استوقفتني إحدى الصور المعمولة بطريقة المونتاج، حيث جمعت الصورة رؤساء الكتل الشيعية الأبرز: نوري المالكي وسماحة السيد مقتدى الصدر وسماحة السيد عمار الحكيم، وهم جالسون الى جانب بعضهم البعض، ومكتوب أعلى الصورة عبارة (معاً لن نخون المواطن) والتي هي عبارة عن جمع شعارات الكتل الثلاث!
تلك العبارة وإن بدت ظاهراً، عبارةً منمقة ساحرة تناغي الأمل وتداعب المشاعر الساذجة التي ترتجي حصول وحدة شيعية، تحت خيمة البيت الشيعي!
تلك الصورة أعادتنا الى الماضي السحيق، في عمق التأريخ الإسلامي، وفي مكان ليس ببعيد، في معركة صفين في العراق، حيث كان علي بن أبي طالب عليه السلام يقاتل معاوية بن ابي سفيان. كانت الشيعة متألفة من ثلاث فرق:
الفرقة الأولى: هم علي عليه السلام وأتباعه وفي مقدمتهم مالك الأشتر.
الفرقة الثانية: الأشعث بن قيس وأتباعه.
الفرقة الثالثة: هم السذج من الشيعة الذين كانوا في المعسكر، وهم العوام الذين ينقصهم الوعي، والإعتقاد بضرورة التسليم للقيادة المتمثلة بالإمام علي عليه السلام، وهو القائد العادل العارف بمصلحة العامة.
عندما اقتربت المعركة من النهاية، وأصبح قتل معاوية وعمرو بن العاص قاب قوسين أو أدنى؛ أبدى ابن العاص دهائه وأشار الى معاوية، أن يأمر من تبقى من الجيش برفع المصاحف على الرماح، في الحادثة المشهورة.
وهكذا تحرك الأشعث بن قيس ليطالب بالتحكيم، وخرج معه السذج من الناس، وأرغم الإمام علي عليه السلام على الصلح!
معاً لن نخون المواطن! مصاحفٌ ترفع من جديد، ويراد بها النقر على وتر المشاعر الساذجة لدى عوام الشيعة، وتضليل الرأي العام لأتباع كتلة المواطن والتيار الصدري، بحجة الدعوة الى الوحدة بين الاطراف الشيعية، حيث يحاولون الإيهام بأنهم يسعون الى الوحدة، والحقيقة انها مجرد محاولة لدس السم في العسل، من أجل تخفيف الضغط الشعبي باتجاه تغيير الحكومة، ومن أجل تمرير مخططاتهم في الحصول على الولاية الثالثة.
حذار من دهاء ابن العاص، وحذار من صناعة أبن أشعث جديد، وحذار من أن نخدع بتلك الشعارات البراقة والأصوات الرنانة.
المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، فكيف بالثالثة؟!