19 ديسمبر، 2024 8:31 م

يعرّف النظام الهجين بانه خلطة غير متجانسة من الافكار والمفاهيم والممارسات، وهو بالتالي لن ينتج شيئاً ذو نفع او يحقق البناء المطلوب، طالما إنه يحاول جمع المتناقضات في كيان واحدٍ قسراً، فيوجد ــ على عكس المبتغى ــ حالة هدم داخلية غير منظورة، كونه كان نتاجاً لالتقاءٍ غير علمي بين أطراف وأساليب لا يمكن لها ان تلتقي.

ومثلما ان أنظمتنا اليوم واهنة في أسسها ومخرجاتها، فإنها بالمقابل تعاني من محاولات معالجة ازماتها بهذا السلوك الخاطئ، ومن ذلك مثلاً: تطبيق انظمة متطورة على بيئة متخلفة متأخرة، مما يتكرر بين الحين والآخر، ويجد البعض انه يحقق الاستجابة المطلوبة لسؤال النهضة والتطور المنشود، وينتقل بمن يطبق تلك الأنظمة إلى مصاف الدول او المؤسسات المتقدمة والمتطورة التي نجح فيها، متناسين تأثيرات اختلاف البيئة ومستوياتها المتباينة.

يتكرر هذا، في وقت يؤدي باستمرار إلى عدة سلبيات من أهمها خداع النفس والغير بممارسة التغيير المطلوب وهماً، وبأنه سبيل لتلافي مواضع الخطأ وسد فجوات الاخفاق، مثلما انه يزيد من حدّة الأزمة بالوقوع المستمر في فخ الأخطاء والفشل، ناهيك عن انتاج شكل غير مفهوم أو ذو هوية واضحة من الانظمة في ظل هذه الخلطة العشوائية بين معامل القديم والجديد، والمتأخر والمتقدم.

وهذا المنهج في معالجة الأزمات إنما يشبه إلى حدٍ كبير عملية مجابهة شيخوخة وهرم الأنظمة بعمليات التجميل التي لا تصلح ــ مهما تزينت الوجوه بها ــ ما أفسده بني البشر بأنفسهم ابتداءً واستكملوه بالإمعان في اخطائهم.

لذلك يمكن القول أن نهضة القطاعات الحياتية المختلفة لن يكون إلا بالعمل، وتنمية الذات، ليكونا هما الأساس الذي تستند إليه وتنطلق منه، فالنهضة لا تستورد، والتقدم ليس جهازاً يتم تشغيله بالضغط على مفتاح بسيط ينقلنا من حال إلى آخر.

وحتى المعامل والمصانع التي ترتكز في عملها على مدى تطور الأجهزة المستخدمة فيها بشكل فني بحت لن تكون منتجة ما لم يكن العقل الذي يديرها متطوراً وعارفاً بكيفية عمل هذا الجهاز أو ذاك، وكيفية تسويق مخرجاته والتعاطي معها.

ان النهضة المرجوة لن تكون بذلك قطعاً، وإنما بتنمية الذات المنتجة وتنفيذ مشروع ايجاد الأرضية القابلة على المواءمة مع ما يسود العالم من أنظمة محدّثة وتحقيق الاندماج الطبيعي بينهما وقتها، ودون ذلك فهو ضياع للجهد وسير مستمر نحو الانهيار!.

أحدث المقالات

أحدث المقالات