18 ديسمبر، 2024 8:43 م

هل نراجع لكي لا نتراجع؟!!

هل نراجع لكي لا نتراجع؟!!

المراجعة: المعاودة
والرجيع من الكلام: المردود إلى صاحبه
وراجعه الكلام مراجعة ورجاعا: حاوره إياه
“ويرجع بعضهم إلى بعض القول”: يتلاومون
الرُجعى: الرجوع
“ثم إلى ربكم مرجعكم”

والمراجعة تذكرنا بأيام الدراسة قبل الإمتحان , حيث نراجع المادة لكي نستعد ونحقق الإجابة الأفضل.

والمراجعة سلوك ينطبق على الأفراد والمجتمعات, فالأفراد يراجعون أنفسهم عقب الإنتكاسات والخيبات وما يحصل لهم من مشاكل ومعوقات , والمجتمعات أيضا تراجع نفسها بعد مرورها بمشاكل ومعضلات وحروب وصراعات ومنعطفات مصيرية.

معظم شعوب الأرض تراجع نفسها , ويبدو أن المجتمع العربي هو الوحيد الذي يشذ عن هذا السلوك الحضاري المعاصر, فلا تجد مراجعة سلوكية سياسية وثقافية وفكرية وحزبية في مجتمعاتنا.

بل أن اللاحق يكرر خطايا وآثام السابق وهكذا دواليك.

تتغير الأنظمة وتخلو ساحة الفكر والوعي السياسي من المراجعات , ويثور المجتمع ولا مَن يراجع ويستنبط الدروس ويجدد المسارات , وإنما هو دوران في دائرة التداعيات المفرغة.

فلو نظرنا لأي بلد عربي لإتضح إنعدام سلوك ومهارات المراجعات.

ومَن لا يراجع يتراجع , ويرسب في الإمتحانات المصيرية!!

فما نكتبه لا ينم عن مراجعة حصيفة ودراسة موضوعية علمية للأسباب والمعطيات , وغيرها من العناصر الداخلة في صناعة المأساة.

والذي يطغى هو النكران والإسقاط والتبرير والتجاهل , ومحاولة إستحضار المفردات السلبية , ووصم المرحلة السابقة بها وحسب, وإثارة مشاعر العدوانية والكراهية والبغضاء , وبناء سواتر إنفعالية ذات ردود أفعال تدميرية مروعة ودامية.

فمجتمعاتنا التي تحققت فيها الثورات والتغييرات لم تقم بمراجعة واحدة للمراحل السابقة في حياتها , ولم تقيّم سلوك الأنظمة التي ثارت عليها , وحسبتها سيئة وحسب.

وهذا غير صائب , فلابد من إيجابيات يمكن البناء عليها وسلبيات يجب تجاوزها , فأي نظام مهما كان هو تعبير عن سلوك المجتمع في مرحلة ما وظروف ما.

وكم من المجتمعات تراجع فترتقي وكم من الشعوب تتجاهل فتنتهي.

فهل سنراجع لكي نكون , أم سنبقى في تجاهلنا ونكراننا وإسقاطنا وتبريرنا وإنهماكنا في تداعيات الإنقراض السعيد؟!!