قبل يومين مرت الذكرى الخامسة على وداع رجل نادر من رجال الشجعان المخلصين لتراب الوطن ، خصوصا في هذا الزمن المشتعل بالأزمات وألحّروب والدمار والمحن
كان جمال جعفر محمد علي ال إبراهيم الملقب ابو مهدي المهندس ” قائد ” فريدا من نوعه في تاريخ العراق ، لم يأت من عائلة سياسية متدرجة ، وإنما جاء من جنوب البصرة الحزينة المحملة بذكريات الاحتلال البريطاني والغنية بنفطها الذي يغرق البلدان وحرارة طقسها بكل الأزمان ،و ملامح بشرها المتغير الالوان
لم نعرف حجم الشهيد ” المهندس ” إلا بعد اغتياله فقد كرس حياته ضد الدكتاتورية والطغاة ، ومحاربة الأرهاب والجهل ، رفض الطائفية بكل أنواعها ، لم يترك بقعة في العراق إلا وأصاب التراب جسده في استراحته المؤقته في جبهات القتل
ولعل اشهر رحلاته التي خلدتها السطور كانت اثناء توليه نائباً لهيئة الحشد الشعبي الذي تأسس بناءا على فتوى المرجعية الرشيدة لغرض تحرير الأراضي المغتصبة من عصابات داعش الارهابية في ذلك الوقت وقد قيل له يومها عن الأوضاع في تلك المناطق بنص العبارة ” نحن حاضرين في المنطقة ”
حاول ابو مهدي المهندس بكل قواه ان يحمل التواضع والسلام والتصرف بحكمة اثناء مسيرته السياسية والعسكرية ، رغم معرفته ان المنطقة غير قابلة للعيش في ظل اي هدوء امام التدخلات الخارجية والمحاولات الارهابية و الأحزاب الاحادية
لحين ما نظمت هيئة الحشد الشعبي وبعض اقطاب التحالف الوطني وقفة احتجاجية قرب السفارة الأمريكية في بغداد ، عندها أقامت واشنطن الدنيا ولم تقعدها وكلفت بذلك المسالة إنهاء حياته الجهادية من خلال غارة أمريكية غاشمة اثناء خروجه من مطار بغداد الدولي مع قائد فيلق القدس قاسم سليماني وعدد من مرافقيهم
السؤال المهم في الختام من الذي قتل ابو مهدي المهندس ؟ بكل تاكيد الذي قتل الشهيد هي نقاط جوهرية في صميم الجسد العراقي المريض باختصار ، غياب الرؤية الموضوعية في تصحيح عيوب العملية السياسية ، الفساد المستشري في مفاصل الدولة ، غياب منطق الفريق المعارض ، تقويض الخطط العلمية والعملية لإدارة المؤسسات اعتمادا على الكفاءة والنزاهة في تسنم مواقع المسؤولية وتحكيم سلطة القانون .