23 ديسمبر، 2024 9:30 ص

هل سيملك العراق يوماً قيادة…بمستوى قيادات العالم…؟

هل سيملك العراق يوماً قيادة…بمستوى قيادات العالم…؟

لا يمكن ان تكون قائداً الا اذا ملكت الثقة بنفسك وبقدرتك على تحمل مسئولية القيادة ، ومسئولية القيادة لا تعني القوة والغرور والتفرد بحكم الناس،بل تعني النظر الى الامور بمنظار الواقع الذي يمكنك من تحقيق النجاح بما انت فيه ، فمن من حكام العراق بعد2003 ارتقى الى هذا المستوى الرفيع في قيادة الوطن؟ لا أحد…
الثقة بالنفس لا تأتي الا مع الخبرة والكفاءة والممارسة،مصحوبة بالقناعة الشخصية للقائد .القيادات الناجحة هي التي تواجه المشكلات والمعضلات المعقدة بالحلول السليمة المبدعة التي لا تترك اثرا عليها وعلى من حولها في التطبيق.هنا فشلت القيادة العراقية على حل المعضلات التي واجهتها لعدم تمكنها من مواجهة المشاكل بروح الثقة والوطنية وتقديم المصلحة الخاصة على العامة.
يرى البعض من القادة في التغيير ،ان التخلي عن الهوية الوطنية والثوابت الاساسية لبنية الوطن والناس والدين، هو مذهب القيادات التقليدية التي ترى ان التغيير السايكولوجي والديموغرافي لا ضررَ فيه على الوحدة الوطنية والتركيبة السكانية للمجتمع ظناً منها في الاحتفاظ بمكانتها خوفا من التغيير.لكن هذا المفهوم قد تغير الآن بفعل عوامل الأبداع والابتكار والنظرة الحياتية العلمية المتطورة للمجتمعات الانسانية فالأخلاص هو البديل. ولا تعتبرمثل هذه التغيرات تمردا على الماضي الحضاري،بل تجديدُ وابتكار مادام القائد يؤدي دوره بأمانة ونجاح.
أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية مثالاً.
2
المشكلة في القيادة يجب ان تميز بين التاريخ والفلسفة ،لتبين الفرق بين القديم والجديد.فالجوهر هو الثوابت الوطنية التي لا يمكن ازالتها من فكر الانسان القائد ،لأن فيه عنصر الديمومة،اي الهوية الباقية معه ومع الحياة التي يعيشها،لأن مجموعة الظواهر التي فيه هي حقيقة جوهره الذي يتعايش معه ، من اجل الحفاظ عليه وعلى معتقدة ووطنيته،فالوطن مفضل حتى على النفس (أنظر الآية ،43 ،120من سورة التوبة) التي أبكت محمدا(ص) بعظمته.من هنا يكون تصرفه قياديا نابعا من اصله حتى لو طرأت عليه التغيرات والتحولات،لكنه يبقي معه حقيقته التي لا تختفي بفضل جوهره ذاك. فكيف اذا فقد الجوهر وجاء القائد عارياً منه..؟ أنظر ما حل بقيادة العراق نفسياً اليوم وهم يصارعون الندم…؟
اما النظرة الاخرى فهي التي لا ترى في التغيرات الا ما تظهر امامه دون ان تضطره الى الحلول الخفية ،ولكن حين يتابع سلسلة الاحداث التي تمر به من خلال حياته وتطبيقاته لافكاره القيادية في المجتمع ،لا يرى سوى احداث تتابع عليه وهو مرغم على تطبيقها لأنه اصبح أسيراً للخطأ،حتى لو كان التاريخ هو المتحكم فيها.هنا ما نشاهده او نلمسه اليوم،هو ان القيادة مرهونة بقيام عنصر مستقل في ذاته لا يستطيع ان يفلت منهما،هما:
الاخلاص و الولاء التام لها…وبدونهما يصبح القائد كالحجر؟
لذا فأن القيادة سواءً في القديم او الجديد مربوطة بعنصر اساس هي تجارب الماضي ومستحدثات الحاضروولاء الوطن،لفتح ابواب لقيادة واسعة التفكير والتغيير، محتاطة لكل طارىء وجديد، ليمهد القائد الجديد للفكر الانساني او
الوطني ان يُغير الحالة الى الافضل من اجل مسايرة عناصر التغيير،لذا فأن اصحاب الفلسفة المثالية في القيادة (كمؤسسة الدين ) مثلاًعقلها وفكرها مقولب بالقديم لا يقبل التحديث،لاعتقادها بانها نهاية المعرفة ولا يحق لاحد اختراقها كما في مؤسسات الدين المنغلقة اليوم في الوطن العربي.
على اصحاب المناهج الدراسية والمشرفين عليها ان يعملوا على تقريب المسافة بين الرأيين،واعطاء للقديم الوقار والتقدير في نفس الوقت افهامه ان الزمن يحتم التغيير.فحتى مفردات اللغة والمعاني تتغيرلانها نشأت في اوقات متغيرة،واللغة دوما تحافظ على اتساق نظامها.
لذا من واجب المنهج الدراسي خلق المُناخات التي تهيأ لجيلٍ قياديٍ جديدٍ، يتلائم وعصر التجديد لمسايرة العالم في القيادة والتطبيق. وعلى القيادة الجديدةالمتطورة ان لا تركبها الآنانية والغطرسة لتبقى تحتفظ بما يحتم عليها واجب الوطن والأنسان في الحقوق والتجديد، وعليها واجباً اخلاقياً ايضاً هوانتاج قادة ماهرة ومتدربة وناجحة لاستمرار النجاح والتقدم في البلد المعين الذي تريد.فكيف اذا فقدته..؟
هذا التوجه مفقود عند العرب والمسلمين..؟ وعند القيادة العراقية بشكل خاص اليوم..؟
هذا التوجه هو ما يحثنا عليه العلم الحديث وآيديولوجيات التغيير الذين وضعوا كل مفردات التغيير .ومن دون تطبيق هذه الاستراتيجية المهمة لن تستمر المجتمعات في الصعود الى قيادات مخلصة لها وللاخرين…ويبقى تاريخهم مفعهم بالاحداث والعبر.
من خلال دراسة فلسفة التاريخ نستطيع ان نتجاوز كل تحدٍ وصعوبة للانتقال نحو الافضل..
4
فمن يطبق هذه الفلسفة من الفاشلين والآنانيين والمال والسلطة هي محور عقولهم الفلسفية في التطبيق…كما في قيادة العراق اليوم ؟ لذا سيبقى الفشل يلازم التطبيق.فحذاري يا عراقيون من الاستمرار في حجب حقوق الناس والوطن.
لقد وقف النظام الاسلامي وفق نمط واحد بقيادة الدولة ،كما في قولهم ان الاسلام يحكم وفق نمط القرن الأول الهجري، لكنهم يقولون في نفس الوقت ان الاسلام صالح لكل زمان ومكان،ومن هنا وقعوا في معضلة غير قابلة للحل عبر الزمن.بعد ان نسوا ان النص القرآني يتصف بطابع النسبية رغم مطلقية المحتوى في التطبيق .
خذ النظام الامريكي اليوم مثلاً عندما توقف عن التطوير والتحديث وعدم الاهتمام بالثوابت الوطنية،فكانت الهجرة غير المنضبطة لأمريكا،والتسامح مع الحكام المعتدين على شعوبهم، تنبه الشعب الأمريكي للخطأ المرافق للتطبيق،فصمم على التغيير ، حين أدرك الحقيقة هي ان امريكا العظيمة أصبحت وكأنها بلد لاقيمة لها في ميزان القوة والتعظيم.
من هنا فأن أختيار الشعب الأمريكي للرئيس الجديد تراب قلب الموازين ليعيد لأمريكا شخصيتها المفقودة وقدرتها العظيمة في مجال المال والسلطة والحكم بقيادة جديدة تلغي القديم ، بعد ان اساؤا اصدقاء امريكا لها ،حين فضلوا الاخرين عليها رغم انها هي التي جاءت بهم لحكم السلطة في
التغيير (قيادة العراق مثالاً).هنا جاء ترامب لينبه الاذهان عند الأمريكيين الى ضرورة التغيير،وهو محق في ذلك.
5
ان الاعتماد على واحدية البنية في الحكم بأختلاف الهوية يؤدي الى المنهج الخطأ في التطبيق. نحن نأمل من السيد ترامب ان يخلصنا من تماسيح السياسة ونكران الجميل..؟ ويعيد لامريكا والعراق وجههما الجديد.
مع الاسف سيبقى العراق بفلسفة حكمه الفاسد ، وقيادته الفاسد ة بعيدا عن كل جديد..؟ والا لما استأسدت عليه الفئران في كركوك واصبح العرب الى درجة تتلاشى فيه مع الحكومة..فهل ينتبهون…؟
[email protected]