23 ديسمبر، 2024 6:13 م

 معظم المتتبعين للشأن السياسي بنظرة العاقل المتفحص، لا بنظرة المهبول المتزمت، يجد أن هناك عامل وراثي ينتقل من حزب لآخر، ومن تكتل لقرين يشابهه، لذلك أثر كبير في تحديد ورسم ملامح الخارطة السياسية للبلاد، وتحديد مستقبلها لربع قرن.
 
مضاجعة الأحزاب بعضهم لبعض، كانت السبب الرئيس في أنتقال ذلك العامل الوراثي، وله يعزى سبب أصابة أغلب النخب السياسية في العراق بمرض “التسييد” غالباً ما يظهر المرض بعد أن يصبح المريض مسؤولاً في موقع ما.. كرئيس الوزراء أو القائد العام للقوات المسلحة، أو وزيراً للدفاع والداخليه وكالة ً أو أصالة، نعم تختلف أعراض المرض من منصب لآخر، لكن “تعددت الأعراض والتسييد واحدُ”.
 
  أن “التسييد” لم يكن سوى حلقة أخيرة في سلسلة مضاجعات أدت في النهاية إلى جنين دكتاتوري معروف.
 
  النظام الذي ولد بعد معاناة دامت لخمس وثلاثين سنة، مضافاً اليها عشر سنوات من القحط والدمار وأنتهاك واضح لحقوق الأنسان، ناهيك عن التفجيرات ومئات الضحايا التي تسقط كل يوم،وسوء العلاقات الخارجية والداخلية ايضاً، نظامنا الديمقراطي مهدد بالأنقراض!
 
  خلف ستار الغرف الحمراء، تسود رغبة عراة الساسة بتأجيل الأنتخابات البرلمانية القادمة، فعراة النجمة الواحدة أمتداد حزب البعث، حتم تشظيهم النزول بقوائم متعددة، بذلك يكون أستحالة حصولهم على (20) مقعداً، فهي خطوة خطرة على مستقبل فراش هواهم “التسيدي”، ستفقدهم الكثير مما منح لهم في الحكومة الحاليه.
   أما أصحاب ميزان العدالة فيعملون بمبدأ “عصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة” وما حصلوا عليه في الأنتخابات الماضية، لدورتين متتاليتين بات محال، سيما وكثرة الانشقاقات التي وصلت ما يقارب (30) نائب، تبرهن كثرة الخلافات حول المناصب “التسيدية”.
   لا شك أن الغيمة هذه المرة أمطرت يأس من منصب “تسييد” القبة البرلمانية، بعد أن صلت نينوى صلاة أستسقاء، بأعلان نتائج انتخابات مجالس المحافظات، لذا فهم بأمس الحاجة للملمة غيومهم المتناثرة والتضرع الى الله علهم يرتو بأمطار غيومهم  .
  الراية الخضراء أخذت ترفرف في غير سماء، فالقانون الانتخابي الجديد، سيسلبها ما لا يقل عن (11) مقعد، وهذه خسارة للحقائب “التسيدية” -الوزارية- بيدما كان التقلب وأتخاذ القرارات بعشوائية وانفعالية السمة الأبرز لسياستهم، الأمر الذي أفقدهم أغلب جماهيرهم.
  زمرة الأحصنة غير واثقة من بقائها زمرة موحدة، فغيبوبة الفارس الأول وضياع الصهوة يحول دون خوضهم غمار السباق الجديد، وهي بحاجة للملمة سروجها، مما يحتم عليها السعي لتأجيل المنافسة القادمة.
   لم يبقى سوى أصحاب الراية الصفراء، فكل ما سبق سرده يصب في مصلحتهم، فهم من نفوا نظرية “الطايح رايح” وحسبكم نتائج انتخابات الحكومات المحلية الأخيرة، ومواقف الزعامات الشيعية في العراق جاءت مؤيدة لأجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها رافضةًً تأجيلها.
  يبقى الجمهور العراقي هو الطرف الأول والأقوى الضاغط لأجراء هذهِ الأنتخابات, بغرض التغيير والتقدم وحل الازمات السياسية،والامنية والخدمية .