22 ديسمبر، 2024 7:32 م

هل تُقتل الأمم بدينها؟!!

هل تُقتل الأمم بدينها؟!!

من النظريات التي أريدَ تطبيقها على واقع بعض الأمم , أن يكون الدين قتّالها , بمعنى أن يتحقق إشاعة الفرقة بين أبناء الدين الواحد , ليتماحقوا فيقضي بعضهم على بعض!!
ولا يوجد دين أو حزب أو تكتل بشري ما إنتهى إلى إنشطارات وتفرعات , وهو من طبع السلوك البشري , ولا يشذ أي دين عن هذا التفاعل المعروف منذ الأزل.
والتأريخ يؤكد أن الإنشطار في الدين لا يقتل الدين , بل يقويه ويزيده تفاعلا مع زمانه ومكانه.
ولو تفحصنا الإسلام لتبين أن القوة الإنشطارية فاعلة فيه منذ بدايته , وتجلت بصراعات وحروب دامية عديدة , لكنه لم ينقرض بل إزداد قوة وقدرة على الحياة.
فالقول بأن التفرق والتمذهب وتأسيس الجماعات والفئات في أي دين ستقتله , لا يستند على أدلة وبراهين قوية ذات قيمة عملية , لأن ما يحصل أن الدين يكون أقوى كلما تعددت فرقه وفئاته , ومدارسه ورؤى المنتمين إليه.
فالذين يقولون أن الإسلام يمكن قتله أو إضعافه بتشجيع هذه الفرقة ضد تلك الفرقة التي فيه , واهمون , لأن القانون الجاري في الدين , أن ما ينفع الناس يبقى , وما يضرهم يذهب , والله يمحق الشر بالشر , ويديم الخير بالخير , وسنة الحياة أن كل حالة تلد ضدها , فلا دوام لموجود أيا كان نوعه وكينونته , لأن الدوران يتحكم بالموجودات كافة.
فلكي يبقى الدين لا بد له من التفرع , ولا يصح ان يتجمد ولا يتشعب , ولا تنطلق العقول التي تتأمله بما ترى فيه , فلكل فرقة رؤاها , ولكل جماعة منطلقاتها , لكنها منبثقة من جذر واحد وساق واحدة , وكل غصن له شأن ودور في صناعة الحياة , وكلما تواصل الدين إزدادت فرقه وطوائفه وتواجهات المنتمين إليه , فالإسلام في بدايته كانت فرقه وطوائفه أقل مما هي عليه اليوم , ويمكن القول أن هناك عشرات المئات من الفرق والجماعات , لكن الدين حي متجدد وفاعل في الحياة.
إن المتشائمين الذين يتمنطقون بلغة المثالية والخيالية , وكأنهم لا يمشون فوق التراب , يوهمون الناس بأن الدين ليس بخير , والأمة تتداعى إلى حفر الإنقراض , وهذا بهتان وتضليل , فالأمة قائمة وتتقوى بفرقها ومذاهبها وطوائفها , وبهذا التنوع المتفاعل , تبني سبيكة الدين القويم , المتوافق مع السلوك البشري وما ينجم من تواصله مع مكانه وزمانه.
فالأمة بخير , والإسلام حي متوهج ساطع , وكلما إزدادت فرقه , تنامت قوته!!!