23 ديسمبر، 2024 2:46 ص

مهزلة التظلم والتشكي!!

مهزلة التظلم والتشكي!!

حالة سائدة منذ ألفين وثلاثة ومتواصلة في تطورها وتناميها وتكاثر أبواقها الخطابية والقلمية والإذاعية والتفازية , وتزدحم وسائل التواصل الإجتماعي بما يعززها ويكررها , ويجعلها الهدف والغاية لكل سلوك يبدر من المواطن , الذي تمعن القوى المسيطرة عليه بقهره وإغتصاب حقوقه.

وهي تقر بوقوع ظلم لكنها تهدف إلى حصر عمل الناس بأن يتظلموا ويتشكوا من سوء ما حاق بهم وهذا هو أضعف الإيمان , وأي إرادة أو عمل تتجاوز ذلك سيكون من الشيطان , ولهذا فأن العمل الصالح والذي يأخذ المساكين إلى جنات النعيم بعد موتهم المهين , هو التشكي والتظلم والخنوع والخضوع والتوهم بأنه ضريبة تقربهم إلى ربهم الذي يعبدون.

ويقود هذا السلوك السلبي التنويمي التخديري عمائم متعددة الألوان والمشارب , وتحسبها وهي تتكلم من القوى التي تريد للمواطن خيرا وأنها تقف ضد ظالميه , وما هي إلا جزء فعّال ومستفيد من القوة المسيطرة على مصير المواطنين والهاضمة لحقوقهم ووجودهم بإسم الدين.

وهذه لعبة من ألاعيب الإتجار بالدين الهادفة إلى تمويت الناس وتفريغهم من طاقات الحياة , ودفعهم إلى ويلات المعاناة القاسية بتبريرات واهية , وخداعات تضليلية تكفر بالدين ومعانيه وجوهر ما فيه من القيم والمنطلقات الإنسانية والحضارية.

إن نهج التظلم والتشكي سلوك خطير يهدف لتنعيج البشر أي تحويله إلى نعاج في مجازر المسيطرين على مصيره الأليم , وهم المتبجحون بدين ودينهم جيوبهم وغنائمهم ولذائذهم , وما يحوفونه من المال الحرام وما يؤازرونه من الفساد المقيم.

ويبدو أن آليات التظلم والتشكي أسلوب إمتهاني لتوطيد السيطرة على الناس , وتحطيم وجودهم ومصادرة طموحاتهم ومحق حقهم بالحياة , والإستحواذ على حقوقهم وتطلعاتهم وحرمانهم من طعم السعادة والراحة والأمان والشعور بأنهم أحياء , بل أن الحياة تتحول إلى حمل ثقيل يحلمون بالتخلص من أثقاله بأي الوسائل , ولهذا يوفرون لهم ما لا يحصى من وسائل الموت الطَموح المكلل بنعيم الرحيل إلى جنات وجنات , وهم في جنات الدنيا يتمرغون.

تلك حقيقة أليمة ومدمرة لوجود المجتمع وفاعلة في التيئيس والتبئيس , وتحقيق القطعانية والتبعية والخنوعية وإشاعة الكآبة والتعجيزية , وتفريغ الحياة من معانيها وتمويت دور الفرد ومحق قيمته , ومعنى أن يمارس حياته ويكون عنصرا فعالا في البناء وصناعة الحاضر والمستقبل , فكل ما فيه وحوله بلا قيمة ولا معنى , وعليه أن يقبع في صندوق أسود ويختنق ويغادر الدنيا الظالمة إلى الجنة العادلة , وكلما زاد تظلمه وتشكيه ومقاساته كلما كان فوزه عظيما بعد موته.

وهذه بدعة نكراء , وعلة شنعاء , وسلوك إنقراض وفناء , فهل أن التظلم والتشكي حالة تربوية إجتماعية ينشأ عليها الناس منذ الصغر , أم أنها من المبادئ الأساسية في تجارة الدين؟!!

فلماذا التظلم والتشكى وعدم الجرأة على التحدي والعمل؟!!