23 ديسمبر، 2024 10:27 ص

معطیات العبادة تبلور شخصية القائد/ القسم الخامس

معطیات العبادة تبلور شخصية القائد/ القسم الخامس

أن العبادة تدخل كقانون مقوّم لظاهرة الاختيار لأن الله جعل الدين قانونا تتكامل فيه ظاهرة الاختيار فكانت وظيفة تبلیغ الدين واحكامه عن طريق النبوة…
وهذا القانون مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمعاد فالإنسان المختار حينما يختار سفك الدماء أو الفساد في الأرض أو يختار العمل المخالف للشريعة يكون مستحقاً للعذاب والعقاب…
فظاهرة الاختيار ليست جزافية تترك للإنسان أن يختار ما يشاء حتى لو يقتل الناس جميعاً وإنما يبقى مختاراً لأنه سوف يختار بدون أن يكون مجبورا أو مفسدا….

وتأريخ الإنسانية مليء بالقصص والحوادث التي هي عبارة عن اختيارات عشوائية من قبل الإنسان دون الرجوع إلى مرشد أو موجه أو قانون تنمو فيه ظاهرة الاختيار.
إن الحاضر يعيش نفس مأساة الماضي وكذلك المستقبل ومع ذلك فقد قامت الحجة من الناحية النظرية على بني البشر..

فالطريق إلى الجادة والصواب متيسر بعد أن بعث الله الأنبياء والرسل…

وحتى من الناحية التطبيقية فالتاريخ قد سجل كيف أن ظاهرة الاختيار حينما تخضع للدين والشريعة تمكن الإنسان أن يختار المصالح الواقعية ويترك المفاسد الواقعية…

فعلى الصعيد الاجتماعي نجد ان كل ما قام به الرسول الأعظم(ص) وما قام به الإمام علي(ع) من أعمال عظيمة هو تجسيد لظاهرة الاختيار التي تخضع لقانونها الإلهي…

وهو معنى الخلافة الحقيقي الذي نجح الرسول محمد(ص) ووصيه علي(ع) في تحقيق العدالة الاجتماعية بدرجة لم تصل إليها الإنسانية لحد هذه اللحظة…..

وأما على المستوى الفردي لظاهرة الاختيار عند النبي والأئمة والأولياء فالشواهد لا تعد ولا تحصى…
فالتحابب في الله وإغاثة الملهوف وقضاء الحوائج والتفاني والتضحية بالمال والنفس في سبيل الله من اجل عباد الله ومن اجل الدين والوطن وكثير من الأعمال الصالحة التي جسدها المؤمنون خلال القرون المتطاولة من الزمن کلها شواهد علی ذلك….

ولو نلاحظ ما قام به علماءنا المجاهدون من إعلاء كلمة الحق ونشر الحق والهداية والعدل بين الناس…
فنحن لا ننسى ما قام به السيد الشهيد الصدر الأول(قدس سره) والسيد الشهيد محمد الصدر(قدس سره) والسيد القائد مقتدى الصدر(دام عزه) من مواقف نبيلة واعمال خيرة…
كل ذلك كان تجسيداً لظاهرة الاختيار التي تخضع لقانونها الإلهي (الدين و الشريعة)…
ولا شك كما أسلفنا أن نظام العبادات (العبادة) هو العنصر الأهم في هذا التجسيد وهذا التفعيل .
بل أن العبادة هي التي تبعث في نفس العابد الهمة في تطبيق العدل الإلهي عن طريق الامتثال لأحكام الشريعة وهذا هو الاختيار الواعي المرتبط بعلم الله سبحانه وتعالى لأن أحكام الشريعة جعلها الله سبحانه وتعالى..
فهي مرتبطة بالعلم المطلق اللامتناهي وهي تمثل العدل الإلهي لان الله وضع أحكام الشريعة في مواضعها المناسبة لها من مصالح واقعية..
فالعبادة لما كانت منطلقاً لحركة الإنسان نحو المطلق الحق فهي تمدُّ الإنسان بالطاقة المستمرة لهذه الحركة المقدسة…
والعبادة هي التي تخلق التوازن للإنسان سواء كان توازناً داخلياً في ذات الإنسان بين قواه المتعددة ( العقلية والشهوية والغضبية……) وكذلك التوازن الخارجي للإنسان مع الأشياء التي هي خارجة عن ذاته…..
والعبادة لا تعطي للتوازن الخارجي الأنظمة التفصيلية بل هي تزوّد العابد بالروح والعاطفة المجيشة نحو المبادئ والقيم الإلهية….
فالإنسان غير العابد لا يهتم بتحقيق العدل الإلهي في داخل نفسه ولا في خارجها وبالتالي سوف لا يهتم بالعدل الإلهي والعدالة الاجتماعية .
فلابد لنا من تسليط بعض الضوء على معطيات العبادة و أهدافها ونحن سوف لا نعدو ما ذكره السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس سره) بل إن هذه الكلمات هي انعكاس لفكر الشهيدين الصدرين (قدس سرهما) الذي نريد أن نبرهن على أن السيد مقتدى الصدر (دام ظله ) هو تجسيد عملي لهذا الفكر الإسلامي الأصيل وتطبيق رائع ومبدع من قبله…
وقد نجح السید مقتدی الصدر في تجسيده بعبقرية فذة واستيعاب تام لحركة الشهيدين الصدرين الجهادية التي امتدت جذورها الی مسيرة الرسول الأعظم(ص) والأئمة المعصومين(ع)….
وسوف يكون هذا الأمر أكثر وضوحاً حينما نحاول أن نستعرض أهداف العبادة .
وللحديث بقية اذا بقيت الحياة ويليه القسم السادس..