تعرفت على اول كتاب في حياتي في سن مبكرة، كنت في الثالثة من عمري عندما تسللت إلى غرفة نوم والدي في ظهيرة صيف بغدادي حار حيث الناس في قيلولة.
التقيت بكتاب ضخم، كان ابي قد وضعه على الارض، قبل أن يغط في نومه كما اعتاد بكل ظهيرة . فضولي دفعني لاتصفح هذا المجلد، الذي لم اتمكن من رفعه من ارضه، لتتمزق بعض صفحاته وابقى مشدودا خائفا من والدي الذي استفاق على صوت الورق الممزق..وهنا بدأت العدو من الغرفة لتلاحقني صيحات ابي …لا حاجة لسرد بقية الرواية وأدعو كل قارئ لتفعيل خياله.
في هذا اليوم فهمت ما قيمة الكتاب والكتب والمكتبات التي ترعرعت وهي تحيط بي ويحيطها ابي بحبه . كل كتاب كان يقتنيه أو يهدى إليه كان يحظى بخصوصية مطلقة ، كان لتقليب الصفحات طقوس وويل لمن يمسك كتابا دون أن يغسل يديه ، وويل لمن يأكل ويشرب وهو يقرأ!!.
كل هذه الصرامة في التعامل مع المطبوعات تربيت عليها حتى كنت اقضي، في العقد الثاني من عمري، سويعات العطل الصيفية في قاعات المكتبات العامة واقتني الكتب لاثراء مكتبتنا الخاصة.
حبي للكتاب أو قل عشقي للكتاب كان ولايزال لليوم في داخلي.
واليوم وللاسف يبتعد الجيل الجديد عن الكتاب ليحتضنوا الحواسيب على اشكالها ولكن تبقى رائحة الورق ونكهة الكتاب هي المتعة والثقافة والعلم .
شكرا لوالدي العزيز الذي شجعني وغرس في حبي للكتاب ، وهنيئا لعشاق الكتاب بمعرض كتاب بغداد.