“لكل داءٍ دواءٌ يُستطب به…إلا الحماقة أعيت مَن يداويها”
تنهال على المواقع وتصلك عبر البريد الإليكتروني العديد من مقالات الهراء , التي يروج لها وعاظ الكراسي والمبوقون للمآسي والويلات , والذين يسوغون أعمال الخطايا وأفعال الشرور , ويتربحون في الآثام وسفك الدماء وقهر العباد وترويعهم.
والعجيب في الأمر أن الذي يروج لهذ المقالات من حملة الشهادات والمدّعين بالثقافة والمعرفة , ولو تحدثت معهم لقدموا أنفسهم على أنهم أصحاب القول الفصل في الحكمة والمنطق والعلم.
فبعد التي واللتيا , وبعد أن “كام الداس يا عباس” , وبعد ” خراب الوطن” , وبعد ما “إختلط حابلها بنابلها” وبعد أن طفح كيل الحماقة وفاض غدير الغباء , وتسيد الضلال والبهتان , وتحول الكذب إلى عقيدة ودين وأصبح الآخر هو السلطان.
بعد كل ذلك , إستيقظ النائمون وأرجلهم في الشمس , واستشعروا حرارة الأشعة التي أحرقتها , وتسببت لهم بعدم القدرة على الخطو خطوة واحدة إلى أمام.
أخذوا يصرخون ويتصايحون ويتلاومون ويتهمون بعضهم ويغضبون على غيرهم , وفي فورتهم اليقظوية الخالية من الحياة , راحوا يقررون ما لا يستطيعونه , ويتوهمون بأنهم يمتلكون زمام الأمور والقرار والسيادة , وما يصدر من أفواههم سوى العواء الذي لا ينفع شيئا وإنما يزعج الآخرين وربما سيؤلبهم عليهم فيرجمونهم بألف حجارة وحجارة.
فما هذا العواء يا سادة ياكرام؟!!
اين كنتم منذ عقد ونصف من الزمان , أ لم يكن لديكم قدرة على النظر في دفاتر الغد؟!
أ لم يكن عندكم بعض حكمة وقليل فهم لما يدور ويحصل في دياركم وحولها؟
هل كنتم سكارى بما يُملى عليكم من خطابات الإلهاء ودعاوى الإرتخاء , والتقوقع خلف الجدران في صناديق التضليل والإمتهان؟
أين أنتم والدنيا تدور وتقول بوضوح أن لكل تفاعل نتيجة , فإن كانت عناصره سيئة فالناتج سيئ , وإن كانت العناصر جيدة فالناتج جيد.
وعناصر تفاعلكم على مدى ذلك الوقت كانت من أسوأ ما يمكن أن يدخل في معادلات التفاعل الوطني والسياسي , فهي ذات مفردات مشحونة بالطائفية والفئوية والعدوانية والكراهية والإنتقامية , فماذا تتوقعون أن تكون النتيجة؟!!
والأنكى من ذلك أن أقلام العواء بدأت مشروعها التسويغي التسويقي , لكي تلعق ما تبقى في مواعين المذلة والهوان!!
ألا تب الهراء والعواء!!