23 ديسمبر، 2024 12:11 ص

لو رغبت في النوم سريعا فعليك عد النجوم… هذا ما كانت تقوله لي امي وانا طفلا عندما كنت أخلد للنوم على سطح دارنا في فصول الصيف.
اربع عقود مرت، وانا اعود بذاكرتي, في بداية كل صيف, للجرباية (السرير) التي كنت استلقي عليها كطفل، اتابع باحداقي النجوم اللامعة في سماء بغداد واحاول، متبنيا نصيحة الوالدة، عد النجوم!!
كانت طقوس “نومة السطح’ في ليالي الصيف البغدادية من اجمل ذكرياتي حيث كنا نعد “الجربابات’ ( الأسرة الحديدية) وعواميدها الأربع لتركب عليها “الكلة” تقينا لسعة البعوض. كما كنا نتسابق لرش السطح بالماء عند الغروب. وطبعا لا ننسى “التنكاية” التي كانت تبرد الماء لنتجرعه ماءا زلالا يتحدى بعذوبته الماء المبرد بالثلاجة.
لم تكن النجوم وحدها تشدني، في تلك الليالي الحارة، كانت نسائم هواء دجلة الخير تدغدغ جسدي الصغير خصوصا عندما كنت أقف على رؤوس اصابع قدمي رافعا راسي اطل من على “التيغة” لارى من بعيد مصابيح الجسر المعلق الحمراء تشتعل مرة وتطفي مرة أخر لتبهرني في تناسقها وانا فى ربيع عمري الصغير آنذاك.
كنت أخلد للنوم على نغمات بعيدة- قريبة كانت تتسلل إلى اذناي من الملهى القريب. أنها لوحة متكاملة، خرير ماء دجلة وموسيقي الجالغي البغدادي ونجوم سماؤك بابغداد…. ونوم العافية.
لم تكن كل الليالي تمضي بسلاسة حيث كانت العواصف الرملية “الطوز” تقلق منامنا لترغمنا على النزول من على السطوح الى غرف المنزل.
كانت ايام بل عبق ليلبها ما زال يعشعش في مناخيري….