مَساء يوم الجمعة وفي تمامِ الساعةِ السابعةِ وبتاريخِ (27 /04/ 2018) كانَ موعدنا مَعَ محاضرةٍ قيمةٍ للشاعرِ والباحثِ (د. خزعل الماجدي) وَالموسومة (نَظريات أصلِ المندائيين) لقد كانت بحق فعاليّة ثقافيَّة تاريخية أدبيّة رائعة والتي سيبقى صَداها طويلاً ، لما طرح فيها مِنْ أراءٍ وتحليلاتٍ عميقةٍ دقيقةٍ جديدةٍ رصينةٍ … والتِي اُلقيتْ فِي مقرِ الجمعيَّةِ الثقافيَّةِ المندائيَّةِ فِي مالمو.
حضرَ الأَمسية جمهورٌ مِنْ أبناءِ الديانةِ المندائيةِ ونخبةٍ مِنْ الضيوفِ الأكارمِ مِنْ أهالِي مدينةِ (مالمو) مِنْ المهتمينَ بالثقافةِ وتاريخِ الأديان.
وكانَ لكاتبِ هذهِ السطورِ ( يَحيىَ غَازي الأَميرِيّ) شرف أدارة الجلسة وتقديم الدكتور( خزعل الماجدي) فِي هذهِ الأمسيةِ.
أدناه نص الكلمة التي ألقيتها في بداية الأمسية:
سَيِّدَاتِي ، آنِسَاتِي ، سَادَتِي الحضُورُ الكِرَامُ : ضيُوفُنَا الأَكَارِمُ، طَالَبَ مَسَاؤُكُمْ
أرَحِبُّ بالجميعِ أجملِ تَرحِيبْ فِي أمسِيتنا الثقافِيّةِ المَوسُومةِ (نَظريات أصل المندائيين) لِضَيفِنا الكَريِم الأستاذ الشاعر والكاتب والباحث الجهبذ الدكتور(خزعل الماجدي).
الماجدي:
عَلمٌ مُبرَزٌ
نَبعُ مَاءٍ نمير
نِبرَاسٌ مُنِيرٌ
مُحَلِّقٌ بِفَضَاءِ المَعرِفَةِ
ثَاقِبُ النَّظَرِ،
ذُو عِلمٍ وَفِير
رَصِينُ الكَلِمَةِ،
وَدِيعٌ كَالنَّسَمَةِ
عِرَاقِيُّ الهَوَى،
سومريُّ الأَصلِ وَالمَنبَع،
رافدينيّ المنشَأ،
إِنسَانِيُّ الأَخلَاقِ وَالمَبدَأ.
قَبلَ أَنْ نَبدَأَ مُحَاضَرَةَ هَذَا المَسَاءِ مَعَ ضَيفِنا الغَالِي الدُّكتور(خزعل) أَبنِ العِرَاق الحَبِيب، أَوَدُّ أَنْ أُعرّج عَلَى مُقَدِّمَةٍ لابدَّ مِنهَا : حَولَ الدِيانةِ المندائِيَّةِ
المَندائِيَّةُ دِيَانَةً مُوَحَّدَةً ضَارِبَةً بِالقِدمِ، عَلَى مَدَى تَارِيخِهَا الغَائِرِ فِي عُمقِ الزَّمَنِ لِغَايَةِ يَومِنَا هَذَا، نَالَهَا الكَثِيرُ مِنْ الضَّيمِ وَالظُّلمِ، وَالذُّعرِ وَالخَوفِ، وَالقَتلِ بِأَبشَعِ الطُّرُقِ وَالوَسَائِلِ، وَطالهم التَّهجِيرِ وَالسَّبيِ، وَاحتِوَاءِ لُغَتِهِم وَالإِجبَارِ عَلَى تَغييرِ دِيَانَتِهِمْ تَحتَ سَطوَةِ سُلطَةِ التَّرغِيبِ وَالتَّهدِيدِ وَالبَطشِ؛ فيما بَسطَ أَحكَامهُ وَشَرَائِعهُ مِنْ تَوَلَّى حُكمُهُمْ أَوْ سَيطَرَ عَلَى الدِّيَارِ الَّتِي سَكَنُوهَا.
تُخبِرُنَا المدونات التي سَلَّمَتْ ووصلتنا مِنْ كُتُبِهِمْ الدِّينِيَّةِ وَمَا دُونَ فِي حَوَاشِيهَا وَمَا بَقِيَ يَتَنَاقَلُ شَفَاهَاً مِنْ جِيلٍ إِلَى جِيل وَكَذَلِكَ بَعض الكُتُبِ وَالوَثَائِقِ الشَّحِيحَةِ وَالَّتِي بَدَأَتْ تَتَكَشَّفُ مُنذُ بِدَايَةِ القَرنِ المُنصَرِمِ أَثَر اهتِمَامِ المُستَشرِقِينَ بِهِمْ، عَن هَول النَّكَبَاتِ الَّتِي مَرَّتْ عَلَيهِمْ.
مَعلُومٌ لِلجَمِيعِ أَنَّ الأَديَانَ التَّوحِيدِيَّةَ (اليَهُودِيَّة وَالمَسِيحِيَّة وَالإِسلَامِيَّة) وَعَلَى مَرِّ العُصُورِ هِيَ نَفسُهَا فِي صِرَاعٍ مَرِيرٍ مُستَمِرّ، كُلِّ دِينٍ مِنهُا يُكفرُ الآخر بِالإِضَافَةِ لِذَلِكَ تَرَى كُلِّ دِينٍ مِنها مُنقَسِماً عَلَى نَفسِهِ إِلَى فِرقٍ و طَوَائِفٍ عَدِيدَةٍ تكفرُ بَعضَهَا البَعضُ وَتَقتَص مِنْ بَعضِهَا بِأَبشَعِ الطرقِ
لِنَتَصَوَّرَ مَعاً مَاذَا يَكُونُ حَال (الديانية المندَائِيَّة المُسَالِمَة) وَحَالَ مُعتَنِقِيهَا فِي هَكَذَا أَوضَاعٍ وَصِرَاع ؛ وَخَيرُ مِثَالٍ حَزِينٍ مُؤلِمٍ مُرعِبٍ مَا حَدَثَ أَخِيراً فِي العِرَاقِ مِنْ استِبَاحَةٍ لِلشَّعبِ (الإيزيدي) وَ(للمَسِيحِيِّينَ) فِي مُحافظةِ (نينوى) عام (2014)؛ نَعَمْ أَنَّ مَا مَرَّ عَلَى المندَائِيِّينَ مِنْ وَيلَاتٍ على مرِ العصورِ لَا تَقِلُّ بَشَاعَةً عَنْ هَذِهِ الوَيلَاتِ.
تُشِيرُ المَعلومَاتُ إِلَى هِجرَةِ أَكثَرَ مِنْ (80%) مِن المندائِيِّينَ إلى الخارِج.
فِي بِدَايَةِ القَرنِ المَاضِي بَدَأَ الِاهتِمَامُ بِشَكلٍ جِدِّيٍّ بِدِرَاسَةِ المندَائِيَّةِ كَدِيَانَةٍ، فَقَد أَنكَب العَدِيد مِنْ المُستَشرِقِينَ فِي تَرجَمَةِ كُتُبِهِمْ وَتَتَبُّعِ أُصُولِهِمْ وَتَسمِيَتِهِمْ وَبُنِيَتْ عَلَى ذَلِكَ العَدِيدِ مِنْ الآرَاءِ وَالنَّظَرِيَّاتِ ؛ كَمَا أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ الكَاتِبِ وَالبَاحِثِ (عَزِيز سباهي) فِي كِتَابِهِ القَيِّمِ المَوسُومِ (أُصُول الصَّابِئَةِ المندائِيِّين وَمُعتَقَداتِهِم الدِّينِيَّةِ ) وَالصَّادِر عَام (1996)
ضَيفُنَا الكَرِيمُ لِهَذِهِ الأُمسِيَّةِ الدكتُور(خَزعل الماجدي) اَلغَنِيُّ عَنْ التَّعرِيفِ صَاحِبَ المَسِيرَةِ الحَافِلَةِ بِالعَطَاءِ السَّخِيِّ الرَّصِينِ؛ لَهُ مِنْ المُؤَلَّفَاتِ (84) كِتَاباً وَ(23) مَجمُوعَة شِعْرِيَّة وَ (7) مُجَلَّدَات لِإِعمَالِهِ الشَّعرِيَّة ، وَمُؤَلَّفَاتِهِ لِلمَسرَحِ (35) مَسرَحِيَّة فِي مُجَلِّدِينَ الأَوَّلُ يَتَضَمَّن (14) مَسرَحِيَّةً وَالثَّانِي (21) مَسرحِيَّة، مُسرحت مِنهَا عَلَى خَشَبَاتِ المَسَارِحِ (22) مَسرَحِيَّة فِي العَدِيدِ مِنْ البُلدَانِ العَرَبِيَّةِ
وَحِصَّةُ المندائِيَّةِ مِنْ مُؤَلّفَاتِهِ ثَلَاثَةِ كُتُبٍ هِيَ : 1 – (جُذُورِ الدِّيانَةِ المندائِيَّة عام 1997) 2 – (المثولوجيا المندَائِيَّةِ عَام 2010) 3 – (أُصُولِ الناصورائية المندائِيَّةِ فِي أريدو وَسُومَر عَام 2014) سِينَاريو فِلم تِلِفِزيُونِيّ بِعنوَان (الصَّابِئَةِ المندَائِيُّون) إِنتَاجِ فَضَائِيَّةِ الشَّرقِيَّةِ مُدَّةَ الفِلمِ (45) دَقِيقَة عَام 2005 ؛ بِالإِضَافَةِ إِلَى (7) مُحَاضَرَات طَوِيلَة عَنْ المندَائِيَّةِ تم القائها فِي (13) جَمعِيَّةِ ثقافية.
فِي هَذِهِ الأُمسِيَّةِ سَوفَ يَغُورُ بِنَا ضَيْفِنَا الغَالِي الدُّكتُورِ(الماجدي) فِي عُمقِ هَذَا التَّارِيخِ المُرعِبِ، وَمِنْ وَسطِ هَذَا الرُّكَامِ وَالحُطَام، ومنْ سَاحَاتِ الحرُوبِ وَالخَرَابِ وَالِاستِبدَادِ – مِنطَقَةِ جَنُوبِ العِرَاق وَالَّتِي تُجَاوِرُهَا مِنْ جِهَةِ إِيرَان – وَبِنَظرَةِ البَاحِثِ العِلمِيِّ الفَاحِصِ المُتَبَصِّرِ (الحِيَادِيِّ) سَيَفرِزُ لَنَا الصَّالِحُ مِنْ الطَّالِحِ، المُنحَازُ مِنهُ وَ المَدسُوسَ وَالمُزَيَّفَ للحَقائقِ، مُستَعرِضاً بِشَكلٍ دَقِيقِ( نَظَرِيَّاتِ أَصْل المندَائِيِّين ) وَكَذَلِكَ رَأْيَهُ الشَّخصِيَّ حَولَ أَصلِهِمْ الَّذِي بَنَاهُ عَنْ جُهدٍ وَبَحثٍ وَتَقَصِّي وَتَفكِيكٍ وَتَحلِيلٍ مُستَنَداً عَلَى تَحلِيلَاتٍ عِلمِيَّةٍ وَوَثَائِقَ مَادِّيَّةٍ.
لَستُ مُبَالغاً وَأَنَا أُعلِنُ أَمَامَ الجَمِيعِ وَعَلَى الهَوَاءِ، أَنِي كُلَّمَا استَمَعُ لِمُحَاضَرَةٍ أَوْ أَقرَأُ شَيئاً مِنْ كِتَابَاتِ ( د.خزعل الماجدي) أُصابُ بِالدَّهشَةِ وَالِانبِهَارِ، وَيُضِيفُ لِي أﺷﻴاءَ نَافِعَةٍ جَدِيدَةٍ وَيَفتَحُ لِي أَبوَاباً عَدِيدَةً مِنْ أَبوابِ الْمَعرِفَةِ؛ وَمُنذُ مُحَاضَرَتِهِ القَيِّمَةِ (جذُور الدِّيَانَةِ المندائِيَّة) الَّتِي استَمَعَتْ لَهَا فِي قَاعَةِ (نَادِي التَّعَارُفِ) بِتَارِيخ 16 – 09 – 1997 وَأَنَا أُتَابِعُ بِشَغَفٍ كِتَابَاتِهِ وَنَشَاطَاتِهِ المُتَمَيِّزَةِ.
تَحِيَّةٌ بِحَجمِ المَحَبَّةِ لَهُ، فليتفضل مشكوراً، وكلِّ الحديثِ لهُ
رَحب د. (خزعل الماجدي) بالحضور،وتمنى أن نستمتع بأمسية تضيف الجديد من المعلومات بهذا المبحث الشائك.من المباحث المهمة التي تناولها بالشرح والسلايدات التوضيحية على شاشة كبيرة، كان المبحث الأول (المندائيون : أصلهم وتاريخهم)
والذي جاء بتعريفة (لايمكننا معرفة المندائيين على حقيقتهم ما لم نميز بين ثلاثة مصطلحات تكاد تسبب، من فرط ترابطها وتداخلها، التباساً كبيراً ، والمصطلحات هي (الناصورائيون ، المندائيون، الصابئة) وقد تعمدنا وضعها بهذا الترتيب بسبب تسلسل ظهورها التاريخي)، وقد تناول التعاريف بشكل مفصل.
بعدها تطرق الى (نظريات أصل المندائيين) والتي شرحها كذلك بشكل مفصل كما وردت في العديد من المصادر وهي:
1-النظرية المندائية : تعتمد على كتاب (الكنزا ربا) وكتاب (حران كويثا)
2-النظرية الإسلامية :وتعتمد على أراء الفقهاء والمؤرخين المسلمين بين القرن (7-12)الميلادي
3- النظرية الغربية ، وتعتمد على:
1-نظرية الأصل الغربي
2-نظرية الأصل الشرقي
4- نظرية الأصل والتاريخ الرافديني ، من أريدو حتى التاريخ المعاصر
وفي ختام المباحث تناولها بالتفصيل المبحث الخامس من محاضرته (أصل وتاريخ المندائيين من وجهة نظره) وقد شرح فيه تاريخ مرورهم بالعديد من العصور وجميعها تدل على أن أصل الديانة المندائية رافدينية عريقة نشأت وترعرعت في بلاد الرافدين.
وأدرج أناه العصور التي تناولها (د. الماجدي) في محاضرته حسب تسلسلها التاريخي …
1- عصور ما قبل التاريخ
2- العصر السومري
3- العصر الأكدي
4- العصر البابلي (القديم والحديث)
5-العصر الفارسي الأخميني
6- العصر الهيلنستي
7- العصر الفرثي
8- العصر الساساني
9- العصر العربي الإسلامي
10- العصر الحديث
11- التاريخ المعاصر
بعدَ انتهاء المحاضرة التي اِستمرتْ أكثر مِنْ ساعتين ونصف متواصلة ،فُتحتْ بابُ المداخلات والتي أَغنتْ الموضوع وزادتْ مِنْ حَيويةِ وفائدةِ المُحاضرةِ ، ولِضيقِ الوقتِ سمح بمشاركةِ (5) مداخلات فقط، أربعة منها كانت حصة ضيوفنا الأفاضل وَالمشارك الخامس مِنْ ابناءِ الديانةِ المندائيةِ، المشاركين فِي المداخلاتِ همْ السادة (الأَديب والقاضي زهير كاظم عبود، الشاعر فائق الربيعي، الناقد خضير اللامي، الفنان المسرحي كريم رشيد، وَالأستاذ ضياء شاهين) استمرت المحاضرة أكثر مِنْ ثلاثةِ ساعاتٍ تخللتها استراحة قصيرة لمدةِ خمسة عشر دقيقة لتناولِ القهوةِ والشايّ؛رغم طول المحاضرة لكن الحضور بقيّ متفاعلاَ حَتى نهاية المحاضرة.