لاشك أن الادارة الامريكية مسؤولة تماماً عن تفشي الفساد في المؤسسة العسكرية ،ومسؤولة أيضاً بصورة أقل عن الهزيمة التي لحقت بالجيش العراقي الذي دربته وسلحته وأختارت قياداته في أول الأمر . وهي تستحق اللوم الشديد على عدم أيفائها بتجهيز العراق بالسلاح الذي دفعت حكومته مايقارب ( 25 مليار دولار) ثمناً له، بحجه واجهت بها واشنطن منتقديها بأن ضباط الجيش – التي هي أختارت الكثير منهم وزكتهم عند السلطات العراقية – قد باعوا السلاح الامريكي الى داعش عدوة أمريكا كما تزعم . وهذا تضليل رخيص لأن البائع – ضباط الجيش – والمشتري داعش – انما هما صناعة أمريكية لن يجرؤ أيامنهم على أغضاب البنتاغون والبيت الابيض قطعاً .
وأذا كانت الادارة الامريكية قد فعلت أسوأ الأمور في العراق ، وهو الاحتلال لبلد يبعد عنها عشرات الألاف من الكيلومترات بحجه الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الأنسان .. فوأنها – أمريكا – أفسدت جيشه الوليد باخياراتها لقادته وسوء تدريبة .. ولا نظن بعد ذلك أن الحكومة العراقية المنتخبة من عام (2006 – 2013) كانت طاهرة وبريئة وانها بوغتت بهزيمه كبرى والتي هي نتيجة الفساد الذي عرف القاصي والداني بأنها قد رعته وأرضعته من لبنها .
صحيح أن الفساد في القطاع العسكري لم يولد هكذا فجأة بمجرد أن تولى السيد نوري المالكي رئاسة الحكومة .. فالفساد كان موجوداً خلال سنوات حكم صدام حسين الاخيرة ،وكان واسعاَ في الفترة (1991 – 2003).ولكن ذلك الفساد لم يكن بالصورة التي صار عليها بعد ذلك . ففي ولايتي المالكي الاولى والثانية ثم اختيار القادة على أساس الولاءات للحاكم أولاً والطاعة العمياء للقائد العام ثانياً والغباء المفرط ثالثاً .ثلاثة أشتراطات لها أولية في وضع القائد في موقعه وأذا ما أراد هذا القائد ، والذي تولى مهامه (حسب المواصفات) المذكورة ، أن يستمر في منصبه، فما عليه أن يطيع ولا ينطق بكلمة: لا ، ابداً
وكالعادة ،فالغبي لا يأتي الا بغبي واللص لا يختار غير اللص والمتملق لايفضل الجريء والصريح وكريم النفس. وعلى هذا بيعت وأشتريت المناصب العليا والدنيا في الجيش من رتبة فريق أول الى رتبة جندي أول .. ونتيجة لذلك رأينا هزيمة الفريق الاول والجندي الاول أمام داعش ، لكن القادة هؤلاء كانت هزيمتهم مؤمنة حيث وصلوا سالمين غانمين الى بيوتهم في حين قتل الجندي على طرقات الموصل وكركوك وصلاح الدين والانبار .. ولم نعثر لهم على قبر في حين كرم القائد العام للقوات القادة الهاربين بقطع أراضي سكنية يقدر ثمنها بالمليارات ..ومازالت تلك القيادات المهزومة ، رغم قرار الأحالة على التقاعد أو النقل الى دائرة شؤون المحاربين ما زالوا يمارسون مهامهم القيادية ذاتها والتي كانوا يشتغلونها قبل نكبة حزيران – كما سماها – السيد المالكي !
والفساد لم يكن هو الأخر بعيداً عن صفقات الأسلحة التي أشترتها الحكومة من روسيا وأوكرانيا والصين وغيرها ، ومع أن هناك أعترافات لشركاء في جريمة شراء سلاح غير صالح الا أن المحاكم ( المعروفة بنزاهتها) اغلقت الكثير من الدعاوى ضد الفاسدين الذين أشتروا السلاح الفاسد أو قبضوا نسبة تزيد على (70%) من قيمة العقد !
وعليه ،ليست أمريكا وحدها هي المسؤولة عن تفشي الفساد داخل المؤسسة العسكرية مما أدى الى كارثة . لكن الحكومة العراقية السابقة هي الاخرى شريكه في هذه الفعله القذرة !
يتذرع بعض المسؤولين الحالين بأن المؤسسة العسكرية كانت فاسدة ، وهذا صحيح الى حد ما .. ولكن ماحصل على أيدي المسؤولين الحالين قد فاق الأولين وربما الأخرين أيضاً . وأن نسبة الفساد داخل الجيش أذا افتراضناها خمسة بالمئة فهي اليوم تقارب التسعين بالمئة !
وليس هناك حل لهذه المعضلة أذا ما ظل القادة الفاسدين يشغلون مناصبهم بالمداورة .. وينبغي أن يبعدوا تماماً عن كل ماله صلة بالجيش .. وأذا لم يفعل القائد العام الجديد ذلك .. فتوقعوا نكبات أخرى أشد وأقسى من سابقتها !!