19 ديسمبر، 2024 10:59 م

مجتمعنا يتحقق إتهامه بتوصيفات مجحفة لا تمت بصلة إليه , فهذا يصمه بالإزدواجية ويتمنطق بلغة البداوة والحضارة المستوحاة من رؤى إبن خلدون , وذاك يجتهد بتقنينه بشخصيات وكينونات , وكأنه مجتمع لا يشبه مجتمعات الدنيا , وبشره من كواكب أخرى.
وفي هذا إعتداء سافر على المجتمع , وينطبق عليها:
“بَعْدَ الجِمَل ما طاحْ كِثرَنْ سِجاجينَه… يِلتِفِتْ ما مِنْ وَفيْ عَلِّي جَرَه ايْعينَه”
فكلٌّ يجتهد بكتابات إنشائية يوهم الآخرين بأنها دراسات وتحليلات ذات قيمة تغييرية , وما هي إلا لتكريس ما هو قائم , وفقا للمنظار الذي يتحقق به الإقتراب من المجتمع.
وأكثر الذين كتبوا ويكتبون يعتمدون على نظريات أجنبية , ومن الصعب أن تعثر على دراسة مبنية على الملاحظة وتقيمها وتمتاز ببعض الأصالة.
مجتمعنا كأي مجتمع , وإنساننا كأي الناس في هذه الدنيا , لو وضعته في الصين سيتبع النظام الصيني في الحياة , ولو وضعته في الدول الغربية فأنه سيمضي على منهج الحياة فيها , فالعلة الحقيقية ليست في الإنسان وحسب , وإنما بالنظام السياسي الذي يكون فيه.
فالدول المتقدمة فيها بشر من كافة الثقافات والأعراق , ويعيشون وفقا لنظام مستقر ومعمول به بثبات , فهناك دستور وقوانين وضوابط راسخة لا يمكن تجاوزها.
وفي مجتمعاتنا لا قيمة للدستور والقانون , وهذه علة العلل , ومبعث الويلات والخلل , وبسبب ذلك فشلت المجتمعات في إقامة نظام سياسي مستقر , وإعتمدت على الإنقلابات وما تسميه بالثورات , وهي آليات لتحقيق أطماع الدول المستعمرة للمنطقة.
فدول المنطقة ليست ذات سيادة ولا تمتلك إرادة تقرير المصير , وأنظمتها فردية مستبدة لتحقيق رغبات القوى ذات المصالح , وبموجب ذلك تؤسس لما تسميه نظام حكم يتوافق وتحقيق المشاريع المطلوبة.
ولهذا فأن مجتمعاتنا منفية ومصادرة الحقوق , ولا يمكننا أن نلومها ونحملها أمورا لا طاقة لها بها , فكم ثارت وتظاهرت وما أنجزته مزيدا من الموت والتعذيب والقهر , والدول المستعمرة للبلاد والعباد تتفرج وما رف لها جفن , لأن مصالحها في أمان.
والفساد المستشري في دولنا تسانده وتغذيه وتسهل سبله الدول المتقدمة , التي تساعد على نهب ثروات البلاد وتصميدها في بنوكها , وهي تعرف جيدا أنها أموال منهوبة , وتجتهد في إجتذابها ومصادرتها بعد حين بلعبة من اللعب المعروفة.
وأي نظام حكم لا ينهب ويسلب ويضع الأموال في البنوك الأجنبية يتم تغييره !!
فلماذا نساهم في تسويغ ما هو مناهض للحقيقة والواقع , ونمعن بإلقاء اللوم على الناس المبتلاة بالطامعين بها والقابضين على مصيرها؟!!
علينا أن نفكر بآليات وطنية وإنسانية نبيلة سامية!!

أحدث المقالات

أحدث المقالات