فتح مكة، ويُسَمَّى”الفتح الأعظم”، وقع في العشرين من رمضان عام ٨ للهجرة. اذ دخلت قوات المسلمين مكة من جهاتها الأربع في آن، فكان الهجوم ضربة قاصمة لجيش “أم القرى”، ونجحت خطة النبي محمد في دخول مكة من أربعة اتجاهات، ولم يستطع طغاة قريش المقاومة إلا ما بدر من صفوان بن أمية وعكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو، فانقضّ عليهم خالد بن الوليد وقضى على آمالهم. ولم يصمد أحدٌ أمام الزاحفين إلى عاصمة الجاهلية، وتجلى النصر حين قال الرسول ان اليوم يوم المرحمة وليس يوم الملحمة، وفي قوله الكريم أيضا: اليوم يوم برّ ووفاء. وحين نادى مناد طائفي أغمّ: لقد هَلكتْ قريش اليوم وذَلّتْ، أسكته الرسول بقوله الفصل: بل عَمَرَت اليوم وعَزّتْ.
وكانت معركة مكة حاسمة في القرون الوسطى، ولاتضاهيها سوى معركة تحرير برلين في ٩ أيار ١٩٤٥، وهي آخر معارك الحرب العالمية الثانية، والتي أطلق عليها السوفييت اسم عملية الهجوم الاستراتيجي، حيث قامت جبهتان سوفيتيتان بمهاجمة العاصمة الألمانية من الشرق والجنوب، بينما قامت جبهة ثالثة باجتياح شمال برلين.
ودارت رحى المعركة اعتبارا من أواخر نيسان، وقبل نهايتها بادر أدولف هتلر ومعه الكثير من أتباعه إلى الانتحار. واستسلمت القوات الألمانية أمام الجيش الأحمر والحلفاء في أقوى نقطة لها وأخطرها، حيث كتائب القناصة المتمركزة في حديقة حيوانات برلين.
وتهدم ٧٥ بالمائة من المدينة، ثم من أنقاضها نهضت العنقاء الجرمنية وبَنت ألمانيا جديدة في فكرها وبُناها التحتية، وانتصر الحبّ والجمال على قُبح النازية السوداء. وبما ان برلين كانت معقل النازيين وعاصمتهم الرمزية، فلم يكن ممكنا للطاعون أن يُدفن ما لم تحرر برلين.
ومثلما كان فتح مكة يعدّ معركة المعمورة ضد الجهل والوأد في العالم القديم، ومأثرة برلين تعدّ معركة المعمورة ضدالإجرام وأفران الغاز في العالم الحديث، كذلك الآن يحق القول أن معركة الفلوجة هي معركة المعمورة جمعاء ضد القبح والتكفير والظلام، وان من يخوضها ويقودها هو جيشنا وحشدنا وأهلنا. ومعهم أتقدم وأغني كما الشيخ إمام:
“ناري في إيديه
وايديه نازلة معاكو.. معاكو
على راس الحيّة
وتموت شريعة هولاكو..”