19 ديسمبر، 2024 3:58 ص

يُحكى أن بلدا كان قويا سيدا مهابا , أغارت عليه وحوش الغاب المعاصرة بذرائع وهمية ووفقا لأجندات ومراسيم إفتراس وقتل ودمار وخراب , وهي على علم واضح بأن البلد بعد أن تسحقه لن تقوم له قائمة , لأن العصابات المسلحة ستتولى أمره , وستغذيها مافيات الدنيا المتربعة على عرش القوة والأمر بالفحشاء.

وبعد أن تم لها ما أرادت , وتورطت بغزوه وتقتيل أبنائه وتشريدهم وقهرهم بأنواع الويلات والملمات , والألاعيب التي تفضي إلى أن يقتل إبن البلد إبن بلده , وإبن الدين إبن دينه , نفضت أذيل مسؤوليتها وتركته في مهب الريح تتناهبه العصابات , التي سلحتها ودربتها وأوعزت إليها بما تقوم به وتنفذه من السوء والخطايا والآثام.

وفي هذا المعترك الصاخب الذي لا يُعرف له حد ومرسى , يتحدثون عن حكومات وقوانين ودولة وقوة مركزية , وكأنهم يضحكون على أنفسهم ويخاطبون نيرانا ألسنة لهيبها تستعر.

فالذي يجلس على أي كرسي يُحسب من المساكين , لأنه لا حول عنده ولا قوة إلا الإذعان والخنوع وتنفيذ ما يُطلب منه , وأي حياد عن منهج المطلوب إثباته يدفع به إلى مهاوي الوعيد.

وكأن الناس لا تدري ولا تعرف , فتتوقع من المسؤول ما لاطاقة له به ولا قدرة على تحقيقه , فيضطر إلى الظهور بموقف دفاعي وعدواني في أكثر الأحيان , فيخادع نفسه ويحاول أن يقنعها بأنه صاحب مسؤولية وقرار , وما هو إلا دمية يتم تحريكها عن قرب وبعد.

وتلك محنة كبرى ومعضلة عظمى وحالة مزرية بالطرفين , فلا صاحب الكرسي في مأمن وراحة ضمير ولا الشعب , والمستفيد هو الفاعل فيهم أجمعين.

والمشكلة أن بعض المجتمعات تلد أبناءً يعادونها , ويدينون بمصالح الطامعين فيها , وهو من أخطر ما تبتلى به الأوطان وتعاني منه الشعوب.

ولا يمكن حل هذا التفاعل السلبي ما بين الكراسي والمواطنين , إلا بتدخل القوى التي صنعت الحالة , والتي عليها أن تعيد البلاد إلى واقع حالها الرشيد , وذلك بإجراء إنتخابات عادلة وتحت ضوابط صارمة وإشراف دولي نزيه , وأن يمتلك المواطن حرية الإختيار وينظر لمصالحه الوطنية أولا , وأن لا يضع فوقها أي توجه آخر.

أما إذا دارت نواعير الإنتخابات على شاكلتها التي مضت عليها , فلا خير يُرتجى منها وستعيد ذات الوجوه إلى واجهة سوء المصير!!

فهل من كرسي وطني مقدام لا يهاب في الحق لومة لائم؟!!

أحدث المقالات

أحدث المقالات