ما يحصل اليوم في البلاد هو النتيجة الحتمية المتوقعة التي أدّت إليها ممارسات (الحكومة) العجيبة الغريبة , وهي ترفع رايات الديمقراطية التي فصلتها على قياساتها الأشد غرابة وعجبا.
فقد أخفق الجميع بالإرتقاء إلى مستوى بلد بهذا الحجم الحضاري والجغرافي والتأريخي والإقتصادي , وإنغمسوا في السلوكيات الأنانية والفئوية والسلطوية الفردية , وأمعنوا بالفساد والإفساد وعدم الرؤية بعين العدل وبصيرة القسطاط المبين , وإنما راحوا يعزفون على أوتار متقطعة ويستحضرون أفكارا بالية , ويتصرفون ضد الوطن وأنفسهم وما ينتمون إليه ويدّعون تمثيله.
وأمعنوا في صناعة الأعداء وفقا لمقاييس لا ديمقراطية ولا إنسانية , لايقبلها عاقل وتنفر منها بديهيات الأمور , ولا يزال الحبل على الجرار , وما تحقق الإتعاظ أو التعلم والتنور والإنفتاح , بل الإيغال بالتخندق في حالات تفاعلية سلبية وعدوانية.
ومع توالي الإنهزامات والإنهيارات المعنوية واللوجستية , فأن الحالة باتت واضحة , والمصير شاخص , فأما القبول بإحتلال مباشر جديد , أو “تشميع الخيط” , وهذا معناه أن القوات الأجنبية المرشحة للإحتلال سنحسبها الأمريكية , وهذا ليس في جدول الأولويات , لكن القوات الأخرى هي التي يمكن أن تبدأ المهمة وبمساندة القوى ذات المصالح المعروفة.
إذ يبدو أن القوات الحكومية قد برهنت على أنها لا تستطيع مواجهة أي هجوم , وتجنح إلى ردود الأفعال والدفاع الذي يتوج بالإنسحاب والتقهقر , كما جرى في الأيام الماضية.
ولا يمكن لهذه القوات أن تستعيد معنوياتها وقدراتها بالمساعدات مهما كانت كبيرة لأنها غير مدربة عليها , ولابد لغيرها أن يقوم بأداء المهمة , ولهذا فأن المحافظات بأسرها , أصبحت على شفا الإنهيارات المتلاحقة , إذا لم يحصل تطور نوعي وتدخل لوجستي كبير يرمم الحالة النفسية , ويمنح الأمل بالأمن والإستقرار والعدل والمساواة.
فالذي يقرأ المشهد , يتضح أمامه بأن البلاد ساقطة نفسيا ومعنويا , وأن سقوط مدن كنينوى وغيرها من كبريات المدن , ليشير إلى أن هناك تداعيات متسارعة ستحصل في البلاد في غضون الأيام القادمة , ولربما يغير الموقف مد الجسور الجوية للمساعدات الفعلية , والتدخل السريع للقوات الأخرى في القواعد القريبة من البلاد , لكن الأرجح أن الضوء الأخضر سيعطى للجارة الشرقية للإحتلال المباشر , وفي هذا محاولة لإيقاعها وأخذها إلى حيث الإستنزاف والإضعاف , لكنها ربما تكون أكثر ذكاءً ولا تنخرط بهذا الثقل وتتروى وتبحث عن آليات أخرى.
والخلاصة أن مفردات الواقع وعناصره المتفاعلة تنذر بإنهيارات أمنية مروعة في كافة أرجاء البلاد , وأن العاصمة قد تكون مرشحة للسقوط القريب والمفاجئ , لأن القوات المهاجمة ذات قدرات مناورة ومخادعة وتضليل ومباغتة لا تمتلكها القوات الحكومية , وقد تبين ذلك في أحداث الأيام السابقة.
وأظن القوات المهاجمة ستستثمر ما أنجزته بسرعة فائقة وتفاعلات متعاضدة ومدبرة لزعزعة أركان الواقع في كل مكان.
ولهذا فأن البلاد أمام إحتمالات متعددة وفي أولوياتها الإحتلال الجديد من قبل قوة أجنبية , أو السقوط الحتمي لما هو قائم , وإنهيار المناطق بألوانها وأسمائها, ودخولها في مرحلة مجهولة أخرى.