18 ديسمبر، 2024 7:01 م

الأسود في الغابة دوما على صواب وما دونها في خطأ دائب , وتلك شريعة الغاب الفاعلة في مجتمعات القوي يأكل الضعيف.
والسلوك الغابي ينطبق على الكراسي المنفلتة , التي لا يحكمها دستور ولا تخضع لقانون , كما هي الحال في بعض المجتمعات التي تتأسد فيها الأحزاب والفئات والمجاميع المسلحة.
فهذه بجملتها لا تفهم معنى الخطأ , لأنها قد تأسّدت وتسيّدت , وصارت هي الدستور والقانون , ومقياس السلوك القويم , وما يخالفها يكون فريستها وهدفها المفتوك به فورا.
فما ترتكبه من خطايا وآثام وجرائم بحق الإنسانية لا تؤاخذ عليها , لأنها تأكيد لتأسّدها وهيمنتها وسطوتها وقوتها الفتاكة , التي على القوى الأخرى أن تخضع لها وتدين بالولاء.
فالبعض يشير إلى أن القوة المنفلتة ترتكب أخطاءً , وكأنه يسعى إلى توعيتها وإرشادها , ويتناسى أنها في سورتها الإفتراسية الفتاكة العمياء , تتباهى برؤية الدم والدمار والخراب والدموع , والإستماع لأنّات الوجيع وآهات الفجيع.
إنها سلوكيات وحوش ضارية , فهل تستطيعون منع أسودٍ سابغة من مهاجمة قطيع من الغزلان؟
إن هذه المقاربة السلوكية صحيحة في واقع بعض المجتمعات , التي تأسّدت فيها الكراسي الموبوءة بالأضاليل والبهتان , وإتخذت من التديّن قناعا لإرتكاب أبشع الجرائم بحق الإنسانية والدين الذي تدّعيه.
وترانا نقرأ لكتّاب جادين في تنبيه الآخرين , بخصوص الأخطاء المروّعة المرتكبة بحق الدنيا والدين , وكأنهم يخاطبون مجاميع بشرية ذات طبائع مدنية لا تعرف التوحش في مملكة الغادرين.
ويتناسون بأن الغاب هو الفاعل , وللقوة إرادتها العمياء وسطوتها الخرقاء , وما في النفس من مطمورات أنانية فتاكة قد إنفلتت , وتمكنت من القبض على عنق الفضيلة , وتعزيز منطلقات الرذيلة بأدوات الإمكان.
فشراهة ما فينا تهيمن على أروقة وجودنا , وكأنها تطفئ الشمس وتستعين بالظلام لتأدية واجباتها النكراء بحق الوجود المترنح تحت أنياب ومخالب النفوس الأمّارة بالسوء.
فهل من منطق سليم؟!!