23 ديسمبر، 2024 12:19 ص

هل هؤلاء ممثلونا حقا؟

هل هؤلاء ممثلونا حقا؟

لم يكن ما شهدناه أمس من جلسة استجواب وزير الدفاع في البرلمان سوى مشهدٍ واحد من فصول مسرحية مكوّنة من الفصول يوازي عددها عدد مرافق هذه الدولة ومفاصلها ودهاليزها وزواياها ودوائرها.
أقول ” مشهد ” لأنّ المسؤول تحدّث عن مقطع من مقاطع الدولة. عن مرفق من مرافقها. عن شريحة واحدة من شرائحها. فنالت طرطشة تصريحاته كروشا كبيرة وطرقت على رؤوس كبيرة، سمح لنا أن نسمع بأسماء بعضها وحجبت عن آذاننا أسماء أخرى.
أبطال المشهد كانوا قليلين لأنّ المرفق واحد ولأنّ المستجوب واحد والمستجوبة واحدة.
فماذا لو كان الموضوع مضروبا في خمسة أو عشرة؟
ماذا لو فتح ملف التعليم والصحة والخارجية والداخلية؟
وماذا لو فتح ملف التجارة والطاقة؟
أو الكهرباااااااااااااااء؟
بل ماذا لو فتح ملف أصغر ” زاغور ” من ” زواغير ” هذه المؤسسات وهذه الخدمات؟
كنا سنسمع حكايات وحكايات لا تنتهي
كان البرلمان سيتحول إلى مسلسلة مكسيكية من تلك التي تدوم 345 حلقة أو أكثر.
المشهد والكلام دارا حول خمسة أشخاص.
لكنّ الآخرين لم يكونوا بمنأى عن مرمى النيران. وليسوا هم بأبعد من كلّ من ذكر عن مرمى النيران، سوى أن وقتهم لم يحن بعد، وباب ميدان عملهم لم يدق.
سألت نفسي وأنا بين متألم وغاضب: إن كان من يمثل العراقيين هم هؤلاء فكيف هم العراقيون؟
تمزّق هؤلاء هو تمزقنا
وفساد هؤلاء هو جهلنا وعصبيتنا
وازدهار تجارتهم في تشتتنا وخلافاتنا
نعرف ما يأتونه ونتندّر مع ذلك نتمسّك بهم.
يكشف العالم لنا فضائحهم. بل يكشفونها هم عن أنفسهم بأفعالهم ونحن متمسكون بهم.
هل ما عاد في العراق غير هذه الحفنة التي يأنف أيّ أصحاب سوابق بسيط شريف أن ينسب إليه فعل واحد من أفعالها؟
ألا يحترم هؤلاء ” السادة ” و ” السيدات ” أنفسهم وهم يتقاذفون الشتائم والجرائم كما الكرة؟
لقد خرجوا عن وظيفتهم وأصبحوا من دون سياق.
أم إنّ وظيفة النائب هو تسفيه الآخر وطعنه واتهامه دفاعا عمّن يمثلهم وعن الشارع الذي انتخبه؟
هل انتخب العراقيون نوابه من رجال ونساء لينصرفوا للسرقة أولا ثمّ للتقاتل على ما سرقوا؟
لقد خرج الموضوع عن كل سياق
وما عاد من يعمل لصالح من انتخبه
وقد يكون في ما قالت النائبة صاحبة الاستجواب استثناءً على المشهد.
قالت إنّها ” تتشرف ” أنّها مدّت يد العون لثلاثين من ” أبناء الشعب ” لكي يعينوا في التربية.
ومدّت يدها من جديد لانتشال لا أدري كم من الأنفار ليحموا الذمار ويدافعوا عن الحياض.
سنصدّق دعواكم
وسنتشرّف بتمثيلكم
لكن بعد أن تثبتوا أنّ همّنا همّكم ودماءنا دماؤكم ومالنا مالكم وليس العكس.