ذكر السيد الشهید محمد باقر الصدر(قدس سره) في كتاب نظرة عامة في العبادات ما مضمونه ” أن نظام العبادات يمثل وجه الشريعة الثابت فصيغة العبادة ظلت ثابتة لم تتغير ولم تتأثر بسبب التطور التقني “
العبادة هي علاج وإشباع لحاجات إنسانية ثابتة لأن العلاج بالثابت يستبطن أن الحاجة ثابتة ……
وقد قيد السيد محمد باقر الصدر هذه الحاجات بالإنسانية أي أنها من مختصات الإنسان العاقل المختار، فهي حاجات تتطلبها ظاهرة الاختيار التي بها صار الإنسان خليفة الله في الأرض…..
ويذكر السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس سره) في نفس الكتاب أن هناك ثلاثة خطوط عامة لهذه الحاجات الإنسانية وهي:
1- حاجة الارتباط بالمطلق.
2- حاجة الموضوعية بالقصد وتجاوز الذات.
3- حاجة الشعور الداخلي بالمسؤولية كضمان للتنفيذ.
أما حاجة الارتباط بالمطلق : – وهو احتياج النسبي المحدود للارتباط بالمطلق اللامتناهي….
وبطبيعة الحال أن المطلق هو الله سبحانه وتعالى، فالإيمان بالله يمثل هذا الارتباط….
ولابد أن لا يكون هذا الإيمان عن تقليد لأن التقليد في أصول الدين لا يصح ولا يجوز وإنما لابد من تحصيل اليقين عن طريق اجتهاد الفرد نفسه…
وكثيرا ما يخطأ الإنسان في إشباع هذه الحاجة ولذلك يقول السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس سره) في كتاب نظرة عامة في العبادات ما مضمونه:
( أن جميع المشاكل الإنسانية على مسرح الحياة بتعددها وتنوعها لو نفذنا إلى جوهرها نجدها عبارة عن مشكلتين لا أكثر وهي :
المشكلة الأولى : – اللاانتماء الذي تعبر عنه الشريعة بالإلحاد…..
إن الإنسان الملحد لا ينتمي إلى المطلق الحق أو لأي شيء…
نجده حراً يفعل ما يشاء يقتل ويجرم وقد يؤدي به الأمر إلى الانتحار!
فعدم الانتماء يعيق حركة الإنسان التقدمية ويجعله كريشة في مهب الريح….
المشكلة الثانية : – الغلو في الانتماء وهو بالحقيقة تحويل النسبي إلى مطلق مزيف عن طريق الغلو في الانتماء لهذا النسبي….
فالمال أو العلم أو القبيلة أو أي شئ آخر نسبي يتطلب انتماء نسبي من قبل الإنسان ولكن الإنسان قد يغلو بهذا الانتماء إلى درجة يتحول هذا النسبي إلى مطلق مزيف (صنم) وهذه المشكلة عبرت عنها الشريعة بالشرك…
وهاتان المشكلتان هما السبب في نشوء هذا الكم الكبير المتنوع من المشاكل على مسرح الحياة الاجتماعية وحتى الفردية والشخصية ……
وللحديث بقية اذا بقيت الحياة ويليه القسم السابع..