18 ديسمبر، 2024 10:14 م

نون النسوة بين نمق الأنوثة… ونزق الإرهاب !!!

نون النسوة بين نمق الأنوثة… ونزق الإرهاب !!!

” أصحيحا ان الأسطورة الإنسانية الفطرية لممثلات الجنس “الضعيف” ما هي إلا خرافة تاريخية لم يتم تأكيدها ولا حتى بأدنى شكل من الأشكال؟!… وهل صحيحا انه قد كتب عن إجرام ودموية النساء الإرهابيات مجلدات كاملة؟؟!”
هناك غموض كبير يطرح الآن حول النساء اللواتي يعشن في عالم الجماعات الإرهابية فهن فيها يؤدن دور أمهات أو بنات أو أخوات أو زوجات أو حتى ارهابيات، وإن الاهتمام بهن وبدورهن في عالم عرفنا ورأينا فيه البصمة الذكورية الجامدة، وأيضا به رأينا الأمهات اللواتي نبذن بناتهن الهاربات من الأرهاب عبر الادعاء العلني بأنهن ميتات لأنهن خائنات الهدف الاكبر لذلك وصموهن ب “سيئات السمعة”، وفي مجتمعاتنا وبالعقدين الأخيرين حدثت تغييرات كبيرة وكما حدثت أيضا تغيرات صادمة في مجالات الرقابة والحماية والنظرة الاجتماعية في مواجهة الحاجات بكل انواعها والتي تطورت إشكالها بعالم امتلئ بالجماعات الإرهابية والأيدلوجيات الفاشية، فتمت إعادة قولبة الرؤى الفكرية في سياق الحملة التحررية العامة للمجتمعات والصورة الأنثوية للمرأة المشتركة في الجماعات الإرهابية مما دفع حتى رجال القانون الدولي والجنائي لاعتبارهن ليس فقط مجرد شريكات فاقدات للوعي وأنما اقروا قوانين على أنهن جزء لا يتجزأ من جميع جرائم الإرهاب. ولمواجهة تلك التحولات تتفتح مختلف المشاكل فأولاً وقبل كل شيء هناك ثورة حقيقية على الضمانات المجتمعية التقليدية لأنه من السخف التمسك بالافتراض السابق والقائم على براءة النساء نظرًا لدورهن الثانوي في عالم الإرهاب، وإن هذا الإسناد العام يبدو خطيرًا بنفس القدر والمسؤولية، علاوة على ذلك يتمثل الخطر في حقيقة الأمر بمكافحة بناء الجريمة الحقيقية المتعلقة بالوضع القائم على العلاقات الأسرية وخاصة بالنسبة للمرأة والتي لا تميز بين المسؤولية الجنائية والمسؤولية الأخلاقية، وإن الضمانات لذلك ليست كلمات فارغة لأنها تقوم بالتحديد على إمكانية الاقتراب من الحقيقة في توجس العمليات التي قد تم تأسيسها بشكل مغاير، فمن الشائع أن النساء محرومات من الانتماء الرسمي إلى عضوية المنظمات الإرهابية التي يحكمها طقوس صارمة تمتاز بالطابع الذكوري الحصري، ومع ذلك فأنه يُسمح لهن بالقيام بأدوار الدعم الهامشية وادوار الدعم الثانوية، غير إننا نرى أنه قد تغير ذلك بشكل كبير في السنوات الأخيرة عبر منهجية الطريقة الملموسة للقيام بذلك الدعم والتي تم التعبير عنها بالطبع عبر الوسائل والأشكال المناسبة لتطور العنف والتعصب للمجتمع المعاصر.
ولو تأملنا في الأيدلوجية الاجتماعية للمنضمات الإرهابية لوجدناها مجتمعات “ذكورية تمامًا” بنموذج عالم مغلق يُسمح بوصوله فقط للرجال ذوي القوة المؤكدة، إما النساء فبسبب نظرتهم لهن بأنهن بلا ثبات لميولهن الغرامية فلا يعول عليهن ولا يتعين عليهن معرفة الوقائع ولا مشاريع ومخططات العمليات الإرهابية لأن هذا سيكون خطيرًا غير انه وحسب وجهة نظرهم “فيمكن لهن أن يعرفن فقط ما يتوافق مع أسباب السلامة، وهم موقنين إن النساء يفكرن بطريقة مؤذية لهم وانهن في اية لحظة قد ينقلبن تماما، لأنهم جيدا يعلمون إن المراة حين تهان عواطفها وتتعرض مشاعرها للخيانة سيفقد كل شيئ وأغلى شيء قيمته بنظرها وحينها لم يعد هنالك شيئا أو سببًا يدفعها للوفاء ولم يعد هناك ميزة للصمت “، ومع ذلك الإدراك غير أن المنظمات الإرهابية تحاول أن تبقي زوجات وأخوات وأمهات رجالها بعيدا عن الأحداث وهي تفعل ذلك لحمايتهم ولإنقاذهم ولكسب ودهم الدائم. وعلى كل حال فلا يتم السماح للنساء بأختيار ادوارهن بل إن زعماء الإرهاب هم من يحددوا لهن الدور الحالي والمنتظر منهن القيام به في الناحية المفعلة والمميتة بموضوعية ليقومن عبره بالتوسط بالمعنى المزدوج في العالم الخارجي لثقافة الإرهاب بنشاط وتوفير وجلب اتباع لهم، ولكن ذلك الدور لا يبدو على انه غاية في حد ذاتها إنما يتعزز بما لديهن من إرادة وعزم بإطلاق الرسائل واقتراح أنفسهن كرسائل تتجاوز أي خطاب ممكن، وربما ليس من قبيل المصادفة أبدا أن ما يقرب من نصف الإرهابيين المطلوبين دوليا من قبل الانتربول هم من النساء !!
مع كل التقدم العلمي والجنائي الحديث لكنه لا زال من الصعب تجنب الأنماط القديمة التي تُفسر بها اساطير “شر” النساء وصورتهن الممتزجة ببعض الخرافات والاساطير، فلا يمكن تجاوز التناقض الكمي للجريمة النسائية والتي قد تغذي دوما التفسيرات الأكثر غرابة وتناقض، فالصورة التقليدية للمرأة كشخص غريب الشكل بسبب الطبيعة والطبع البيولوجي والتشكيل الجسدي قد ألهمت التحيز الجنسي ضدهن وهن بمفهومهن كن دوما بريئات لخضوعهن بشكل طبيعي أو حتى سلبي للهيمنة الذكرية مما ناقض بعض المفاهيم المتداولة! مع ذلك فعلى حد سواء فبعين المجتمعات أن المرأة هي دائما المذنبة وإنها تقوم بجرائمها بطرق ماكرة وخبيثة وخفية!! وهذا في الواقع هو المصدر الملهم للعديد من الجرائم التي يرتكبها الرجال ويقوموا بألصاقها بالنساء كسبب أو دافع، وبما إن تطورات تلك الصور النمطية والتعميمات التي تميل إلى إلهام الأصولية الجامدة لا تزال حيوية بربطها بالتناقض الموضوعي لدمج الجريمة بالمرأة مع دمج صورتها الحصرية السلبية والتبعية التقليدية مما ينهي الأمر حتماً بتجانس الإيماءة الإجرامية وتحقيق النتيجة النهائية المتمثلة في وصمها بأنها “العامل الإجرامي”. ومع ما تقدم فلا زال يصعب علينا تفسير دور المرأة في المنظمات الإرهابية باستخدام أدوات تحليل الجريمة الشائعة فالنساء لا “ينتمين” ولكنهن “ينتمين” لها وبذلك فالقضية لا تؤكد فقط الدور الأنثوي التقليدي في استنساخ النماذج الثقافية القديمة والأبقاء عليها ولكنها تضيف شيئًا أكثر اليوم فالنساء في تلك المنظمات هن ليس فقط منتجات لدمج ثقافة الارهاب بين وفي فكر أطفالهم، إنما يعتزمن معالجة حالة من حالات القوة غير المرئية ونشر رسالة غير متاحة، وهن حتى عندما يتنصلن من أزواج أو أطفال “سيئي السمعة” فإنهن لا يفعلن ذلك فقط لمصلحتهن الخاصة أو لأسباب تافهة من الراحة مثل الخوف من الانتقام أو الخوف من مواجهة حياة مختلفة في الخارج وضد شبكة العلاقات الاجتماعية، وإنما اكمالا وانجازا للقيم بدور وعمل مستقبلي مقنن للرؤية العامة والسياسية لنساء المنظمات الارهابية.
كل ذلك قد يؤكد إن المرأة جزءًا لا يتجزأ من عالم الإرهاب، ومع ذلك فهناك سوء فهم يستحق التبديد فأحيانًا ما يتم تفسير إفلات المرأة من العقاب على شهادة الزور أو التحريض على زوجها أو ابنها أو والدها أو أخوها، كدليل على الخيانة أو حتى لكسب الحماية وبالتالي فمن الواضح أنه سيكون من الصعب دوما التمييز في النظر تجاه الرجال والنساء وبين المنافسة والتيسير وبين المشاركة في المنظمات الإرهابية والاحتيالات الإجرائية وبين التواطؤ و تغطية التقاعس عن التنصل!! ولكن هذه هي الصعوبات التي تحدث دائمًا في حالات من هذا النوع سواء كان القائمين بها رجالًا أو نساء أو كانت جرائم إرهابية أو أنها تلك الجرائم الشائعة بسبب الحدود الضعيفة التي تفصل بين تلك الشخصيات المختلفة وقبل كل شيء الشكوك التي لا مفر منها والتي ينطوي عليها تقييم الأدلة عبر التمييز بشكل تحليلي ضمن الظواهر المعقدة للمنظمات الإرهابية وبين المواقف والأدوار والحقائق المختلفة لتجنب الامتيازات غير الضرورية أو التمييز غير المبرر، إذ إن إفلات النساء من العقاب لا يستبعد بالتأكيد الاستنكار الأخلاقي لهن من قبل المجتمعات وهو أمر لا يمكن تبريره إلا في حالة ملموسة ولهذا فإن المعركة الثقافية والمدنية والسياسية للمرأة لا يمكن تمييزها دائمًا بوضوح لانها وقبل كل شيء هي معركة الخلط النسوية بين المسؤولية الفكرية والمسؤولية الأخلاقية والمسؤولية الجنائية مع المسؤوليات الدينية بحيث يكون من الممكن التعزيز على المستوى المدني حتى عندما يتم الاعتراف بغياب الضمانات الحية, ولذلك تركت لكم الإجابة عن فحوى محور مقالتنا بما هي الطبيعة الحقيقية لنساء الجماعات الإرهابية؟ وهل هن إرهابيات؟؟ أم إنهن مجبرات على الانضواء في تلك الجماعات ولا سلطة لهن ولا قدرة على النطق ب لا ؟؟