عندما زرت بيروت ، اخذتني مدائح الاصدقاء واعجابهم لزيارة مغارة جعيتا .. مدحوها كثيرا حتى قررت زيارتها للمرة الثانية بعد زيارة قديمة رغم وجود امسية قصصية لقاص لبناني رغبت بسماعه .. وصلنا المغارة بتجاويفها وشعبها وردهاتها وقاعاتها الملتوية الضيقة والتي نحتتها الطبيعة، وتسربت إليها المياه الكلسية من المرتفعات لتشكل مع مرور الزمن عالماً غريبا من المنحوتات والتكوينات، يعتبرها اللبنانيون جوهرة السياحة اللبنانية.. كان الزحام على اشده من السياح العرب والاجانب اضافة الى اللبنانيين طبعا .. اصبح المكان سياحيا وجاذبا للبشر من كل مكان وهو رمز يتمسكون به لنتائجه المادية والمعنوية .. ولفت نظري شدة الحرص عليها وكثرة تحذيرات المرشدين حتى ان التصوير ممنوع فيها وكانه موقع محظور ! رغم انه لا يمثل حضارة بلد ولا منجز انسان ولا تاريخ مسجل .. كل ما في الامر ان الطبيعة نحتت المكان وصار مقصدا .. في الاثناء طفر الى ذهني فورا قرار الحكومة العراقية بدمج وزارة السياحة والاثار بوزارة الثقافة كاجراء اصلاحي ! اقول كم من البلدان يمتلك ارثا حضاريا وتاريخيا وسياحيا كالذي لدينا ؟ انه كم هائل من مرموزات بشرية صارت منارا واشعاعا للبشرية .. العراق بلد حضاري شئنا ام ابينا .. ووطن راودت حضارته كل العقول وتمنى ملوك الامم ان ينعموا بخيراته واثاره ورموزه ونعمه .. فجأة تشمل وزارة السياحة والاثار بالإصلاحات وفجأة يخرج وزيرها الاستاذ عادل فهد الشرشاب من قمة الهرم فيها .. وهو وزير وطني ، متواضع نزيه ، سهل الطباع ومتعاون مع الكل .. يخرج هذا الوزير من الوزارة في الوقت الذي نحتاج فيه الى مثله لإدارة مفاصل الدولة التي يتكلم الصغير والكبير عن وجود حيتان الفساد من الذين نخروها ليتمسك بها البعض من الخيرين ليتلاقفوها قبل وقوعها ويمسكون بالتالي بارث ضخم بدأ من اول قصائد الشعر المغنى في حواري اور حتى المسلات وقوانينها العجيبة مرورا بالقباب المذهبة التي صارت وجهة مهمة للسائحين .. فاذا كانت مغارة جعيتا فخر للبنانيين وهي من بناء الطبيعة ، فحري بنا ان نفخر بكل الشواهد التي بناها العراقيون عبر ثلاث حضارات عظيمة علمت الانسان الكتابة وصناعة قلائد النساء وقوانين الانصاف وصارت درسا لمن ليس لديه تاريخ . كمتابعين ومثقفين ، نأمل من رئيس الوزراء اعادة النظر بالدمج لتأخذ وزارة السياحة والاثار مكانها الطبيعي في بلد السياحة والاثار ..