18 ديسمبر، 2024 7:44 م

مجلس حسيني ـــ كيف تشرفت النجف وتقدست كربلاء

مجلس حسيني ـــ كيف تشرفت النجف وتقدست كربلاء

فِدَاءً لمثواكَ من مَضْجَعِ ******** تَنَوَّرَ بالأبلَجِ الأروَعِ

شَمَمْتُ ثَرَاكَ فَهَبَّ النَّسِيمُ ******نَسِيمُ الكَرَامَةِ مِنْ بَلْقَعِ

وعَفَّرْتُ خَدِّي بحيثُ استراحَ*****خَدٌّ تَفَرَّى ولم يَضْرَعِ

وحيثُ سنابِكُ خيلِ الطُّغَاةِ******جالتْ عليهِ ولم يَخْشَعِ

وَخِلْتُ وقد طارتِ الذكرياتُ*****بِروحي إلى عَالَمٍ أرْفَعِ

وطُفْتُ بقبرِكَ طَوْفَ الخَيَالِ****بصومعةِ المُلْهَمِ المُبْدِعِ

كأنَّ يَدَاً مِنْ وَرَاءِ الضَّرِيحِ** حمراءَ ” مَبْتُورَةَ الإصْبَعِ”

تَمُدُّ إلى عَالَمٍ بالخُنُوعِ ******وَالضَّيْمِ ذي شَرَقٍ مُتْرَعِ

َفيابنَ البتولِ وحَسْبِي بِهَا***ضَمَاناً على كُلِّ ما أَدَّعِي

ويابنَ التي لم يَضَعْ مِثْلُها**** كمِثْلِكِ حَمْلاً ولم تُرْضِعِ

ويابنَ البَطِينِ بلا بِطْنَةٍ****ويابنَ الفتى الحاسرِ الأنْزَعِ

ويا واصِلاً من نشيدِ الخُلود***خِتَامَ القصيدةِ بالمَطْلَعِ

وجَدْتُكَ في صورةٍ لم أُرَعْ **** بِأَعْظَمَ منها ولا أرْوَعِ

بأنَّ (الإباءَ) ووحيَ السَّمَاءِ*وفَيْضَ النُّبُوَّةِ ، مِنْ مَنْبَعِ

 

(( كيف تشرفت النجف ــ وكيف تقدست كربلاء..؟))

 

لا يختلف اثنان ان الارض كلها ملك الله. وكلمة ملك في اللغة العربية تعني ” حاز واحتوى وملك” .الآية واضحة الدلالة تقول ان الله احتوى السماوات والأرض .ولا يمكن لأحد ان يدعي خلق ذرة من تراب او خلق كوكبا او شمسا او قمرا . الخ .

*** ما هي مراحل خلق السماوات والأرض : يعرض القرآن الكريم امور غامضة في خلق السماوات والأرض لا يمكن معرفتها، وتعد من الأسرار يقول تعالى:( مَّا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا).الضمير عائد على إبليس وذريته ; أي لم أشاورهم في خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم بل على ما أردت.

***** كيف تشرفت النجف الاشرف .؟ وكيف تقدست كربلاء ..؟

في البداية لا بد ان نرجع الى تاريخ النجف لمن تعود ارضها ..؟ وكيف انتقلت للإمام علي{ع} ولماذا ندفن موتانا الى جوار امير المؤمنين.؟

حين نزل قوله تعالى : رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37) .هاجر إبراهيم (ع) بعائلته معه زوجته سارة وابن خالته لوط (ع) وعشرات من الرعاة وخدمه وحشمه وسكن اخيرا في بلاد الشام، وهناك حدثت قضية لوط {ع} في الاردن من بلاد الشام , وسكن ابراه9يم الخليل بلدة الخليل واشترى جبلاً فيها وجعله مقبرة له ولأسرته ، ومنها بئر السبع في النقب ، ويروى أنها سبعة آبار احتفرها .

كما كان يزور العراق بعد أن هلك النمرود وانتهى حكمه عليه بالنفي، وأسس فيه مسجد الكوفة والسهلة والنخيلة ، واشترى فيه أرض القادسية والنجف وكربلاء. وكان قد اشترى الارض حين بات في ظهر الكوفة . وهي مدينة النجف التي كانت تسمى { البرشة} وتعني الماء المتصل بالبحر. هذا يعني ان ذلك الوقت كان البحر متصلا بالبحر . فالنجف من ملك نبينا ابراهيم {ع} وورثها الانبياء ابناءه كلهم الى نبينا محمد (ص) ووريث محمد هم علي وفاطمة والحسن والحسين{ع} فكيف لا تقدس. عن أبان بن تغلب قال: كنت مع أبي عبد الله الصادق{ع} فمر بظهر الكوفة، فنزل فصلّى ركعتين، ثم سار قليلاً فصلّى ركعتين، ثم سار قليلاً فنزل فصلّى ركعتين، ثم اشار الى موقع وقال: ”هذا موضع قبر أمير المؤمنين “قلت: جعلت فداك والموضعان اللذان صليت بهما! قال الاول: موضع رأس الحسين{ع} والثاني موضع منبر القائم.{عج}. جاء هذا الخبر في عدة مصادر حين اراد الامام جعفر الصادق{ع} ان يكشف عن قبر جده امير المؤمنين . كان يصطحب بعض المؤمنين الثقاة معه فيدلهم. يروى عن صفوان انّه لما اطلع على موضع قبر علي بن أبي طالب{ع} ببركة جعفر الصادق قال: فمكثت 20 سنة يصلّي عنده، وهناك علّمه جعفر الصادق زيارة الحسين في بوم الأربعين. «اما بأنقيا هي القادسية وما حولها إنما سميت قادسية بدعوة إبراهيم الخليل (ع) لأنه قال:{كوني مقدسة مطهرة من التقديس}. وإنما سميت القادسية بانقيا لأن إبراهيم اشتراها بمائة نعجة من غنمه لأن با: مائة ونقيا: شاة ، بلغة النبط وقد ذكر بانقيا عدد منة الشعراء ، وفسره علماء اللغة..

جاء في كتاب علل الشرائع:2/585 ، عن علي (ع) قال: « إن إبراهيم (ع)مر ببانقيا فكان يزلزل بها فبات بها ، فأصبح القوم ولم يزلزل بهم ، فقالوا: ما السبب ، قالوا: نزل هاهنا شيخ ومعه غلام له: فأتوه فقالوا له: يا شيخ إنه كان يزلزل بنا كل ليلة ولم يزلزل بنا الليلة التي بت عندنا ،فاقم عندنا ونحن نجري لك ما أحببت قال: لا ، ولكن تبيعوني هذا الظهر ولا يزلزل بكم ! فقالوا: فهو لك ، قال: لا آخذه إلا بالشراء فقالوا: فخذه ما شئت فاشتراه بسبع نعاج وأربعة أحمرة ، فلذلك سمي بانقيا ، لأن النعاج بالنبطية نقيا قال: فقال له غلامه: يا خليل الرحمن ما تصنع بهذا الظهر ليس فيه زرع ولا ضرع؟ فقال له: إن الله تعالى يحشر من هذا الظهر سبعين ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب يشفع الرجل منهم لكذا وكذا »! وفي حديث للإمام علي{ع} وهو يخاطب أرض الكوفة بقوله: (ما أحسن منظرك ، وأطيب قعرك، اللهم أجعله قبري). ومن خواص تربته إسقاط عذاب القبر وترك محاسبة منكر ونكير وكان عليه أفضل الصلاة والسلام إذا أتى أرض النجف يقول:(وادي السلام مجتمع أرواح المؤمنين، ونعم المضجع للمؤمن من هذا المكان.

*** قال رسول اللَّه{ص}لعليّ {ع} يا أبا الحسن، إن اللَّه جعل قبرك وقبر ولدك بقاعاً من بقاع الجنّة، وعرصة من عرصاتها .( الشبخ الطوسي، تهذيب الأحكام، /طبع بيروت.، ج 6، ص 22/ قال أبوقرة – من أصحاب زيد بن عليّ – إنطلقت أنا وزيد بن عليّ{ع} نحو الجبّانة وهي الصّحراء، فيها مقابر وما إستوى من الأرض فصلّى طويلاً، ثمّ قال لي : أبا قرّة أتدري أيّ موضع هذا ؟ قلت : لا، قال : نحن بقرب أمير المؤمنين{ع}يا أبا قرّة نحن في روضة من رياض الجنّة . وكثيرا ما قال الصادق{ع}:وأما البقعة الّتي فيها قبر أمير المؤمنين {ع} فإنّ نوحاً لمّا طافت السّفينة على الكعبة، هبط جبرئيل على نوح فقال : إنّ اللَّه يأمرك أن تنزل بين السّفينة والرّكن اليماني، فإذا استقرت قدماك على الأرض فأبحث عن تابوت آدم، فأحمله معك في السّفينة، وادفنه بظهر النّجف، بين الذّكوات البيض والكوفة، فإنّها بقعة اخترتها له أي لادم ولك يا نوح ولعليّ بن أبي طالب عليهم السلام جميعا . ففعل نوح ذلك، ووصّى إبنه ساماً أن يدفنه في البقعة التي دفن فيها ادم مع التّابوت. يقول الامام الصادق إذا زرتم أمير المؤمنين، فزوروا آدم ونوح عليهم ‏السّلام .

يقول الشاعر:.إذا مت فادفني إلى جنب حيدر … أبا شبر أكرم به وشبير .. فليس أخاف النار عند جواره … ولا أتقي من منكر ونكير …عار على حامي الحمى وهو في الحمى … ان ضل في البيداء عقال بعير .هناك ابيات تنسب الى امير المؤمنين{ع} حين زار حارث الحمداني الاعور قال له : يا حار همدان من يَمُت يرني// من مؤمن او منافق قبلا.. / يعرفني شخصه وأعرفه/ باسمه ونعته وما فعلا/ وأنت عند الصراط تعرفني /فلا تخف عثرة ولا زللا // سأسقيك من بارد على ظمأٍ ///// تختاله من الحلاوة عسلا // وأقول للنار حين نعرض للحشر // دعيه لا تقربي الرجلا // دعيه لا تقربيه انه // حبلاً بحبل الوصيّ متّصلا ..

***{تقديس يأتي بفعل الحوادث والاستصحاب}:مثلا الارض يمكن ان نرمي بها انقاض وازبال وغيرها.. ولكن لو خصصت تلك القطعة من الارض كمسجد . فأنها تأخذ احكام المسجدية. واقلها ان تنجس تلك الارض ولا ترمى بها ازبال وغيرها.. لأنها استصحبت اسم بيت الله. وهناك اراضي كانت ليس لها قيمة ولكن الحوادث حولتها الى مكان طاهر مقدس مثل ارض احد التي دفن فيها الشهداء ..

** هناك ارض ملعونة يسموها الفقهاء ارض الخسف .جاء في قوله تعالى (فخر عليهم السقف من فوقهم‏)‏ذكر أهل التفسير أن النمرود بن كنعان بنى ببابل بنيانا عظيما يقال إن ارتفاعه كان خمسة آلاف ذراع، فخسف الله بهم الارض بسبب كفره .. قال جويرية بن مسهر: «أقبلنا مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) من قتل الخوارج، حتّى إذا قطعنا في أرض بابل حضرت صلاة العصر، فنزل أمير المؤمنين(عليه السلام) ونزل الناس، فقال علي(عليه السلام): “أيّها الناس، إنّ هذه أرض ملعونة قد عذّبت في الدهر ثلاث مرّات، وهي إحدى المؤتفكات، وهي أوّل أرض عُبد فيها وثن، إنّه لا يحلّ لنبيّ ولا لوصيّ نبيّ أن يصلّي فيها، فمن أراد منكم أن يصلّي فليصلِّ”، فمال الناس عن جنبي الطريق يصلّون، وركب هو(عليه السلام) بغلة رسول الله(صلى الله عليه وآله) ومضى. قال جويرية: فقلت والله لأتبعنّ أمير المؤمنين(عليه السلام) ولأقلدنّه صلاتي اليوم، فمضيت خلفه، فوالله ما جزنا جسر سوراء حتّى غابت الشمس، فشككت، فالتفت إليَّ وقال: “يا جويرية أشككت”؟ فقلت: نعم يا أمير المؤمنين، فنزل(ع) عن ناحية فتوضّأ ثمّ قام، فنطق بكلام لا أحسنه ثمّ نادى: “الصلاة”، فنظرت والله إلى الشمس قد خرجت من كبد السماء لها صرير، فصلّى العصر وصلّينا معه، فلمّا فرغنا من صلاتنا عاد الليل كما كان، فالتفت إليَّ وقال: “يا جويرية بن مسهر، الله عزّ وجلّ يقول: (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ العَظِيمِ)،وإنّي سألت الله عزّ وجلّ باسمه العظيم.ـــــ يا من له ردّت ذكاء ولم يفز// بنظيرها من قبل إلاّ يوشع // يا هازم الأحزاب لا يثنيه عن // خوض الحمام مدجّج ومدرّع // يا قالع الباب الّذي عن هزّها //عجزت أكفٌّ أربعون وأربع // أنا في مديحك ألكنٌ لا أهتدي // وأنا الخطيب الهبرزيّ المصقع // أأقول فيك سميدعٌ كلاّ ولا // حاشا لمثلك أن يقال سميدع // بل أنت في يوم القيامة حاكمٌ// في العالمين وشافعٌ ومشفع ـ **قال الصادق{ع} إني لمّا كنت بالحيرة عند أبي العباس ، كنت آتي قبر أمير المؤمنين{ع}ليلاً وهو في النّجف إلى جانب الغريّ، فاصلّي عنده صلاة اللّيل وأنصرف.. وكان معه بعض اصحابه المخلصين ..

** روى الشّيخ الطّوسي (رحمه الله) عن محمّد بن مُسلم عن الصّادق {ع} قال : ما خلق الله خلقاً اكثر من الملائكة، وانّه لينزل كلّ يوم سبعون ألف ملك فيأتون البيت المعمُور، فيطوفون به فاذا هم طافوا به طافوا بالكعبة، فاذا طافوا بها أتوا قبر النّبي (ص) فسلّموا عليه، ثمّ أتوا قبر أمير المؤمنين (ع) فسلّموا عليه، ثمّ أتوا قبر الحسين (ع) فسلّموا عليه، ثمّ عرجُوا وينزل مثلهم أبداً الى يوم القيامة، ثمّ قال: مَن زار امير المؤمنين (ع) عارفاً بحقّه ويعترف بإمامته وَوجوب طاعته وانّه الخليفة للنّبي (ص) ، كتب الله له أجر مائة ألف شهيد، وغفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، وبعث من الامنين، وهوّن عليه الحساب.. في رمضان سنة 40 هـ 661م أستشهد الإمام متأثراً من أثر ضربة الملعون عبد الرحمن بن ملجم المرادي، قام بدفنه أولاده وشيعته المقربون سراً في النجف، طوال الحكم الأموي لم يشيد له ضريح، وإنما كان زيارة العلويين لقبره سرا.

** سبب تقديس كربلاء..تشتهر بين عامة المسلمين قدسية أرض كربلاء لأنها شهدت أبشع فاجعة عرفتها البشرية، قتل فيها ريحانة النبي الخاتم،{ص} الإمام الحسين {ع} في حادثة يشهد لها كل من قرأ أو سمع عنها بأنها “جريمة” بكل ما تحمل الكلمة من معنى. كما يرى اخرون، أن سر تفضيل هذه التربة على مثيلاتها، يعود لاحتوائها جسد الإمام الحسين، وأخيه العباس، وولده وصحبه عليهم السلام. اما الادلة :.. هناك جملة من الروايات الشريفة تشير إلى أن أفضلية كربلاء لا تقتصر عند حدود لحظة وقوع الفاجعة التي حدثت سنة 61 للهجرة، بل أن هناك سبق في التعظيم والتقديس لهذه البقعة التي اختارها الله.عندنا روايات كثيرة ..

من الروايات ما يشير إلى حوارية جرت بين أرضيّ كربلاء والكعبة وأيهما أعظم منزلة عند الله، وهو ما يقوي الرأي القائل بأن جسد الإمام الحسين عليه السلام طهّر هذه الأرض بدمائه الزاكية، خصوصاً وإننا نقرأ في زيارته {ع} في الأول من رجب والنصف من شعبان ” وَطَهُرَت اَرضٌ اَنتَ بِها وَطَهُرَ حَرَمُكَ”. وحسب رواية وردت عن الإمام الصادق{ع} فإن “أرض الكعبة “تباهت” بما وضع الله عليها من “بيت” يقصده الملايين من المسلمين من كل فجّ عميق. تقول الرواية، التي أوردها صاحب كتاب “وسائل الشيعة” ج 10، ص 403 “إن أرض الكعبة قالت: من مثلي وقد بُنيَ بيت الله بيته على ظهري، يأتيني الناس من كل فج عميق؟ وجعلت ارضي حرم الله وأمنه؟…”. “فأوحى الله إليها كفي وقري، ما فَضْلُ ما فضلت به فيما أعطيت أرض كربلاء إلا بمنزلة الابرة غمست في البحر، فحملت من ماء البحر، ولولا تربة كربلاء ما فضلتك، ولولا من ضمنته كربلاء لما خلقتك”

هناك رواية أخرى تتحدث عن نيل أرض كربلاء درجة العظمة والقداسة قبل ذلك، فقد ورد عن الإمام زين العابدين {ع} ” اتّخذ الله أرض كربلاء حَرماً آمناً مباركاً قبل أن يخلق الله أرض الكعبة ويتّخذها حرماً بأربعة وعشرين ألف عام، وأنّه إذا زلزل الله تبارك وتعالى الأرض وسيّرها رفعتْ بتربتها نورانيّة صافية، فجعلت في أفضل رَوضة مِن رياض الجنَّة، وأفضل مسكنٍ في الجنَّة، لا يسكنها إلاّ النّبيّون والمرسلون”.في رواية أخرى مشابهة، أنها -أي كربلاء- لتزهر من رياض الجنة كما يزهر الكوكب الدري من بين الكواكب لأهل الأرض يغشى نورها نور أبصار أهل الجنة جميعاً، وهي تنادي أنا أرض الله المقدسة، والطينة المباركة التي تضمنت سيد الشهداء وشباب أهل الجنة”.

صفوة القول، إن هذا المزيج الرائع من الروايات التي تتحدث عن حالات “القداسة” لأرض كربلاء يضعنا جميعاً أمام مسؤولية الالتزام الديني والأخلاقي تجاه هذه المدينة، سواء كنا زائرين أو مقيمين، او معزين . وهذا ما تحمله رسائل .. ولكربلاء خاصية على جميع الارض ان جعل الله في تربتها الشفاء وتحت قبتها الدعاء من كل داع يسمع ..

**اليكم الادلة من كتب جمهور المسلمين: روى الحاكم في (المستدرك) بسنده عن عبد الله بن وهب قال: أخبرتني أم سلمة (رض) أن رسول الله (ص) اضطجع ذات ليلة للنوم فاستيقظ وهو حائر ثم رقد ثم استيقظ وهو فاستيقظ وفي يده تربة حمراء يقبلها فقلت: ما هذه التربة يا رسول الله؟ قال: (أخبرني جبريل (ع) انها تربة ولدي الحسين ..يقتل بأرض العراق فقلت لجبريل أرني تربة الأرض التي يقتل بها وهذه تربته). قال الحاكم: هذا حديث صحيح على الشيخين ولم يخرّجاه. ووافقه الذهبي (أنظر المستدرك على الصحيحين 4: 440 وبذيله تلخيص المستدرك للذهبي).

وروى الهيثمي في (مجمع الزوائد) عن نجي الحضرمي أنه سار مع علي (ع) وكان صاحب مطهرته فلمّا حاذى نينوى (وهذا أحد الأسماء التي تسمى بها كربلاء) هي الحر الان وهو منطلق إلى صفين فنادى علي: صبرا أبا عبد الله أصبر أبا عبد الله أصبر أبا عبد الله بشط الفرات، قلت: وما ذاك قالت دخلت على النبي (ص) ذات يوم وإذا عيناه تذرفان دمعا قلت يا نبي الله أغضبك أحد ما شأن عينيك تفيضان قال بل قام من عندي جبريل (ع) ولخبرني أن الحسين يقتل بشط الفرات، قال فقال أهل لك أن أشمك من تربته قلَت نعم، قال فمد يده فقبض من تراب فأعطانيها فلم أملك عيني أن فاضتا.الهيثمي: (مجمع الزوائد 9: 1879).

فإنّ السجود على تربة كربلاء له فضيلة كبيرة حسب ما جاء في الروايات ، وهذا ليس معناه أنّ السجود يكون للحسين ( ع) ، بل لله تعالى ، والتربة الحسينيّة بحسب الاصطلاح الفقهي « مسجودٌ عليها » والسجود عليها مستحبّ وليس واجباً ; والنكتة في ذلك هو أنّ ذلك التراب قد عُجن بدم أكبر حام للإسلام وهو الذي زلزل أركان الحكومة الأُمويّة الظالمة ، والسجود على تلك التربة اوجدها الامام زين العابدين حين رجوعه من الاسر .. اخذ شيئا من ترابها في منديل .. فسالوه عنها فقال.. ان الصلاة عليها والدعاء يخترق الحجب السبعة ..وهو ذكرٌ لأُولئك الشهداء الذين بذلوا مهجهم من أجل حماية الدِّين ، وهم أنصار الحسين ( ع) الذين آثروا الموت على العيش الذليل والركون إلى الظَّلَمة .أمّا القول بأنّ رسول الله ( ص) لم يسجد على تربة الحسين ( ع) ـ إن كان ذلك صحيحاً ـ فيعود إلى أنّ ملاك السجود على تلك التربة الشريفة لم يتحقّق بعد ، ولأنّ ذلك التراب لم يُسق من دم الحسين بعدُ ، ولم يكتسب البركة .

في رواية أخرى يرويها الهيثمي عن الطبراني بسنده عن أم سلمة قالت: كان رسول (صلى الله عليه وآله وسلم) جالساً ذات يوم في بيتي قال لا يدخل عليَّ أحد فانتظرت فدخل الحسين فسمعت نشيج (والنشيج: صوت معه توجع وبكاء) رسول الله يبكي فأطلت فإذا حسين في حجره والنبي يمسح جبينه وهو يبكي فقلت والله ما علمت حين دخل فقال إن جبريل (ع) كان معنا في البيت قال: أفتحبه، قلت: أما في الدنيا فنعم، قال إن أمتك ستقتل هذا بأرض يقال لها كربلاء، فتناول جبريل من تربتها فأراها النبي

*** لما التقى الحر بالحسين وسايره الى حين قتل .. توقف جواده قال ما اسم هذه الأرض قالوا كربلاء فقال صدق الله ورسوله كرب وبلاء. ثم قال استعدوا للبلاء. ووقف القوم ينظرون في وجهه.. ينتظرون القرار.

سـبط الرّســول بكـربــلا تحـيّـر نجيبه /نادى شِسِم هالكاع يَبطال الحريـبه / كالـوا يبو السجّاد اسمها الغاضريّـات/ والها اسم عند الخلايق شط الفرات / معلومه والمعروف يا سيد السادات // كلهم وقلبه من الحزن يسعر لهيبـه / بـالله شسمها غـير هـذا يــا صنـاديــد /قالوا طفوف وكربلا يبن الاماجيـد / قلهـم انزلوا غـير هـذي الارض ماريد وقولوا لزيـنب تِستـعدّ الهـالمصيـبـه / انكان هـذي كربـلا بـشـروا ابّـلايــا // ونزلـوا تـرى لاحــت علامـات المنـايا//لازم بجـانب هـالنّهر نقضي ظمـايـا // واجسـادنا تبقى على الغبرا سليبـه//طنّب خيامه بكربلا مهجة المخـتـار // ودارت عليه جنود اميّه زغار واكبار// ودموع عينه فوك خدّه شبه الامطار// وكبال عينه ينتخي كبش الكتيبـه ــــ

ثـار برعيـده صاحـب الصّولات عبّاس // بطل البجا خويه وارفع الرّاس

لفعل فـعـل بيه للحشر تتحدّث النّـاس // نشّـف دموعـه بـوعـلي وسكّن نحـيبه.. /قلـّه وقلبـه مـن الوجد والحزن مفـتوت // تدري بخوك حسين مايرهب من المـوت //حزني لجل سلب الحريم وحرق البيوت// كم أرمله تبقى عقب عيني سليبـه //ما هاجت احزاني لجل ذبحة رجـالي // حزني يبو فاضل على ضيعة اطفالي // وشحال زينب لـو بقت مـن غـير والي // متـحيّره بـايتام مدهوشـه وغـريـبـه…

 

 

الشيخ عبد الحافظ البغدادي

19/7/2022

 

 

الشيخ عبد الحافظ البغدادي

 

فِدَاءً لمثواكَ من مَضْجَعِ ******** تَنَوَّرَ بالأبلَجِ الأروَعِ

شَمَمْتُ ثَرَاكَ فَهَبَّ النَّسِيمُ ******نَسِيمُ الكَرَامَةِ مِنْ بَلْقَعِ

وعَفَّرْتُ خَدِّي بحيثُ استراحَ*****خَدٌّ تَفَرَّى ولم يَضْرَعِ

وحيثُ سنابِكُ خيلِ الطُّغَاةِ******جالتْ عليهِ ولم يَخْشَعِ

وَخِلْتُ وقد طارتِ الذكرياتُ*****بِروحي إلى عَالَمٍ أرْفَعِ

وطُفْتُ بقبرِكَ طَوْفَ الخَيَالِ****بصومعةِ المُلْهَمِ المُبْدِعِ

كأنَّ يَدَاً مِنْ وَرَاءِ الضَّرِيحِ** حمراءَ ” مَبْتُورَةَ الإصْبَعِ”

تَمُدُّ إلى عَالَمٍ بالخُنُوعِ ******وَالضَّيْمِ ذي شَرَقٍ مُتْرَعِ

َفيابنَ البتولِ وحَسْبِي بِهَا***ضَمَاناً على كُلِّ ما أَدَّعِي

ويابنَ التي لم يَضَعْ مِثْلُها**** كمِثْلِكِ حَمْلاً ولم تُرْضِعِ

ويابنَ البَطِينِ بلا بِطْنَةٍ****ويابنَ الفتى الحاسرِ الأنْزَعِ

ويا واصِلاً من نشيدِ الخُلود***خِتَامَ القصيدةِ بالمَطْلَعِ

وجَدْتُكَ في صورةٍ لم أُرَعْ **** بِأَعْظَمَ منها ولا أرْوَعِ

بأنَّ (الإباءَ) ووحيَ السَّمَاءِ*وفَيْضَ النُّبُوَّةِ ، مِنْ مَنْبَعِ

 

(( كيف تشرفت النجف ــ وكيف تقدست كربلاء..؟))

 

لا يختلف اثنان ان الارض كلها ملك الله. وكلمة ملك في اللغة العربية تعني ” حاز واحتوى وملك” .الآية واضحة الدلالة تقول ان الله احتوى السماوات والأرض .ولا يمكن لأحد ان يدعي خلق ذرة من تراب او خلق كوكبا او شمسا او قمرا . الخ .

*** ما هي مراحل خلق السماوات والأرض : يعرض القرآن الكريم امور غامضة في خلق السماوات والأرض لا يمكن معرفتها، وتعد من الأسرار يقول تعالى:( مَّا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا).الضمير عائد على إبليس وذريته ; أي لم أشاورهم في خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم بل على ما أردت.

***** كيف تشرفت النجف الاشرف .؟ وكيف تقدست كربلاء ..؟

في البداية لا بد ان نرجع الى تاريخ النجف لمن تعود ارضها ..؟ وكيف انتقلت للإمام علي{ع} ولماذا ندفن موتانا الى جوار امير المؤمنين.؟

حين نزل قوله تعالى : رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37) .هاجر إبراهيم (ع) بعائلته معه زوجته سارة وابن خالته لوط (ع) وعشرات من الرعاة وخدمه وحشمه وسكن اخيرا في بلاد الشام، وهناك حدثت قضية لوط {ع} في الاردن من بلاد الشام , وسكن ابراه9يم الخليل بلدة الخليل واشترى جبلاً فيها وجعله مقبرة له ولأسرته ، ومنها بئر السبع في النقب ، ويروى أنها سبعة آبار احتفرها .

كما كان يزور العراق بعد أن هلك النمرود وانتهى حكمه عليه بالنفي، وأسس فيه مسجد الكوفة والسهلة والنخيلة ، واشترى فيه أرض القادسية والنجف وكربلاء. وكان قد اشترى الارض حين بات في ظهر الكوفة . وهي مدينة النجف التي كانت تسمى { البرشة} وتعني الماء المتصل بالبحر. هذا يعني ان ذلك الوقت كان البحر متصلا بالبحر . فالنجف من ملك نبينا ابراهيم {ع} وورثها الانبياء ابناءه كلهم الى نبينا محمد (ص) ووريث محمد هم علي وفاطمة والحسن والحسين{ع} فكيف لا تقدس. عن أبان بن تغلب قال: كنت مع أبي عبد الله الصادق{ع} فمر بظهر الكوفة، فنزل فصلّى ركعتين، ثم سار قليلاً فصلّى ركعتين، ثم سار قليلاً فنزل فصلّى ركعتين، ثم اشار الى موقع وقال: ”هذا موضع قبر أمير المؤمنين “قلت: جعلت فداك والموضعان اللذان صليت بهما! قال الاول: موضع رأس الحسين{ع} والثاني موضع منبر القائم.{عج}. جاء هذا الخبر في عدة مصادر حين اراد الامام جعفر الصادق{ع} ان يكشف عن قبر جده امير المؤمنين . كان يصطحب بعض المؤمنين الثقاة معه فيدلهم. يروى عن صفوان انّه لما اطلع على موضع قبر علي بن أبي طالب{ع} ببركة جعفر الصادق قال: فمكثت 20 سنة يصلّي عنده، وهناك علّمه جعفر الصادق زيارة الحسين في بوم الأربعين. «اما بأنقيا هي القادسية وما حولها إنما سميت قادسية بدعوة إبراهيم الخليل (ع) لأنه قال:{كوني مقدسة مطهرة من التقديس}. وإنما سميت القادسية بانقيا لأن إبراهيم اشتراها بمائة نعجة من غنمه لأن با: مائة ونقيا: شاة ، بلغة النبط وقد ذكر بانقيا عدد منة الشعراء ، وفسره علماء اللغة..

جاء في كتاب علل الشرائع:2/585 ، عن علي (ع) قال: « إن إبراهيم (ع)مر ببانقيا فكان يزلزل بها فبات بها ، فأصبح القوم ولم يزلزل بهم ، فقالوا: ما السبب ، قالوا: نزل هاهنا شيخ ومعه غلام له: فأتوه فقالوا له: يا شيخ إنه كان يزلزل بنا كل ليلة ولم يزلزل بنا الليلة التي بت عندنا ،فاقم عندنا ونحن نجري لك ما أحببت قال: لا ، ولكن تبيعوني هذا الظهر ولا يزلزل بكم ! فقالوا: فهو لك ، قال: لا آخذه إلا بالشراء فقالوا: فخذه ما شئت فاشتراه بسبع نعاج وأربعة أحمرة ، فلذلك سمي بانقيا ، لأن النعاج بالنبطية نقيا قال: فقال له غلامه: يا خليل الرحمن ما تصنع بهذا الظهر ليس فيه زرع ولا ضرع؟ فقال له: إن الله تعالى يحشر من هذا الظهر سبعين ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب يشفع الرجل منهم لكذا وكذا »! وفي حديث للإمام علي{ع} وهو يخاطب أرض الكوفة بقوله: (ما أحسن منظرك ، وأطيب قعرك، اللهم أجعله قبري). ومن خواص تربته إسقاط عذاب القبر وترك محاسبة منكر ونكير وكان عليه أفضل الصلاة والسلام إذا أتى أرض النجف يقول:(وادي السلام مجتمع أرواح المؤمنين، ونعم المضجع للمؤمن من هذا المكان.

*** قال رسول اللَّه{ص}لعليّ {ع} يا أبا الحسن، إن اللَّه جعل قبرك وقبر ولدك بقاعاً من بقاع الجنّة، وعرصة من عرصاتها .( الشبخ الطوسي، تهذيب الأحكام، /طبع بيروت.، ج 6، ص 22/ قال أبوقرة – من أصحاب زيد بن عليّ – إنطلقت أنا وزيد بن عليّ{ع} نحو الجبّانة وهي الصّحراء، فيها مقابر وما إستوى من الأرض فصلّى طويلاً، ثمّ قال لي : أبا قرّة أتدري أيّ موضع هذا ؟ قلت : لا، قال : نحن بقرب أمير المؤمنين{ع}يا أبا قرّة نحن في روضة من رياض الجنّة . وكثيرا ما قال الصادق{ع}:وأما البقعة الّتي فيها قبر أمير المؤمنين {ع} فإنّ نوحاً لمّا طافت السّفينة على الكعبة، هبط جبرئيل على نوح فقال : إنّ اللَّه يأمرك أن تنزل بين السّفينة والرّكن اليماني، فإذا استقرت قدماك على الأرض فأبحث عن تابوت آدم، فأحمله معك في السّفينة، وادفنه بظهر النّجف، بين الذّكوات البيض والكوفة، فإنّها بقعة اخترتها له أي لادم ولك يا نوح ولعليّ بن أبي طالب عليهم السلام جميعا . ففعل نوح ذلك، ووصّى إبنه ساماً أن يدفنه في البقعة التي دفن فيها ادم مع التّابوت. يقول الامام الصادق إذا زرتم أمير المؤمنين، فزوروا آدم ونوح عليهم ‏السّلام .

يقول الشاعر:.إذا مت فادفني إلى جنب حيدر … أبا شبر أكرم به وشبير .. فليس أخاف النار عند جواره … ولا أتقي من منكر ونكير …عار على حامي الحمى وهو في الحمى … ان ضل في البيداء عقال بعير .هناك ابيات تنسب الى امير المؤمنين{ع} حين زار حارث الحمداني الاعور قال له : يا حار همدان من يَمُت يرني// من مؤمن او منافق قبلا.. / يعرفني شخصه وأعرفه/ باسمه ونعته وما فعلا/ وأنت عند الصراط تعرفني /فلا تخف عثرة ولا زللا // سأسقيك من بارد على ظمأٍ ///// تختاله من الحلاوة عسلا // وأقول للنار حين نعرض للحشر // دعيه لا تقربي الرجلا // دعيه لا تقربيه انه // حبلاً بحبل الوصيّ متّصلا ..

***{تقديس يأتي بفعل الحوادث والاستصحاب}:مثلا الارض يمكن ان نرمي بها انقاض وازبال وغيرها.. ولكن لو خصصت تلك القطعة من الارض كمسجد . فأنها تأخذ احكام المسجدية. واقلها ان تنجس تلك الارض ولا ترمى بها ازبال وغيرها.. لأنها استصحبت اسم بيت الله. وهناك اراضي كانت ليس لها قيمة ولكن الحوادث حولتها الى مكان طاهر مقدس مثل ارض احد التي دفن فيها الشهداء ..

** هناك ارض ملعونة يسموها الفقهاء ارض الخسف .جاء في قوله تعالى (فخر عليهم السقف من فوقهم‏)‏ذكر أهل التفسير أن النمرود بن كنعان بنى ببابل بنيانا عظيما يقال إن ارتفاعه كان خمسة آلاف ذراع، فخسف الله بهم الارض بسبب كفره .. قال جويرية بن مسهر: «أقبلنا مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) من قتل الخوارج، حتّى إذا قطعنا في أرض بابل حضرت صلاة العصر، فنزل أمير المؤمنين(عليه السلام) ونزل الناس، فقال علي(عليه السلام): “أيّها الناس، إنّ هذه أرض ملعونة قد عذّبت في الدهر ثلاث مرّات، وهي إحدى المؤتفكات، وهي أوّل أرض عُبد فيها وثن، إنّه لا يحلّ لنبيّ ولا لوصيّ نبيّ أن يصلّي فيها، فمن أراد منكم أن يصلّي فليصلِّ”، فمال الناس عن جنبي الطريق يصلّون، وركب هو(عليه السلام) بغلة رسول الله(صلى الله عليه وآله) ومضى. قال جويرية: فقلت والله لأتبعنّ أمير المؤمنين(عليه السلام) ولأقلدنّه صلاتي اليوم، فمضيت خلفه، فوالله ما جزنا جسر سوراء حتّى غابت الشمس، فشككت، فالتفت إليَّ وقال: “يا جويرية أشككت”؟ فقلت: نعم يا أمير المؤمنين، فنزل(ع) عن ناحية فتوضّأ ثمّ قام، فنطق بكلام لا أحسنه ثمّ نادى: “الصلاة”، فنظرت والله إلى الشمس قد خرجت من كبد السماء لها صرير، فصلّى العصر وصلّينا معه، فلمّا فرغنا من صلاتنا عاد الليل كما كان، فالتفت إليَّ وقال: “يا جويرية بن مسهر، الله عزّ وجلّ يقول: (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ العَظِيمِ)،وإنّي سألت الله عزّ وجلّ باسمه العظيم.ـــــ يا من له ردّت ذكاء ولم يفز// بنظيرها من قبل إلاّ يوشع // يا هازم الأحزاب لا يثنيه عن // خوض الحمام مدجّج ومدرّع // يا قالع الباب الّذي عن هزّها //عجزت أكفٌّ أربعون وأربع // أنا في مديحك ألكنٌ لا أهتدي // وأنا الخطيب الهبرزيّ المصقع // أأقول فيك سميدعٌ كلاّ ولا // حاشا لمثلك أن يقال سميدع // بل أنت في يوم القيامة حاكمٌ// في العالمين وشافعٌ ومشفع ـ **قال الصادق{ع} إني لمّا كنت بالحيرة عند أبي العباس ، كنت آتي قبر أمير المؤمنين{ع}ليلاً وهو في النّجف إلى جانب الغريّ، فاصلّي عنده صلاة اللّيل وأنصرف.. وكان معه بعض اصحابه المخلصين ..

** روى الشّيخ الطّوسي (رحمه الله) عن محمّد بن مُسلم عن الصّادق {ع} قال : ما خلق الله خلقاً اكثر من الملائكة، وانّه لينزل كلّ يوم سبعون ألف ملك فيأتون البيت المعمُور، فيطوفون به فاذا هم طافوا به طافوا بالكعبة، فاذا طافوا بها أتوا قبر النّبي (ص) فسلّموا عليه، ثمّ أتوا قبر أمير المؤمنين (ع) فسلّموا عليه، ثمّ أتوا قبر الحسين (ع) فسلّموا عليه، ثمّ عرجُوا وينزل مثلهم أبداً الى يوم القيامة، ثمّ قال: مَن زار امير المؤمنين (ع) عارفاً بحقّه ويعترف بإمامته وَوجوب طاعته وانّه الخليفة للنّبي (ص) ، كتب الله له أجر مائة ألف شهيد، وغفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، وبعث من الامنين، وهوّن عليه الحساب.. في رمضان سنة 40 هـ 661م أستشهد الإمام متأثراً من أثر ضربة الملعون عبد الرحمن بن ملجم المرادي، قام بدفنه أولاده وشيعته المقربون سراً في النجف، طوال الحكم الأموي لم يشيد له ضريح، وإنما كان زيارة العلويين لقبره سرا.

** سبب تقديس كربلاء..تشتهر بين عامة المسلمين قدسية أرض كربلاء لأنها شهدت أبشع فاجعة عرفتها البشرية، قتل فيها ريحانة النبي الخاتم،{ص} الإمام الحسين {ع} في حادثة يشهد لها كل من قرأ أو سمع عنها بأنها “جريمة” بكل ما تحمل الكلمة من معنى. كما يرى اخرون، أن سر تفضيل هذه التربة على مثيلاتها، يعود لاحتوائها جسد الإمام الحسين، وأخيه العباس، وولده وصحبه عليهم السلام. اما الادلة :.. هناك جملة من الروايات الشريفة تشير إلى أن أفضلية كربلاء لا تقتصر عند حدود لحظة وقوع الفاجعة التي حدثت سنة 61 للهجرة، بل أن هناك سبق في التعظيم والتقديس لهذه البقعة التي اختارها الله.عندنا روايات كثيرة ..

من الروايات ما يشير إلى حوارية جرت بين أرضيّ كربلاء والكعبة وأيهما أعظم منزلة عند الله، وهو ما يقوي الرأي القائل بأن جسد الإمام الحسين عليه السلام طهّر هذه الأرض بدمائه الزاكية، خصوصاً وإننا نقرأ في زيارته {ع} في الأول من رجب والنصف من شعبان ” وَطَهُرَت اَرضٌ اَنتَ بِها وَطَهُرَ حَرَمُكَ”. وحسب رواية وردت عن الإمام الصادق{ع} فإن “أرض الكعبة “تباهت” بما وضع الله عليها من “بيت” يقصده الملايين من المسلمين من كل فجّ عميق. تقول الرواية، التي أوردها صاحب كتاب “وسائل الشيعة” ج 10، ص 403 “إن أرض الكعبة قالت: من مثلي وقد بُنيَ بيت الله بيته على ظهري، يأتيني الناس من كل فج عميق؟ وجعلت ارضي حرم الله وأمنه؟…”. “فأوحى الله إليها كفي وقري، ما فَضْلُ ما فضلت به فيما أعطيت أرض كربلاء إلا بمنزلة الابرة غمست في البحر، فحملت من ماء البحر، ولولا تربة كربلاء ما فضلتك، ولولا من ضمنته كربلاء لما خلقتك”

هناك رواية أخرى تتحدث عن نيل أرض كربلاء درجة العظمة والقداسة قبل ذلك، فقد ورد عن الإمام زين العابدين {ع} ” اتّخذ الله أرض كربلاء حَرماً آمناً مباركاً قبل أن يخلق الله أرض الكعبة ويتّخذها حرماً بأربعة وعشرين ألف عام، وأنّه إذا زلزل الله تبارك وتعالى الأرض وسيّرها رفعتْ بتربتها نورانيّة صافية، فجعلت في أفضل رَوضة مِن رياض الجنَّة، وأفضل مسكنٍ في الجنَّة، لا يسكنها إلاّ النّبيّون والمرسلون”.في رواية أخرى مشابهة، أنها -أي كربلاء- لتزهر من رياض الجنة كما يزهر الكوكب الدري من بين الكواكب لأهل الأرض يغشى نورها نور أبصار أهل الجنة جميعاً، وهي تنادي أنا أرض الله المقدسة، والطينة المباركة التي تضمنت سيد الشهداء وشباب أهل الجنة”.

صفوة القول، إن هذا المزيج الرائع من الروايات التي تتحدث عن حالات “القداسة” لأرض كربلاء يضعنا جميعاً أمام مسؤولية الالتزام الديني والأخلاقي تجاه هذه المدينة، سواء كنا زائرين أو مقيمين، او معزين . وهذا ما تحمله رسائل .. ولكربلاء خاصية على جميع الارض ان جعل الله في تربتها الشفاء وتحت قبتها الدعاء من كل داع يسمع ..

**اليكم الادلة من كتب جمهور المسلمين: روى الحاكم في (المستدرك) بسنده عن عبد الله بن وهب قال: أخبرتني أم سلمة (رض) أن رسول الله (ص) اضطجع ذات ليلة للنوم فاستيقظ وهو حائر ثم رقد ثم استيقظ وهو فاستيقظ وفي يده تربة حمراء يقبلها فقلت: ما هذه التربة يا رسول الله؟ قال: (أخبرني جبريل (ع) انها تربة ولدي الحسين ..يقتل بأرض العراق فقلت لجبريل أرني تربة الأرض التي يقتل بها وهذه تربته). قال الحاكم: هذا حديث صحيح على الشيخين ولم يخرّجاه. ووافقه الذهبي (أنظر المستدرك على الصحيحين 4: 440 وبذيله تلخيص المستدرك للذهبي).

وروى الهيثمي في (مجمع الزوائد) عن نجي الحضرمي أنه سار مع علي (ع) وكان صاحب مطهرته فلمّا حاذى نينوى (وهذا أحد الأسماء التي تسمى بها كربلاء) هي الحر الان وهو منطلق إلى صفين فنادى علي: صبرا أبا عبد الله أصبر أبا عبد الله أصبر أبا عبد الله بشط الفرات، قلت: وما ذاك قالت دخلت على النبي (ص) ذات يوم وإذا عيناه تذرفان دمعا قلت يا نبي الله أغضبك أحد ما شأن عينيك تفيضان قال بل قام من عندي جبريل (ع) ولخبرني أن الحسين يقتل بشط الفرات، قال فقال أهل لك أن أشمك من تربته قلَت نعم، قال فمد يده فقبض من تراب فأعطانيها فلم أملك عيني أن فاضتا.الهيثمي: (مجمع الزوائد 9: 1879).

فإنّ السجود على تربة كربلاء له فضيلة كبيرة حسب ما جاء في الروايات ، وهذا ليس معناه أنّ السجود يكون للحسين ( ع) ، بل لله تعالى ، والتربة الحسينيّة بحسب الاصطلاح الفقهي « مسجودٌ عليها » والسجود عليها مستحبّ وليس واجباً ; والنكتة في ذلك هو أنّ ذلك التراب قد عُجن بدم أكبر حام للإسلام وهو الذي زلزل أركان الحكومة الأُمويّة الظالمة ، والسجود على تلك التربة اوجدها الامام زين العابدين حين رجوعه من الاسر .. اخذ شيئا من ترابها في منديل .. فسالوه عنها فقال.. ان الصلاة عليها والدعاء يخترق الحجب السبعة ..وهو ذكرٌ لأُولئك الشهداء الذين بذلوا مهجهم من أجل حماية الدِّين ، وهم أنصار الحسين ( ع) الذين آثروا الموت على العيش الذليل والركون إلى الظَّلَمة .أمّا القول بأنّ رسول الله ( ص) لم يسجد على تربة الحسين ( ع) ـ إن كان ذلك صحيحاً ـ فيعود إلى أنّ ملاك السجود على تلك التربة الشريفة لم يتحقّق بعد ، ولأنّ ذلك التراب لم يُسق من دم الحسين بعدُ ، ولم يكتسب البركة .

في رواية أخرى يرويها الهيثمي عن الطبراني بسنده عن أم سلمة قالت: كان رسول (صلى الله عليه وآله وسلم) جالساً ذات يوم في بيتي قال لا يدخل عليَّ أحد فانتظرت فدخل الحسين فسمعت نشيج (والنشيج: صوت معه توجع وبكاء) رسول الله يبكي فأطلت فإذا حسين في حجره والنبي يمسح جبينه وهو يبكي فقلت والله ما علمت حين دخل فقال إن جبريل (ع) كان معنا في البيت قال: أفتحبه، قلت: أما في الدنيا فنعم، قال إن أمتك ستقتل هذا بأرض يقال لها كربلاء، فتناول جبريل من تربتها فأراها النبي

*** لما التقى الحر بالحسين وسايره الى حين قتل .. توقف جواده قال ما اسم هذه الأرض قالوا كربلاء فقال صدق الله ورسوله كرب وبلاء. ثم قال استعدوا للبلاء. ووقف القوم ينظرون في وجهه.. ينتظرون القرار.

سـبط الرّســول بكـربــلا تحـيّـر نجيبه /نادى شِسِم هالكاع يَبطال الحريـبه / كالـوا يبو السجّاد اسمها الغاضريّـات/ والها اسم عند الخلايق شط الفرات / معلومه والمعروف يا سيد السادات // كلهم وقلبه من الحزن يسعر لهيبـه / بـالله شسمها غـير هـذا يــا صنـاديــد /قالوا طفوف وكربلا يبن الاماجيـد / قلهـم انزلوا غـير هـذي الارض ماريد وقولوا لزيـنب تِستـعدّ الهـالمصيـبـه / انكان هـذي كربـلا بـشـروا ابّـلايــا // ونزلـوا تـرى لاحــت علامـات المنـايا//لازم بجـانب هـالنّهر نقضي ظمـايـا // واجسـادنا تبقى على الغبرا سليبـه//طنّب خيامه بكربلا مهجة المخـتـار // ودارت عليه جنود اميّه زغار واكبار// ودموع عينه فوك خدّه شبه الامطار// وكبال عينه ينتخي كبش الكتيبـه ــــ

ثـار برعيـده صاحـب الصّولات عبّاس // بطل البجا خويه وارفع الرّاس

لفعل فـعـل بيه للحشر تتحدّث النّـاس // نشّـف دموعـه بـوعـلي وسكّن نحـيبه.. /قلـّه وقلبـه مـن الوجد والحزن مفـتوت // تدري بخوك حسين مايرهب من المـوت //حزني لجل سلب الحريم وحرق البيوت// كم أرمله تبقى عقب عيني سليبـه //ما هاجت احزاني لجل ذبحة رجـالي // حزني يبو فاضل على ضيعة اطفالي // وشحال زينب لـو بقت مـن غـير والي // متـحيّره بـايتام مدهوشـه وغـريـبـه…