مقطع الفديو الذي يظهر فيه محافظ الموصل نوفل العاكوب وهو يهين مدير مدرسة ويهدده بالضرب ويشتمه ثم يطرده ويقوم بنقله إلى ناحية البعاج ، يشير إلى طغيان غير مسبوق وحماقة كبيرة سيدفع ثمنها من خلال الحملات الإعلامية وردود فعل الناس على فيسبوك وهي وحدها كافية لفضحه وردعه إن لم تتحرك الجهات البرلمانية خاصة لجنة التربية والتعليم التي يتوجب عليها أن تقوم بدورها الرقابي والتشريعي وتطلب من رئاسة البرلمان إتخاذ التدابير اللازمة لردع بعض المتنفذين والمتسلطين من قمع الهيئات التدريسية في مختلف محافظات البلاد والتي تعاني من ضغط رهيب بسبب كثرة أعداد الطلاب وقلة الملاكات التعليمية وضعف دور وزارة التربية والحكومة ، وعدم بناء مدارس كافية لإستيعاب الأعداد المتزايدة من التلاميذ والطلاب في المدارس الإبتدائية والثانوية بعد أن تم هدم المئات من المدارس بدعوى إعادة بنائها ولكن الصدمة تمثلت بتركها على الحال الذي هي عليه من الهدم من قبل مقاولين فاسدين ومسؤولين أكثر فسادا ، ثم صرنا نتوسل المنظمات الإنسانية العالمية لتزودنا بالكرفانات لإستيعاب الأولاد والبنات الذين لم تعد لديهم مدارس يتعلمون فيها .
منذ أن كنا صغارا في المدرسة كان المعلمون قديسين في نظرنا كرجال الدين أيام زمان ، وكنا نحبهم ونحترمهم ونجلهم ونتوسل اللحظات لنعبر عن الإحترام والتقدير لهم ولدورهم ، وكان المعلم في ثقافته وعلمه كأستاذ الجامعة الذي يعلم الناس وينورهم ويضيف لمعارفهم المزيد من المعرفة والوعي بالحياة وإحترام الوالدين ، فكانوا يعطوننا دروسا علمية ودينية وتربوية وأخلاقية ووطنية ، ولما كبرنا ودخلنا الجامعات والمعاهد إنبثقت فينا تلك المعلومات والمعارف والثقافات وتأكدت في دراستنا العليا ونفعتنا كثيرا ونحن نقرأ ونحاور وندرس ونعلم أبناءنا ونذهب الى الحياة العامة مسلحين بثقافة أساسها وجذورها في المدرسة الإبتدائية .
لذلك فأن السياسيين والمسؤولين الكبار في الدولة و البرلمان والحكومة وفي وزارات الدولة والنخب الإجتماعية والأسر المحترمة مسؤولون عن دعم المعلمين والمدرسين في مهمتهم الإنسانية النبيلة التي تتوخى بناء مجتمع قوي متماسك وقوي غير واهن كما يريده من يبحث عن الفرصة لتدمير الدولة من خلال إهانة وتفكيك بنية التعليم وهو يمثل نوايا سياسية غير مسؤولة يجب رفضها ومواجهتها بالوسائل كافة .
نحن اليوم نشاهد محافظ الموصل وهو يهين الدولة العراقية بإهانة المعلم ، ولابد أن يتدخل البرلمان لمحاسبته ووضعه عند حده وإبعاده عن منصبه الذي هو في الواقع غير مؤهل للبقاء فيه لأنه عمل في غير مجاله وترك الخدمات ليذهب إلى مدرسة ويتجاوز على مدير مدرسة بحجة ضربه للتلاميذ ، وكان الأجدر به بدلا من هذا التجاوز غير المبرر أن يشكل لجنة للتحقيق أو أن يوبخه بالسر وليس بطريقة إستعراضية فجة وغير واعية ، وهو ما يشكل خطرا على منظومة التربية والتعليم في بلادنا ، فالمحافظ لا يحق له أن يتحول إلى دكتاتور وطاغية يهين ويتجاوز ويوبخ ويهدد بالضرب والإهانة .