بعد ان كان العراق حامي الحمى وصمام الامان للبوابة الشرقية ومضربا للبطولة والفداء ، اصبح اليوم وبفضل الطبقة السياسية الجديدة ضيعة اوحديقة خلفية يتحكم بها الباب العالي عبر جهاز التحكم عن بعد أو من خلال الأدوار التي ترسم لرجالات العراق الجدد ، الذين لاهم لهم سوى الانصياع والانحناء لولاة الامر ، بغض النظر عما سيرثونه من معاجم تصفهم بأبشع العبارات واذلها، على عكس أصحاب الجناب العالي الذين خلدهم التاريخ باحرف من نور ، لشجاعتهم ومروءتهم ونزاهتهم وعزة نفسهم التي هي تاج الرجال .
قد يقول القارئ انني خرجت عن مسار مقالاتي ، ولكني أقول انني في جوهرها ، لان الحديث عن مستقبل تاريخ العراقومستقبله يحتم علينا الغوص الى اسفل القاع كي نتمكن من نقل الصورة التي لا تحتاج الى أي رتوش او ارتداء النظارات الطبية ، رغم الاخبار العديدة والتكهنات الممزوجة بين الحقيقة والخيال ورغم كثرة التوقعات بحصول هذا الائتلاف على اكبر نسبة من الأصوات عن غيره ، والاتهامات المتبادلة بالتزوير واستخدام النفوذ ، يبقى اللاعب الأساسي والاقوى في تسمية رئيس الوزراء المقبل منوطة بمن سيقدم الولاء والطاعة الى المحتل الإيراني الذي تربع على عرش بلاد السواد خلفا لأمريكا صاحبة السبق الأول في الاحتلال .
زيارات مكوكية يتزاحم فيها الحلفاء والخصوم الى ايران ، منهم من ذهب بشحمه ولحمه ومنهم من اناب غيره في المهمة ، عله يكسب الرضا والرضوان من قم وطهران ، بات جلياً ان رئيس الوزراء المقبل سيتحتم عليه الرضوخ والانحناء لحزمة من الاملاءات الإيرانية لينال رضاها وعطفها ، وقد تتجلى بالاتي :.
• على رئيس الوزراء ان يضع في حساباته اتفاقية الجزائر الموقعة بين الحكومة العراقية والحكومة الإيرانية عام 1975.
• موضوع الابار النفطية المشتركة التي تريد ايران ضمها الى أراضيها كنوع من ” الاتاوة ”
• ايران تريد ان يكون العراق مخزنا استراتيجيا لأسلحتها واعمالها الاستخباراتية .
• ان يكون العراق قاعدة ذات نشاط حيوي لعناصر لحزب الله .
• الحدود المشتركة وبخاصة منطقة الشلامجةتجاه حوض البحر الأبيض المتوسط حيث حدود ايران الجديدة كما اعلنها العميد غلام علي رشيد نائب رئيس الاركان للقوات الايرانية.
هذه الشروط ومايزيد عليها في المستقبل القريب ، ستكون مفتاح رئيس الحكومة العراقية الجديدليدخل أبواب مجلس الوزراء ، متبختراً في اروقته ، بخيلاً في لاءاته ، كريماً بانحناءاته لأصحاب الباب العالي ، ولعل المضحك المبكي في الموضوع ، هو انه سيتحدث ويملأ اذاننا بعبارة مللنا سماعها، والتطرق اليها ، وهي حب الوطن والوطنية، ووجوب التضحية في سبيله، ولعلني سأختم مقالتي بمقولة للفيلسوف الراحل علي الوردي رحمه الله ،قائلاً: ” طيلة مكوثي في أمريكا ، لم اسمع احداً يتفوه بدعوى حب الوطن أو وجوب التضحية في سبيله ، ينسون الوطن في اقوالهم ويخدمونه في أعمالهم ” عندما يكون قادة العراق الجدد بهذه الاوصاف وبهذا الخُلق ، سندرك اننا في بلد اسمه العراق .