الحسين ( عليه السلام ) لم يكن في يوم من الايام بحاجة الى احد سوى الله ولذلك لو تتبعنا سيرته طول فترة انطلاق قافلته من المدينة المنورة الى حين استشهادة في ملحمة الطف الخالدة للاحظنا ان اغلب من التقاهم في طريقه نحو كربلاء كان يسمح لهم بالمضي وعدم البقاء معه او مناصرته اذا لم يكن من طوع انفسهم وكما حدث مع عبيد الله بن الحر الجعفي ومع عمرو بن قيس المشرفي وغيرهم الكثير فقال لهم انتم في حل مني لكن لاتسمعوا واعيتنا او ترون لنا سواد فان من سمع واعيتنا ولم يجبنا اكبه الله يوم القيامة على منخريه في قعر جهنم .
هنا فتح الحسين باب الخيار امام الجميع وعلى طول الخط دون وقت او عصر او زمان محدد ولذلك نراه قالها واضحة واعلن عن ان مشروعه يتبنى رجال مؤمنين بمبادئه وثورته العظيمة حيث قال ومنذ اول انطلاقه له من مدينة جده رسول الله ( ص واله) ( من التحق بنا استشهد ومن تخلف عنا لم يبلغ الفتح ) والفتح الذي اراده الحسين والذين لا نستطيع ان نصل بعقولنا القاصر الى معناه الحقيقي اكيدا ممتد الى يوم ظهور صاحب العصر والزمان المهدي المنتظر ( عج) فالاختبار الحسيني لم يقتصر على زمانه هو فقط بل استمر الى الان وكما حصل مع ثورة المختار بعد واقعة الطف وما رافقها من تخاذل وخذلان للكثير امتد هذا التخاذل الى عدة عصور وسنون متتالية ولكن بقي الحسين هو البوصلة التي تحدد مواقف الرجال وتمسكهم بعقيدتهم ومبادئهم فمنهم من صمد ووفى بعهده ومنهم من تخاذل وجبن والعياذ بالله .
تاريخ العراق فيه صفحات ومأثر بطولية حكت ولا زالت تحكي عن مريدي الحسين ومتعلقي الحسين ومحبي الحسين والسائرين على نهجه القيم التضحوي فطالما قدم ابناءه البرره وكما يحكي لنا التاريخ اجزاء من اجسادهم من اجل زيارته في وقت من الاوقات ناهيك عن ما قدم من شهداء وعلماء ومؤمنين على منحر الحرية ومحاربة طغاة العصر وعلى مر السنين ان التمسك بمنهج الحسين والسير بطريقه طريق ذات الشوكة ليس بالامر الهين فهو يحتاج الى شجاعة وبصيرة وعقيدة سمحاء وبعد نظر ومحاربه النفس الدنيه وملذات الدنيا الفانية .
راح الكثير والكثير من اعداء المذهب واعداء القضية الحسينية وداعمي الارهاب وايتام البعث الكافر والجوكرية وبناء السفارة من المدونين والناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي الى اشاعة الكذب والافتراء والطعن بالشعائر الحسينية التي هي بحد ذاتها وجه من اوجه الصمود الحسيني في وجه الباطل راحوا يفبركون فتاوى المرجعية العليا ويبثون الاخبار ونشر الصورة التي تطعن بمن يريد اقامة الشعائر او حضورها وبحجة انتشار فيروس كورونا واهدافهم واضحة ومقصودة ومشخصه لدى المؤمنين فهم اكيدا لا يرتضون ان يشاهدوا ملايين المحبين للحسين وهم يقيمون عزاءه والشعائر التي اوجبها الله في كتابه العزيز حيث قال ( ومن يعظم شعائر الله فذلك من تقوى القلوب ) فهم يحاربون الرب وليس الشعائر فقط ولو نتابع بدقه لشاهدناهم يحللون ارتياد المولات والنوادي الليليه والكوفيات وغيرها من وسائل اللهو واللعب ولم يقولوا بخطورتها او منعها بينما في الشعائر الحسينية يكون الامر مختلف عند هؤلاء الشرذمه من ابناء الرفيقات وعملاء السفارة الامريكية ولا نستغرب من ذلك طالما هنالك شريحة واسعة للاسف الشديد من ابناء الشعب العراقي يميلون لهذا الصف او الطرح بل ويدعمونه في المشاركات او التعليقات في مواقع التواصل الاجتماعي .
ولكن يجب ان نذكرهم بامر مهم ونقول لهم لا يمكن لقلب عامر بالولاء أن يحتمل منع عزاء المظلوم مهما فعلتم او بذلتم جهودكم الشيطانية لان الحسين قضية ومبدأ ومعتقد ورمز ومودة لآل محمد ( ص واله ) ولا يمكن أن يسيطر عليها بشر امثالكم من حثالات المجتمع وقاذورته فكما لم يستطع البعث الكافر قبلكم فاكيدا انكم لم ولن تنجحوا في كل افعالكم واطروحاتكم فان حرارة كربلاء وواقعة الطف هي حرارة ربانية أسكنها الله القلوب البشرية والمحبين والمؤمنين وليس بالهين ان تصلوا الى اهدافكم مهما فعلتم ان حرارة قتل الحسين ويبرزها صاحب العصر والزمان بقوله :
(ولأبكين عليك بدل الدموع دماً، حسرة عليك وتأسفاً على ما دهاك وتلهُّفا، حتى أموت بلوعة المصاب وغصة الاكتئاب .)
فهذه الحرارة في قلب صاحب الزمان (عج) لو سُكِبت على حجر لذاب، فكيف لا يشعر بها شيعي يواليه ويبايعه خليفة لله في أرضه وكيف يتركها من اجل شعارتاكم الواهيه ؟!
هذه الحرارة تنبع من المشاعر التي تستحضر من مجلس حي ،وليس من صورة تتحرك وينبعث منها صوت .
ثم أي إحياء هذا الذي يتم بين المرء ونفسه.
واخيرا نقول لكم اتركوا لنا عاشوراء فإنها حياة القلوب، فهي تخرج العبد في لحظات من المادة إلى عالم الأرواح وهل يحيى رسول الله في قلب ليست فيه شعلة تتّقد لمصاب الإمام الحسين (ع).
وكيف تتقد شعلة الحرارة للمظلوم وهي لا تجزع عليه ولا تخرج لتشم مجلسه حتى تسكن لوعة المصاب بصوت هو رجع صوت محمد ( ص واله ) ؟!
ينطق على لسان العزاء فيحرق القلوب ويذيبها ويسبغ عليها نكهة حزن صاحب الزمان ( عج) ، المحروم من إظهار شعائر الحزن، وإعلان العزاء على جده الشهيد.
اللهم لا تحرمنا النيابة عن صاحب الزمان في إظهار الحزن على جدّه المظلوم.