فريضة الخمس من الفرائض المهمة التي يمتاز بها مذهب أهل البيت عن باقي المذاهب الإسلامية الأخرى التي اقتصرت على غنائم الحرب (خمس الغنيمة)..
إن الكثير من المؤمنين يعتقدون بوجوب الخمس ولكنهم لا يخمسون إلا اذا أرادوا الحج فعندها يدفعون الخمس..
أما المؤمن الذي لا يذهب للحج فهو لا يخمس ليس عصياناً بل جهلا ًبكيفية التخميس أو لإعتقاده بأن الخمس يجب على الأغنياء دون غيرهم..
والحق أن المؤمنين بصورة عامة لا يخمّسون إلا مرة واحدة وهي عند الذهاب لأداء فريضة الحج!!
هذا الحال كان واقعاً معاشاً في المجتمع في زمن سبق فترة تسلط زمرة البعث وعصابة الهدام..
أما بعد ان تسلّطوا على الرقاب فلا مجال للحديث عن الخمس لأن الكثير من المسلمين لا يصلون فضلا عن ان يكونوا مخمسين!
ولكن وبعد أن منَّ الله علينا بالسيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر (قدس) الذي أحيا هذه الفريضة فقد توفق الكثير من المؤمنين الفقراء والاغنياء في أداء هذه الفريضة..
ويمكن الحديث عن إحيّاء فريضة الخمس من قبل السيد الشهيد محمد الصدر (قدس) من خلال عدة نقاط:
النقطة الاولى: ان السيد الشهيد محمد الصدر(قدس الله نفسه الزكية) هو أول الملتفتين الى مسألة عصيان فريضة الخمس تكون سببا لبطلان الصلاة وهذا ما أشار اليه السيد محمد الصدر (قدس) في مناسبات عديدة منها لقاء الحنانة حيث قال ما مضمونه ((ان الافكار الفقهية الواعية والفروع الحديثة من قبيل الصلاة في مجهول المالك والصلاة في الاموال الغير مخمسة بعون الله انني اول من وعى الشيعة عليها)).
وبالفعل نجد هذه الافكار الفقهية الواعية والفروع الحديثة في جميع رسائله العملية وإستفتائاته المتنوعة حيث سُأل عن المكلف الذي لا يخمس فأجاب بأنه مفوت لفريضتي الخمس والصلاة..
وهذا الامر في غاية الخطورة أقصد بطلان الصلاة بسبب عدم اداء فريضة الخمس بل ان السيد محمد الصدر (قدس) أشار الى النتائج المترتبة على عصيان فريضة الخمس في رسالته العملية منهج الصالحين الجزء الثاني كتاب الخمس في مسألة(369) حيث قال ما نصه:
((اذا اخّر دفع الخمس مع وجوبه ترتبت على ذلك آثار باطلة عديدة منها : حرمة تصرفه في العين اكلا او لبسا او سكنا او غير ذلك ومنها انه تشتغل ذمته بأجرة المثل لهذا التصرف فيما يقابل الخمس المستحق لذويه ومنها ان المعاملات الجارية على الاعيان او الاثمان المستحقة تكون نافذة في الاربع اخماس وباطلة في مقدار الخمس, وليس له ان يأخذ الثمن بإزائها كاملة, كما انه ليس له ان يدفع العين الى مشتريها قبل التخميس ما لم يخبره بذلك ويثق بانه سوف يقوم بهذه الوظيفة الشرعية ومنها ان انتاج الخمس وارباحه لذوي الخمس وليس للمالك ومنها: انه اذا مات قبل دفع الخمس وجب على ورثته دفع خمس التركة مع الديون قبل تخميسها)) انتهى.
ان هذه المسألة تمثل طفرة نوعية في الفقه الواعي وكذلك تحتاج الى شرح وافي ليس هنا محله وكذلك تؤكد على خطورة التقصير في أداء هذه الفريضة..
ان توعية الحوزة وعلمائها وعوام الناس أدى الى احياء هذه الفريضة بحيث بلغ عدد المؤدين لهذه الفريضة رقما قياسيا ولا زال الخط الصدري متجه بهذا الاتجاه بحيث يكون أداء الخمس شرطا اساسيا في الانتماء للممهدين وغيرها من المشاريع الاجتماعية..
النقطة الثانية: الشيء الذي سهّل لعوام الناس بما فيهم الفقراء (وهم كانوا في تلك الفترة يمثلون اكثرية الشعب العراقي بسبب السياسات الظالمة لعصابة صدام القذرة)…
ان السيد الشهيد الصدر (قدس) كان المهم عند هو طاعة الله بحيث ينوي الفرد التخميس ويبقى الاداء قابل للمصالحة والتقسيط الامر الذي تحولت فيه فريضة الخمس من صورتها المعقدة الغامضة الى صورة أسهل وأوضح .
النقطة الثالثة : ان السيد محمد الصدر (قدس) اعطى اهمية كبيرة للوصل بحيث ان المخمس الذي لا يستلم الوصل فهو لا تبرأ ذمته وهذا العمل ساهم في إنهاء الفساد المالي وقد سار المراجع على هذا الامر جزاهم الله خير جزاء المحسنين..
واصبحت ثقافة الوصل من أهم علامات التخميس …
بقي شيء اذكره لأجل الفائدة وهو ما قاله السيد محمد الصدر(قدس) في المنهج بأن وجوب الخمس هو أثر من آثار الملكية.
وتعليقا على ذلك فإن الفقير والغني لهما ملكية وبالتالي يجب عليهما دفع الخمس..
وقد أنتشر في ذلك الوقت مفهوم الخمس الابتدائي وهو عبارة عن جرد كل الممتلكات سواء التي دخلت في المؤونة ام لا ومن ثم تخميسها…
وهذا مصداق واضح لمفهوم ان الخمس اثر من آثار الملكية..
بمعنى ان انتفاء الملكية يكون سببا لانتفاء وجوب الخمس.
النقطة الرابعة: توعية المجتمع على فكرة راس السنة الخمسية وضرورة المحافظة عليها وإلا فالأصل هو التخميس الفوري لكل شيء يقع تحت الملكية فرأس السنة يعطي للفرد تأجيلا لدفع الخمس الى آخر السنة.
فسلام على الشهيد محمد الصدر حياً وميتاً.