراك السوفييت الى الحاجة الى التغيير الا ان هذا التغيير جاء متاخرا وغير كاف وذلك لجمود العقلية السياسية.
السؤال هو : هل ستبقى الكتلة الاكبرالمتبقية -اي الاتحاد الروسي كتلة واحدة دون ان تتعرض لنفس مصير الاتحاد السوفياتي السابق؟ وهل هناك حاجة لاعادة الامجاد وضم ما يمكن ضمه من المتفككات ومنع الخصوم من استغلال ذلك؟ الجواب على هذا السؤال المتفرع هو بالتأكيد “لا” لاسباب اخرى في راي الكاتب. اولها :لابد من التاني وعدم التسرع في اتخاذ قرارات كبرى والدخول في مغامرات عبثية و لابد من اللجوء الى الحلول الدبلوماسية المتاحة وان طال الزمن. وثانيها: اي قرار من ذلك القبيل يؤدي الى توحد الراي وتكتل دول اوروبا خاصة في مواجهة روسيا الاتحادية.ثالثها قدرة الاعلام الحالي بتقنياته الجديدة في نشر الرهاب الروسي ( روسيا فوبيا) والتخويف من الدب الروسي.
وثالثها :عدم وضوح موقف الصين لحد الان رغم ميلها الى الجانب الروسي لا لشيء سوى انها تشعر بان لديها نفس طموحات ومظالم الجانب الروسي فلابد لها ان تمارس سياسة شمولية اكبر. ورابعها :خوف الصين على تردي اقتصادها الذي يزداد ازدهارا ان قامت بمغامرة مماثلة غير محسوبة او مساندة نظام سياسي حليف.
ختاما هذا هو حال الوضع المتفجر في اوروبا على وجه الخصوص ماضيا وحاضرا ومستقبلا ولا نعلم بالضبط ما يخبىء لنا المستقبل وذلك لما تمتلكه القوى العظمى من اسلحة ذات دمار شامل قد تلجأ لاستخدامه لحل مشاكلها.
——————————————————————————————————————————————————–
الديمقراطية غير الليبراليةهي توصيف لنظام حكم في دولة ما يمنع الموطنون فيها من معرفة فعاليات الاشخاص الذين يمارسون السلطة الحقيقية برغم من اجراء انتخابات فيها وذلك بسبب انعدام الحريات المدنية ولذلك يكون البلد بلدا غير منفتحا وغير متقبل للاخرين كالمهاجرين مثلا.
فيما الشعبوية فهي توصيف لنظام حكم منتخب يستند على مجموعة من المواقف السياسية التي تركز على مصلحة الشعب وتعايشه مع النخبة السياسية خاصة والسلطة الرابعة اي الصحافة.
اما الديكتاتورية (Dictatorship)فهي توصيف لنظام حكم يكون امتلاك السلطة المطلقة بيد شخص واحد او مجموعة من الاشخاص مع عدم وجود قيود دستورية فعالة رادعة