23 ديسمبر، 2024 7:03 ص

من تصدير الثورة الى الخلافة!!

من تصدير الثورة الى الخلافة!!

القراءات غير العقلانية للمعطيات و المصالح الدولية تضع أصحابها في مواجهة سيل من الانتقادات و المراجعة تصل مرحلة الاتهام بخدمة مصالح اللاعبين الكبار على حساب الشريحة الأوسع من المحرومين، وهذا ما تتبلور ملامحه منذ ” الاعلان المحبط للآمال ” الذي صدر عن ما يسمى بزعيم داعش ابو بكر البغدادي ، الخليفة الجديد بلا بيعة الأمة ولا رأي آهل الحل و العقد، الذي لا يمكنهم ان يخرجوا من عباءة التوجهات المتشددة على الاطلاق.

من حق ابي بكر البغدادي ان يطرح افكاره و مشاريعه الشخصية و السياسية و يترك للآخرين حق تقبلها أو رفضها، خاصة في بلد معروف عن آهله التسامح و رفض الغلو في القول و الفعل، لذلك خصهم العزيزالقدير بتركيبة سكانية تمثل التعايش الانساني ضمن مفهوم المواطنة، لكن أن يتحول الخطاب الى ” قهر غير معلن و تطهير ديني” فتلك قضية ولدت ميتة على غرار تصدير ثورة ايرانية لم تحظ أصلا بقبول الايرانيين أنفسهم.

وفي السياق نود المقارنة بين ارقام الربح و الخسارة التي كسبها و سيحصدها الشيعة و السنة من المشروعين، ففي تصدير الثورة تحولت ايران الى دولة مارقة و فرضت قيودا على حركة مواطنيها بتهمة نشر الفكر الشيعي، عبر خلط طائفي غير مقولب ولا قابل للتطبيق سيما وأن القناعات الدينية يصعب فرضها بقوة المال و سطوة التضليل ، حيث إنتهى زمن التبشير و الفتوحات بإرادة آلهية، فبعد محمد ” ص” لن يكون هناك صادق أمين أو رسول كريم، بحكم إختلاف الدوافع و رفض تكريم الأشخاص على العابدين، بشهادة قوله تعالى” ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين”صدق الله العظيم.

توقع المراقبون و حتى رجال الدين المعتدلين ان يخرج البغدادي بخطبة تعالج الوضع العراقي و تقدم الحلول المنطقية لما يتهدد شعبه من كوارث باسم التشدد، و لكن أكثر وضوحا كان سنة العراق ينتظرون اعلان نصرة لهم بوجه ميليشيات زرعتها ايران في كل حدب و صوب، لكنهم بعد خطبة جامع النور في الموصل أصيبوا بخيبة أمل كبيرة، لأنهم تحولوا الى وقود حرب مفتوحة بلا قيادة دينية طالما الحرب أصبحت مفتوحة بغيبيات يصعب التنبؤ بها، سيما و ان خطبة 4 تموز 2014 خلطت كل الأوراق بما فيها العلاقة بين توقيتها و رفض المالكي الانسحاب من الحكومة، وكان هناك اتفاقا على تغييب الحلول و خلط الأوراق، على غرار قول الناطق باسم وزارة الداخلية العراقية العميد سعد معن” البغدادي أصيب في القائم و يعالج في سوريا”.

وبغض النظر عن موقفنا من الدعاية السياسية المرتبكة، فاننا نقول ان المشروع الديني في العراق ليس خيارا شيعيا أو سنيا، وهناك مشروع مصالح دولية تنفذها بيادق على الأرض تعرف نقاط تأثيرها ولا يهمها الضرر الذي يصيب المواطنين، انطلاقا من مفهوم قيادات المرحلة، حتى لو قابلها مبدأ ” الثورة تأكل ابنائها”، و في الحالتين نقول ان التقارب بين مشروعي تصدير الثورة و الخلافة في الموصل سيزيدان من حرق الأرض في الشرق الأوسط، لذلك يجب الاسراع في كشف طلاسم اللعبة، لأن العراق لن يكتسب السيادة من خلال التوصيات بل بتفاعل المواطنين، وان الطارقين على أبواب الفتنة المذهبية يشتركون مع قوى التطرف بغض النظر عن تسمياتها، و من هنا فإن حقوق المواطنين شيء مختلف كثير عن حرق أحلامهم بمشاريع ترفضها الجغرافيا قبل منطق الحياة، خاصة عندما تحول المحرومين و المضطهدين الى مشروع إستشهاد دائم يتنعم منه ” كبار في العلن صغار في دوائر المخابرات العالمية”، وتجربة ما بعد احتلال العراق فيها الكثير من العبر، مثلما ان تصدير ثورة ايران وخلافة الموصل ستزيد فرقة المواطنة و التعايش السلمي على محبة الله، فالرسول ” ص” تعامل مع اليهود في مكة كأمة يجوز التعامل معها، فاين واقع الحال من اعتبار كل من “لا يبايعني” مرتدا و عميلا أجنبيا!! العراقيون مدعون

الى الحكمة حتى لا يتحولوا الى وقود حرب لن تطعمهم غير الهجرة و التشرد و الخوف من الهوية، نحن مسلمون نعرف حدود الله و نكره المشاريع الجاهزة التي غالبا ما تطبخ على نار هادئة بين باريس و لندن و واشنطن على غرار طائرة الخطوط الفرنسية التي أقلت الخميني من باريس الى طهران عام 1979 و سيارات الدفع الرباعي التي حملت البغدادي الى جامع النور في الموصل لنصف ساعة!!