18 ديسمبر، 2024 4:52 م

مرتضى الحديثي.. رجل تأميم النفط.. وافضل دبلوماسي البعث

مرتضى الحديثي.. رجل تأميم النفط.. وافضل دبلوماسي البعث

ـ مرتضى سعيد عبد الباقي البياتي الحديثي.. من مواليد العام 1941 في مدينة حديثة.. اكمل دراسته الابتدائي والثانوية فيها العام 1958 ـ 1959.
ـ درس الرياضيات في المعهد العالي للفيزياء والرياضيات في بغداد لينال شهادة البكالوريوس في الرياضيات العام 1963.. لينخرط في سلك التدريس.. حيث عمل مدرسا للرياضيات في مدينة الفلوجة.

ـ له أربعة إخوة.. هم: تركي.. وكردي.. ومخلف.. ونامق.

نشاطه الحزبي:

ـ انتمى الحديثي إلى حزب البعث العام 1955.. اي منذ كان طالبا بالمتوسطة.

ـ شارك في الحركة الطلابية المعارضة لسياسات العهد الملكي .. اعتقل عدد من المرات سواء في العهد الملكي.. أم في العهد الجمهوري قبل 17 تموز 1958.

ـ تعرض للمطاردة من قبل الشيوعيين في أوائل عهد عبد الكريم قاسم.

ـ بعد انقلاب 8 شباط 1963.. كان مرتضى أحد كبار الذين يشرفون على تعذيب الشيوعيين واليساريين.. في قصر النهاية.

ـ فالذين كانوا يشرفون على تعذيب الشخصيات.. كان منهم:

أحمد حسن البكر.. صدام حسين.. علي رضا.. مرتضى الحديثي.. عبد الكريم الشيخلي .. صالح مهدي عماش.. ناظم كزار.. دانيال (لم أجد اسم أبيه أو لقبه أو أية معلومات أخرى).. وآخرين.

ـ أصبح عضواً في القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي 1964 ـ 1966.

ـ كان بدرجة عضو فرع بغداد قبل انقلاب العام 1968.

ـ انتخبه المؤتمر القطري السابع للحزب عضواً في القيادة القطرية.. في تشرين الثاني 1968.

دوره في انقلاب 17 تموز 1968:

ـ كانت مسؤوليته يوم 17 تموز 1968 تبليغ فرع بغداد للحزب.. بساعة الصفر وهو الذي جلب اللواء المدرع العاشر من منطقة الوروار في الرمادي.. ودخل به إلى العاصمة بغداد.. وكان يرتدي الملابس العسكرية.
ـ لم ينم في بيته لليلتين متتاليتين قبل الثورة.. وقد كان متصلاً بحماد شهاب عن طريق عمر الهزاع.

ـ بعد استتباب السلطة للبعثيين عين الحديثي رئيساً للجنة تبديل أسماء المحافظات.

ـ آذار1970 عين في منصب وزير العمل.. وكانت له بصمة عميقة في هذه الوزارة.. حيث تم تشريع قانون العمل رقم ( 1 ) لسنة 1970.. وهو أول قانون ثوري عادل للعمل.

موقعه في الحزب والدولة:

ـ انتخاب البكر وصدام.. واعفاء مرتضى من القيادة القطرية للحزب العام 1974.

ـ بشهادة تقارير المخابرات السوفيتية الـ(كي جي بي) يعد مرتضى سعيد عبد الباقي الحديثي الشخصية القيادية الثانية بعد الرئيس احمد حسن البكر خلال السنوات 1968-1974 والمرشح القوي بعد اعتقال وسجن عبد الخالق السامرائي العام 1973 لخلافة البكر برغم السلطات والصلاحيات الواسعة التي تمتع بها صدام حسين.

ـ إلا إن أغلبية القواعد والقيادات الحزبية كانت ترى في مرتضى الحديثي الشخصية القيادية المفصلية بعد البكر.. فقد تمتع الحديثي بشعبية حزبية كبيرة قبل انعقاد المؤتمر القطري الثامن العام 1974 الذي عقد في مرحلة تغييب السامرائي وانسحاب الحديثي في الجولة الثانية بعد أن فاز بأغلبية ساحقة في المرحلة الابتدائية.. وترك انسحابه لغزاً بين أوساط القيادات الحزبية آنذاك.

ـ اصبح عضو قيادة قطرية بعد ثورة 1968.

ـ وزيراً للعمل لفترة قصيرة.

ـ سفيراً للعراق في الاتحاد السوفيتي.

ـ وزيرا الاقتصاد 1971.

ـ وزير الخارجية للفترة من 30 تشرين الأول 1971 إلى 23 حزيران 1974.

ـ سفيراً في أكثر من عاصمة .

ـ اعفي من منصبه العام 1974.. ومن القيادة القطرية أيضا بعد المؤتمر القطري الثامن!.

التفاوض مع شركات النفط الاحتكارية:

ـ كان الوفد العراقي للمفاوضات مع شركات النفط الاحتكارية في العراق… برئاسة مرتضى الحديثي.. يتألف من: محمد فاضل.. وسعدون حمادي.. وإحسان شيرزاد.. وعدنان الحمداني.. وفاضل الجلبي الخبير النفطي الشهير.

ـ كان له دور كبير في مفاوضات العراق مع شركات النفط الاحتكارية.. حيث كان قبل تأميم النفط هو رئيس الوفد العراقي المفاوض لوفد الشركات النفطية.

ـ لم تكن القيادة القطرية بمجموع أعضائها ولا مجلس قيادة الثورة بجميع أعضائه مع قرار تأميم النفط.

ـ كان قرار التأميم مغامرة لان القيادة في العراق.. كانت تضع أمامها تجربتين فاشلتين ومأساويتين.. فشل فيهما قرار التأميم وهما التجربة الإيرانية والمكسيكية.. وكانت نهاية هاتين التجربتين كارثية.

ـ لكن الحديثي كان من المندفعين إلى تأميم النفط ومعه بنفس الدرجة من الحماس عبد الخالق السامرائي وآخرون في القيادة العراقية يطلق عليهم بالراديكاليين.

ـ قيل أن صدام قال للحديثي في احد اجتماعات القيادة مازحا: يا ابن سعيد عبد الباقي إذا فشل التأميم فان أول رقبة يطاح بها هي رقبتك!

ـ وجه العراق المهلة الأخيرة للشركات بعد مفاوضات عسيرة استمرت من 11/1 / 1970إلى 30 /5 / 1970 وعبر (12) جلسة!.

ـ يذكر ستوكويل رئيس وفد الشركات (كما جاء في محضر المفاوضات):

ـ إن الوفد العراقي وهم من الشباب المتحمس.. درس كل ملفات: شركة نفط الشمال.. وشركة النفط الوطنية العراقية.. درسوها بـإمعان.. وأنهم خلال عشرين يوما جاؤوا إلينا مفاوضين بارعين.. وقد حفظوا هذه الملفات عن ظهر قلب حرفا حرفا!.

ـ وقال ستوكويل في المفاوضات لمرتضى الحديثي: (أود أن أذكركم بمثل انجليزي شهير يقول:
(لا تذبحوا الوزة التي تبيض لكم ذهبا)!.

ـ فأجابه الحديثي: (ونحن لدينا في العراق مثل قريب من المثل الانجليزي وهو: “لا ترمي الحجر في البئر الذي تشرب منه الماء” ومثلما تتوقع يا سيد ستوكويل أن هذه البطة تبيض لنا ذهبا فان هذا البئر عراقي هو البئر الذي أنت تشرب منه الماء)!.

ـ انتهت المفاوضات بتأميم النفط .. ونجح القرار!!.

نشاطه الخارجي:

ـ أرسلته الحكومة العراقية مفاوضاً عنها للملكة العربية السعودية وكانت تحت حكم الملك فيصل رحمه الله ويعرف عن الملك فيصل حنكته السياسية وذكائه.. ولذلك ارسل العراق رجلاً مماثلاً له بالحنكة والدهاء السياسي.

ـ وارسل ايضاً للمفاوضات مع الملك حسين ملك الاردن.

ـ بعدها عين سفيراً للعراق في الاتحاد السوفيتي وفِي أيامه كانت العلاقات مع السوفييت في أوج قوتها.

ـ استلم وزارة الخارجية من الوزير السابق عبد الكريم الشيخلي في تشرين الأول العام 1971 بعد أن عين الشيخلي ممثلا للعراق في الأمم المتحدة.. وكانت وزارة الخارجية تعاني من عاصفة أزمات دولية وعربية وإقليمية واندلعت حرب تشرين عام 1973 إبان استلامه لوزارة الخارجية وأجرى مباحثات مكوكية مرهقة مع القادة المصريين والسوريين.. وواجه أزمات أخرى مثل:

ـ الأزمة مع الإمارات العربية.

ـ أزمة أنبوب النفط مع السوريين.

ـ أزمة تسويق النفط بعد تأميمه.

ـ معاهدة الصداقة مع الاتحاد السوفيتي.

ـ حضور دورات الجمعية العمومية للأمم المتحدة 27 و28!.

ـ إدارة ملف العلاقات مع دول عدم الانحياز.

ـ اضافة التحديات الداخلية مثل الأزمة مع إيران حول شط العرب.. التي أفضت إلى اتفاقية 1975.. التي كان الحديثي معارضا لها.. ونقل احد المقربين من الحديثي آنذاك أنه سمع مرتضى يقول “تقطع يدي ولا أوقع هذه الاتفاقية”!.

ـ فتح صفحة دبلوماسية ناجحة مع الصين والهند وأوروبا الشرقية ويوغسلافيا.

ـ تطوير العلاقات مع منظمة التحرير الفلسطينية والتنسيق مع المقاومة من خلال الحزب وليس عبر وزارة الخارجية.

ـ خلال حرب تشرين.. ذهب الحديثي.. بصفته وزير الخارجية إلى الجبهة السورية.. وحضر لقاءات مع الجيش العراقي.

ـ وكان له لقاء عاصف مع الرئيس حافظ.. والتقى بالضباط العراقيين في الجبهة السورية.

ـ كان يسعى إلى تشكيل فيلق عسكري وإرساله للجبهة.. حيث كان العراق قد أرسل فرقة عسكرية هي الفرقة الثالثة لإدامة زخم المعارك مع العدو الصهيوني.

ـ وقابل الأسد وكان لقاءا مريراً حيث تبادلا الاتهامات.. وأبلغ الأسد خشيته من اخذ قرار وقف إطلاق النار.. وقال له نحن لا ننصح بقبول قرار وقف إطلاق النار لأننا ما زلنا نديم زخم المعركة.

ـ وكانت هناك وساطة سوفيتية قبل وقف إطلاق النار ومرتضى الحديثي هو صاحب العبارة الشهيرة التي تداولها الإعلام العراقي الرسمي: “هذه حرب تحريك لا حرب تحرير”!.

ـ زار عدة مرات الاتحاد السوفيتي أثناء حرب تشرين 1973.. واشرف على نقل الدبابات من روسيا الى ميناء طرطوس السوري!.

النهاية:

ـ استدعيً مرتضى إلى مؤتمر السفراء في بغداد.. الذي عرف بحادثة قاعة الخلد أو مجزرة الرفاق.. في تموز 1979.

ـ ومنها اُقتيد إلى السجن محكوماً عليه بخمسة عشر عاماً في 5 آب 1979.
ـ مرتضى.. أهذا السجن الذي افتتحته لنا.. والان خذ هذا القرص انه خاص بمرضى القلب.

ـ لتسلم جثته في الاول من حزيران العام 1980 ملفوفة بقماش.

ـ أخوه كردي سعيد عبد الباقي محافظ ديالى ضربوه.. 140 صونده محشوة بالقضبان مزقت مثانته.

ـ هل هي مصادفة أن تتم تصفية الحديثي يوم 1 حزيران 1980.. أي في يوم ذكرى تأميم النفط؟!

ـ لماذا تم توقيت قتل هذا الرجل الوطني الهادئ المنفتح على العراقيين بكافة أطيافهم السياسية والاجتماعية في يوم التأميم؟

ـ هل لان القاتل أراد أن يمسح عن ذاكرته هو ذكرى بطل ومفاوض عنيد وشخصية لو قدر لها أن تستمر في الحياة أن تقود العراق إلى بر الأمان.

ـ بدلا من نهج المغامرات والقتل والغزو والحروب الذي استمر حتى نهاية عمر حكم البعث الثاني وبذلك طوى الجهل والمغامرات الخائبة صفحات من الكد والتعب لبناء عراق حر وقوي!. لا أعرف كيف يدافع ذيول وأذناب هذا المغامر عن مغامراته الطائشة التي سلمت العراق بيد المحتل الأمريكي أخيرا!.