23 ديسمبر، 2024 10:19 ص

معطیات العبادة تبلور شخصية القائد/القسم الثاني عشر والاخير

معطیات العبادة تبلور شخصية القائد/القسم الثاني عشر والاخير

اما الشعور الداخلي بالمسؤولية كضمان للتنفيذ أقول موضحا:

أنه لابد من فرض النظام والأمن والاستقرار ولابد من وجود القانون الذي يرتكز على العدل والذي تعتبر الشريعة الإسلامية من مصاديقه المهمة والقانون عبارة عن منظومة من الحقوق والواجبات….

والواجبات اغلبها تتطلب سلوكا موضوعيا يتجاوز الذات وقد قلت أن العبادة تضمن هذا الأمر من خلال تربيتها للعابد على الموضوعية في القصد وتجاوز الذات والحقوق هي تتمثل في الدنيا في الأمن والأمان والاستقرار الاقتصادي ومحاربة الفقر والمرض والجهل …..
ولكن يحتاج أي نظام إلى نوعين من الرقابة لا يمكن الاستغناء عنهما:
أولا ً : الرقابة الخارجية : – و هي رقابة وظيفتها ضبط سلوك الأفراد من الخارج وفي الأغلب تعتمد على القوة في فرض النظام ومعاقبة المخالفين وضمان سير القوانين كما في قوات الأمن والشرطة والمرور والجيش….. الخ

وهذا النوع من الرقابة والحماية ضروري خصوصاً في بداية المجتمعات اقصد بداية تطبيق الأطروحة العادلة الكاملة وذلك بسبب عدم تجسد معطيات العبادة على كل أفراد المجتمع ولو فرضنا أن 90 % من الناس تحققت في نفوسهم معطيات العبادة وهذا الفرض لحد الآن لم يصل إليه أي مجتمع!!

فتبقى 10 % تحتاج إلى رقابة خارجية لأنها من الممكن أن تهدد النظام والاستقرار ولكن هذا النوع من الرقابة توجد فيه نقاط ضعف منها أنها حينما تعتمد على القوة فالذي لديه قوة موازية يستطيع التمرد عليها…

أو من لديه حيلة وعلم يستطيع أن يتحايل على القانون ويفلت من العقاب لعدم توفر الأدلة الدامغة التي تدينه!!

وكذلك نفس الأفراد من ضمن هذه الرقابة يحتاجون أيضا إلى تربية وإلى معطيات العبادة وخصوصاً الشعور الداخلي بالمسؤولية والموضوعية في القصد لأن رجل الأمن إذا كان غير موضوعي وليس لديه شعور بالمسؤولية فسوف ينحاز نحو أقربائه أو أصدقائه أو نحو المال والرشوة التي تقدّم له من قبل الخارجين عن القانون بل قد يكون رجل الرقابة من أعداء المجتمع والقانون وبالتالي سوف يؤدي إلى ارتباك في أداء الرقابة فمثلاً حصل أن انقطع التيار الكهربائي في أمريكا لمدة دقيقة أو أكثر والنتيجة حصلت الآلاف الجرائم لماذا ؟ لان أجهزة الرقابة تعتمد على الكهرباء مثل الكاميرات وغيرها…..

والحل والعلاج دائماً وأبدا لابد أن ينضم إلى الرقابة الخارجية نوع آخر من الرقابة ….
ثانياً : الرقابة الداخلية أو رقابة الضمير وهذا الأمر لايتحقق في الفرد إلا من خلال العقيدة والشريعة!! فالشريعة ترشدنا إلى الإيمان بالله المطلق الذي لاينام ولايعزب عن علمه مثقال ذرة لا في الأرض ولا في السماء وهو اقرب إلينا من حبل الوريد وهو يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور وهو يدرك الأبصار ولا تدركه الأبصار…….

والعبادة ترسخ في النفس العابد الشعور بهذه الرقابة…..

والنية هي عبارة عن هذا الشعور نحو هذه الرقابة التي لا يمكن استغفالها أو خداعها أو مواجهتها بالقوة أو التمرد عليها…

إن الجانب الغيبي في العبادة يرسخ الاستسلام والانقياد لله سبحانه وتعالى، فالفرد العابد لا يحتاج إلى رقابة خارجية فهو لا يخالف القانون الحق القائم على العدل الکامل سواء انقطع التيار الكهربائي أو لم ينقطع …..

وسواء وجدت رقابة خارجية أم لم توجد….
والعبادة هي التي تجعل الفرد العابد يتحلى بالمواطنة الصالحة لان المواطنة الصالحة كما يرى السيد الشهيد محمد باقر الصدر ( قدس سره ) ليس مجرد عدم مخالفة القانون بل هي شعور داخلي بالمسؤولية! وهذا الشعور يكون ضامناً لتنفيذ القانون لان القانون كلما وجدت له ضمانات للتنفيذ يكون نجاحه اكبر…

والمجتمعات المؤمنة بالله لا تحتاج سوى القوانين التي تقوم على أساس العدل الإلهي لأنها سوف ترتكز على المحتوى العبادي بما فيه من معطيات قد تجسدت لدى أفراد كثيرة من المجتمع وخير شاهد على ذلك ما نشاهده من قيام جيش الإمام المــهدي (عج ) والمؤمنين من تطوع من أجل تنظيم السير وتنظيف وحماية الناس ليلاً ونهاراً ومحاربة المخربين والمجرمين والمفسدين مجاناً وبدون مقابل وعلى العكس من ذلك نجد أن البعض من رجال الأمن والشرطة والمرور يقصرون في واجباتهم التي يأخذون راتبا شهريا عليها وأقول البعض وليس الجميع لأنه يوجد منهم الكثير من المخلصين بسبب المحتوى الروحي الناشئ من معطيات العبادة .
فلا نستغرب أن يتصدى الكثير من أفراد مجتمعنا المؤمن من اجل هذه الأعمال وهم يتحملون حرارة الشمس وحتى شتائم بعض الناس الجهلة المتدنين أخلاقيا ….

لان هؤلاء الذين يتصدون قد تربوا على يد العبادة فأصبحوا موضوعيين في مقاصدهم ويشعرون بالمسؤولية شعورا داخلياً….
ونأتي نطبق هذا النوع من معطيات العبادة الذي هو الشعور الداخلي بالمسؤولية على شخصية السيد القائد مقتدى الصدر(دام عزه) وقد قلت في كلمة بعنوان ” الوطن في عيون سيد مقتدى ” وكانت هذه الكلمة قبل الانتفاضة المسلحة وهي مخطوطة ما مضمونه أن السيد مقتدى الصدر(دام عزه) اتجه اتجاها وطنياً فنجده يطالب بحقوق جميع العراقيين وجميع المستضعفين وهذا الاتجاه لم يكن وليد الصدفة أو الظروف التي يمر بها البلد العزيز بل أن هذا الاتجاه هو تجسيد عملي لمعطيات العبادة وبالخصوص الشعور الداخلي بالمسؤولية لأنها تخلق في نفس العابد المواطنة الصالحة فالسيد القائد مقتدى الصدر(دام عزه) هو مواطن صالح بل هو المواطن الأصلح لهذا البلد العظيم وهذا التجسيد كشف عن الدرجة العالية والعمق الحقيقي لعبادة السيد مقتدى الصدر ( حفظه الله ) وقد أنتج نتائج طيبة أهمها زيادة في التوحد بين أبناء العراق وزيادة في التحابب فيما بينهم فنجد العراقي يدافع عن أخيه العراقي في أي مكان في الرمادي والعمارة والنجف ويصلون معا في مكان واحد…..
وفي آخر الكلام ارجو المعذرة من الله سبحانه وتعالى أولا…

ومن السيد مقتدى الصدر(دام عزه) لاحتمال أن اكون قد قصرت في حق هذا السيد المجاهد الذي يحبه المؤمنون المتقون ويكرهه الفاسقون والكافرون.

والحمد لله رب العالمين..

للتنويه فقد شرعت بكتابة هذا المقال بجميع اقسامه اﻷثني عشر في سنة 2004..