23 ديسمبر، 2024 8:28 ص

نبذ المتحول والتمسك بالثابت

نبذ المتحول والتمسك بالثابت

1
إن من حماقاتنا الشائعة أن نباهي ونفاخر بما هو ليس لنا والتمسك بالتفسيرات النقدية المجانية أو التلقين، فكل ما بين أيدينا يشبه إلى حد ما تلك الأوهام المقيمة في عقولنا منذ قرون، لذلك نتجنب الولوج في الحياة أو الكتابة المغايرة كي لا نتعرض للتعب المضني، كما نتصور، ونحن نحاول فك رموز هذه الحياة وألغازها فبدل من القيام بالدخول إلى صلبها نكتفي بدور المتفرج لإيماننا الراسخ من أن أشكالياتها يحددها الآخر القابض على وعينا في لحظة زمنية ومكانية عاقة لا نستطيع تجاوزها بسبب من يقول لنا دائماً: إنها المكائد والوقائع، فكان مفترسان في هذه الأمة المترامية الأطراف على الجهل والنميمة والبغض والإقصاء من هنا نستطيع القول أن الحياة في الشرق قد أُصيبت بوعكة صحية كبيرة على يد ملوكها، وفي رأيي أن هذا القول يَذهبُ مَذْهَبَ المبالغة في نقد الممارسات السلطوية في عموم الشرق وفي نقد الملوك ولكنه في الوقت عينه سوف يتبادر إلى ذهننا ذلك الشكل القمعي السلطوي الذي كان ولا يزال يتعامل مع المتغيرات المعرفية والثقافية والفكرية بغض النظر عن المدلولات والمفاهيم أو المقولات التجريدية كأدوات معرفية نقدية خالصة توصلت إلى وضع صيغة حياتية جديدة للثقافة تصلح أن تكون تعبيراً عن معارضة التمسك بالثابت وعدم نبذ المتحول لكي نعيد بناء الموروث الفكري والثقافي والمعرفي الراصد لكل الأشياء المحيطة بنا بالشكل الذي يجعل تراكمات الماضي في خدمة الحاضر أو رؤيتنا المستقبل .
2
لكي لا يتحول استعصاؤنا على الفناء مادة إعلامية مستهلكة علينا أن نتعلم أكثر التمييز بين الطغاة ووسائلهم كي يسعفنا المفكر الايطالي (غرامشي) على إدراك أدق للعلاقة بين الطاغية ووسيلته في السياسة والحياة والأدب بصورة ثابتة هي صورة البداهة للمنظور المستقبلي المتعلق بتطلعات الفرد العراقي الذي يدفعه إلى وقف تقاليد التساهل تجاه قاتليه كي ينصرف إلى صياغة مشروعه الثقافي والإنساني.والحضاري الذي يتعارض مع مخططات الأصولية الجديدة التي سيتحاشاها الحاضر ويتجاوزها المستقبل بعد أن خنقت الكثير من الوعود والآمال والاحلام في وطن من الممكن أن نتجاوز فيه اللغة التلقينية التي خلخلت أساليب التلقي المتداولة مما جعلت الأكثار بالمزيفات اللغوية سلوكاً شائعاً لتجميل الولاءات من قبل الطارئين الذين يتمتعون بمواهب ولائية لا تخلو من التزييف الاخلاقي في سياق تجويفهم الفكري الثقافي الذي يسحب فطرة الإنسان ويُحيلها إلى موجودات مجردة من الروح قبل العقل لذا لابد من وسيلة نقدية جديدة لتبديل هذه القصديات المبطنة التي تدعي أمتلاك الحقيقة في القول والممارسة بغية إيقاف الضرر والخطيئة الناجمتان عنها لأن إرث الحقيقة سيبقى قائماً إلى ما لانهاية ذاك لأنها المنبع الأول لفطرة الإنسان على هذا الوجود ولكي لا نتمثل فكرة الغالب أو المغلوب علينا ان نستعيد قراءة ما كان يردده (الامام علي) من ان (الغالب في الاثم مغلوب) فهذه العبارة تتبنى جميع الكونيات المتصلة بالتجارب الإنسانية عبر كل العصور فالحياد العقلي أمر مناط بالفكر أما الانحياز العاطفي فأمر تتبناه الاهواء أو الأمزجة وهنا سوف يقع البعض في منطقة الحيرة التي قد تتيح للطائفية أو العقائدية الذهاب إلى تمجيد العاطفة وبهذا نقع في ذات الفخ، ولعل التاريخ لا يسعفنا ولا يصغي لذلك الوجع الذي ستطلقه أصواتنا المفجوعة وهي على مقربة من الحرية المزعومة وهنا علينا أن نختار العراق قبل ان يلتهمه المد الأصولي الجديد، حتى لا نكابد تجربة التفتيت ونبي دونما قصد أصناماً جديدة بطريقة جديدة تتأسس على تمجيد لحظة العاطفة المنتحلة .