22 ديسمبر، 2024 1:49 م

سامراء مدينة عريقة ذات تأريخ ساطع مؤثر وتليد , ومنها إنطلقت بواكير الحضارة البشرية , وتمكنت من الهيمنة على الدنيا لمدة (57) سنة , إبتداءً من إتخاذها عاصمة (222) وحتى إنتقال العاصمة مرة أخرى إلى بغداد (279).
المدينة خالية من أي نصب تذكاري لمؤسسها (المعتصم) , والمهتم بعمرانها الخليفة (المتوكل) , ولغيرهما من الخلفاء الذين عاشوا وحكموا فيها.
كما لا يوجد فيها تمثال لأبي تمام الذي رافق المعتصم وقبله المأمون , حتى معظم خلافة الواثق , وله تمثال في الموصل التي ذهب إليها مسؤولا عن البريد لأقل من سنتين وتوفى فيها.
أما البحتري الذي عاش في سامراء طيلة فترة كونها عاصمة فلا يوجد له ذكر.
أضف إلى ذلك (إبن المعتز) الذي ولد في سامراء وترعرع في قصورها , وأحبها وكتب أشعارا عنها , ولا نعرفه ولا يوجد أي نصب أو جدارية تشير إليه.
إنها مدينة يُراد قطعها عن تأريخها وتحويلها إلى نكرة , المدينة بحاجة لإحيائها حضاريا , وقد نشأت فيها جامعة عليها أن تنشر الوعي التاريخي المعرفي بين أبنائها , ولا بد أن يكون فيها متحف كبير وميادين ومنتزهات تحكي تأريخها , وتعج بالتماثيل المعبرة عن دورها وقيمتها الإنسانية.
المدينة بانروما معرفية يُراد طمسها وتغيير معالمها ومحوها من المسيرة المعاصرة.
إنها متحف حي , شواهدها تتكلم عن قدراتها أيام كانت سيدة الدنيا.
فالمطلوب التعامل معها بما يليق بدورها في صناعة المسيرة البشرية وإبراز ما فيها.
ففي ترابها يرقد جهابذة أعلام , وعلى أديمها مشت عقول الأمة الألمعية , وتحوي كنوز معرفية وإبداعية نادرة.
فهل سيشمر أهلها عن همتهم ويُخرجوا جواهر ما عندهم , ويعزون مدينتم ويفتخرون بالمتحف الحي البراق!!
د-صادق السامرائي