ترحيل العمل العسكري ضد سوريا واضطرار الولايات المتحدة الأمريكية التكتيكي للانبطاح لخيار دول الممانعة بزعامة الدب الروسي “الخيار السلمي”، كشف عن عودة ثنائية التوازن القطبية من جديد بمعاضدة التنين الصيني ،فضلا عن نتوء الجمهورية الإسلامية الإيرانية كلاعب رئيس ليس من السهولة تجاوزه في الشرق الأوسط.
المتغير بالموقف الأمريكي نتج عن حزمة من المتوقعات للتداعيات المحتملة بحالة تنفيذ العمل العسكري .
طبعاً لا احد يستطيع معرفة الرد حين ذاك، سيما أن الجيش العربي السوري يملك ترسانة كيماوية بحدود (1000 ) طن لا يتردد في استخدامها،(هذا ما أعلنه النظام مرارا).إضافة إلى امتلاكه منظومة صواريخ زودته بها روسيا بإمكانها قصف أي مدينة إسرائيلية .
الفشل الأمريكي بحشد المجتمع الدولي لمباركة العمل العسكري مقابل صلابة الموقف الروسي وخشيته من تعدي العملية العسكرية “هز الجدار”،واحتمالية تجاوز غرز مخلب النسر الأمريكي جسد القط السوري وملامسته عظم الحكومة عند ذاك لا احد يستطيع التكهن بشظايا رد النظام بدمشق .
روسيا التي تخشى ضياع ديونها في سوريا البالغة “15 مليار دولار”، بحالة سقوط نظام بشار حيث لم يتبقى على التسديد سوى سنتين دُفعت أقساطها على مدى “عشر سنوات” بدئت منذ زيارة الأسد لروسيا عام “2005”.استطاعت أن تضمن مصالحها بترحيل العمل العسكري لحين دفع فاتورتها ! .
أمريكا لم تبلع طعم “الكيماوي الروسي” دون أن تضمن قدرتها على لفظه، وبالتالي معاقبة معسكر الضفة الأخرى.فالولايات المتحدة تدرك أن عملية تدمير الأسلحة الكيميائية يحتاج إلى وقت طويل وأموال باهظة لا تستطيع سوريا تحمل نفقاتها ،فالاتفاق المبرم منذ عام 1995 بين “روسيا ـ أمريكا” لتدمير ذخيرة البلدين الكيماوية البالغة (30 ـ 40 )ألف طن صرفت عليها مليارات الدولارات،ولم يحسم ملفها لحد اللحظة !فكم يحتاج وقت تدمير الكيماوي السوري ؟ والخبراء يقولون :(أن الخلاص من الترسانة الكيماوية يحتاج إلى أنشاء معامل لتدميرها داخل الأراضي السورية من خلال تعريضها لدرجات حرارة عالية للقضاء على سمية المواد الكيماوية التي تحويها اؤ بطريقة تحييد المواد السًمية عبر إضافة “المياه ومادة الصودا الكاوية” لصعوبة نقلها بواسطة وحدات “التدمير المتنقلة” خارج سورية لتفادي مخاطر نقل “الأسلحة الحية” عبر مناطق الحرب )،ما يعني أنهم بحاجة إلى سنة من الآن لتدميرها.
من جانب آخر فالانبطاح الأمريكي جاء لتعزيز دور منظمة الأمم المتحدة التي طالما استهترت به بمناسبات كثيرة،لأنها أدركت حاجتها للمجتمع الدولي بملفات مستقبلية “الملف الكوري الشمالي ـ الملف الإيراني”فضلاً عن “شد أذن” الكيان الإسرائيلي الذي طالما خرج عن النص الأمريكي وسًبب إحراج كبير للإدارة الأمريكية، سيما حادثة سفينة المساعدات التركية للفلسطينيين.
فإسرائيل كانت تعد العدة لمرحلة ما بعد الأسد قبل نهاية “2013 ” والتوجه لفتح ملف حزب الله (والخلاص من تفكيك آخر الجيوش العربية بعد الجيش العراقي ـ الجيش المصري ) ! ما زاد بفقدان دبلوماسيتها ورشدها السياسي بسبب التقارب “الأمريكي ـ الإيراني ” ( إسرائيل مستعدة للوقوف بمفردها لمنع طهران من الحصول على سلاح ذري)كلمة نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة! .
التاريخ يشير أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تثنيها المساعي الدولية عن شن حروبها الكونية ألا بمشيئتها وما تتطلبه “مصلحة الأمة الأمريكية”!!أما البشر فهم في آخر “سلم صقور الحرب” فما بين تسديد الديون الروسية وتصفية الحسابات الأمريكية قد نشهد “لعبة أممية جديدة” وبالتأكيد لكاتب آخر غير “مايلز كوبلاند”!!